* مكة المكرمة - أحمد الأحمدي:
أكد عدد من المسؤولين والمشاركين في اللقاء الثاني للحوار الوطني الذي ينظمه حاليا مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بفندق مكة موليتان بالعاصمة المقدسة على أهمية عقد مثل هذه اللقاءات الفكرية لاثراء الحوار الفكري وتبادل الآراء والأفكار البناءة التي تعود على الوطن والمواطن بالنفع والفائدة. وقالوا في تصريحات ل«الجزيرة» انهم سعداء بالمشاركة في هذا اللقاء الذي يعقد في رحاب أم القرى خاصة بعد النجاحات التي تحققت في اللقاء الأول.
أهمية بالغة
حيث تحدث في البداية معالي الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ورئيس اللقاء الثاني للحوار الوطني الذي يعقد حاليا في العاصمة المقدسة. فقال لاشك ان لهذا اللقاء أهمية كبيرة خاصة وان البشرية لم تتعرض في كل العصور الماضية لخطر الغلو والتطرف لما تتعرض له في هذا العصر. واستطرد معاليه قائلا: إذا كانت حرية الرأي والتعبير مجرد مكنة ورخصة تسعى المجتمعات الأخرى لحمايتها فهي بالنسبة للمجتمع المسلم ترتقي أحيانا الى رتبة الوجوب والالتزام في عرف هذا المجتمع (الساكت عن والحق شيطان أخرس) ولا شك ان أهمية هذا اللقاء تظهر في أن البشرية كما أسلفنا القول لم تتعرض في كل عصورها لخطر الغلو والتطرف كما تتعرض له في هذا العصر.. فقد عانى كثير من الناس سبعين سنة من تطرف الايديولوجية الشيوعية ويتعرض الآن لتطرف أيدلوجيات أخرى تتذرع بأفظع وأشرس تكنلوجيا التدمير كما يتعرض الإنسان لخطر الغلو الايدلوجي على المستوى الكوني فإنه يتعرض له بالمثل على المستوى الاقليمي والمحلي. وأشار معالي الشيخ الحصين إلى ان حوارنا الوطني هو علامة فارقة في تاريخنا المعاصر ووسيلة واعدة في مسيرة نهضتنا ندعو الله ان يحقق آمال المخلصين وان يبقى دائما عاملا إيجابيا في سبيل تثبيت هويتنا وترسيخ مبادئنا وحماية وحدتنا وان يوفقنا حكاما ومحكومين لما يحبه ويرضاه.
الاصلاح العام
وأشار معالي الشيخ الحصين إلى ان هذا اللقاء الثاني للحوار الفكري يشارك فيه كما هو معلوم 60 مفكراً ومثقفا ومثقفة. وقال ان فكرة اللقاء الأول وموضوعه هو الحوار في حد ذاته وترسيخه ليكون أسلوبا من أساليب الحياة لأنه يخدم الاصلاح العام فهو وسيلة للتعرف على اتجاهات الرأي العام وايصالها لصانع القرار أو المنظر أو غيره وهو أيضا قناة للتعبير الحر البناء لنتخلص من أساليب الحرية المطلقة في التعبير، وأشار الشيخ الحصين إلى انه تم الاتفاق على عقد سلسلة من مثل هذه اللقاءات الحوارية ويخصص كل لقاء منها لبحث موضوع معين، مؤكداً ان اللجنة سيكون دورها إدارة الحوار ولن تتدخل فيه لأن البعض يورد معلومة والبعض الآخر يورد رأيا ولكن نورد رأيا خاصا بناء.
القدرة على التعبير
وأشار معاليه الى ان اللقاء الأول للحوار الوطني الذي عقد في مدينة الرياض أثبت القدرة على التعبير عن الرأي بمنتهى الشفافية والصراحة والابتعاد عن كل ما يؤثر على الحوار أو ان يكون مجالا للهمز والغمز سواء للأشخاص أو للأفكار أو المذاهب أو الجماعات، وقال الحصين ان القرآن الكريم هو المصدر للتصور السليم والطريق السليم للعلاج وقد ورد الاعتدال في القرآن في (70) موضعاً.
للغلو أكثر من سبب
وأشار معالي الشيخ الحصين إلى ان الغلو ظاهرة إنسانية وفي كثير من الأحيان له أكثر من سبب ومن ذلك الغلو من الجانب المخالف والغلو بحكم طليعة الإنسان يوجد فيه ويكون له ميل وهذا لا يشكل خطورة في التعامل وقد نهى القرآن الكريم في غير موضع عن العدوان والطبيعة البشرية تندفع الى الاسراف في جانب معين وقليل من الناس ينظر بنظرة شمولية ولاجل هذا ظهرت خطورة الغلو في هذا العصر ومضى الشيخ الحصين في حديثه قائلا: إن لدينا منهجا تاريخيا متشابها مع صدر الاسلام فهناك فرق كثيرة ابتلى بها الاسلام ومنها الفرقة التي ميزت بالغلو.
وأشار معاليه إلى ان الحكم من القرآن يجب ان يبنى عن عنصرين هما ان يبذل الإنسان كل ما يستطيع للوصول الى الحقيقة فلا يأخذ بالاشاعة أو الظن وعدم التحيز واتباع الهوى.
توسيع دائرة النقاش
ومن جانبه أعرب معالي الدكتور راشد الراجح عضو مجلس الشورى ونائب رئيس اللقاء الثاني للحوار الوطني عن أمله في أن يكرس اللقاء الثاني للحوار الوطني المنعقد حاليا في رحاب مكة المكرمة لمبادئ الحوار المثلى وان يكون سبيلا جديداً لتوسيع دائرة النقاش والبحث لقضايانا الطارئة وان يلهم الله تعالى المشاركين التوفيق في طرح كل ما هو قيم ونافع لهذه البلاد التي حباها الله بنعمة الامن والوحدة الوطنية.
وقال الراجح ان المحور الذي ينعقد عبره هذا اللقاء يأتي لطرح بعض القضايا بموضوعية على بساط البحث والنقاش.. وهو أيضا تواصل مع اللقاء الأول للحوار الوطني الذي عقد في مدينة الرياض والذي طرح فيه عدد من القضايا الوطنية وحفز الحضور على قراءة هذه القضايا بعمق وتأمل وأشار معالي الدكتور الراجح ان بعض المثقفين يتساءلون عن توصيات الملتقى الأول للحوار الوطني الذي عقد في الرياض وما تم بشأنها فعليه نؤكد لهم انه تم تنفيذ العديد من التوصيات لذلك اللقاء ومنها انشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني واستمرارية الحوارات وعقد اللقاءات والتي من ضمنها هذا اللقاء الثاني للحوار الوطني الذي يعقد في رحاب مكة المكرمة وعلى مقربة عدة أمتار من بيت الله الحرام وكذلك سيستمر عقد هذه اللقاءات في كل منطقة من مناطق بلادنا الغالية.
كما انه في هذا اللقاء نجد تفعيلا لمشاركة المرأة حيث لم تشارك في اللقاء الأول وفي هذا اللقاء الثاني تشارك عشر سيدات مثقفات ومفكرات وكذلك استكتاب عدد من الباحثين لتقديم بحوث علمية عن موضوعات معينة وكذلك حصلت زيادة في عدد المشاركين من ثلاثين مشاركا في اللقاء الأول الى ستين مشاركا في هذا اللقاء الثاني.
التعليم وبناء الشخصية
وقال سعادة الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز انه تقدم للقاء ببحث يتناول التعليم ودوره في بناء الشخصية المتزنة (أنماط التفكير) ويطرح من خلال هذا البحث سؤالا مركزياً مفاده لماذا سرى بين الصفوف صفوف الشباب هذا الفكر الضلالي المدمر ولماذا اختلفت الأمور في هذه الايام؟ إذ كانت المناهج الدراسية هي نفس المناهج التي تدرس منذ عشرات السنين ولم يطرأ عليها إلا بعض التعديل حيث ان ربط ما يحدث من تطرف وغلو بمناهج التعليم يفتقر إلى دليل لاثبات صحة هذا الربط.
الأنشطة اللاصيفية
وقال الدكتور عبدالعزيز محمد القاسم في بحث بعنوان (الأنشطة التربوية اللاصيفية هل هي محققة للغلو أم الاعتدال) هل برامج النشاط كما هي منفذة في المدارس تتوافق مع الاهداف السابقة المعتدلة للنشاط التي أعلنتها الإدارة العامة للنشاط الطلابي وهل مارست وزارة التربية والتعليم دوراً فاعلا ومؤثرا في متابعة وتوجيه برامج النشاط في المدارس لكيلا تخرج عن المنهج المرسوم لها ثم ما مصداقية النهج التي توجهها الاعلام أحياناً تجاه المراكز الصيفية خصوصا فيما يتعلق بدورها في نمو أفكار تدعو الطلاب الى الزهد في الحياة وتجاهلها الانكفاء على أمور الآخر وهل تفتقد برامج النشاط إلى الجهود التي تدعو الطلاب الى احترام قيم التسامح ان النشاط اللاصيفي يستدعي من مسؤولي التربية المسارعة الى بحث واقعه.
مسؤولية كبرى
وقال الشيخ حسن بن موسى الصفار رئيس المكتب الاقليمي لرابطة الادب الإسلامي العالمية في الرياض وأحد المشاركين في اللقاء: نأمل من المشاركين في هذا اللقاء استشعار المسؤولية التي القيت على عواتقهم حيال مشاركتهم في هذا اللقاء فهي مسؤولية كبرى تجعلنا نتحملها تجاه خدمة هذا الوطن الغالي.
كما يجب أن نؤكد على أخلاقيات الحوار وآدابه التي تتفق مع تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف ومثل هذه اللقاءات الحوارية لاشك انها أقيمت من أجل خدمة المصلحة الوطنية وليست من أجل تصفية حسابات فكرية وفي هذا اللقاء الثاني لاحظنا حسن التنظيم وزيادة كبيرة في عدد المشاركين الذين بلغ عددهم الى ستين مشاركا كما ان هناك مشاركة فعالة من العنصر النسائي لأول مرة تشارك في هذا اللقاء وهذه بلاشك خطوة موفقة ورائدة في مسيرة برنامج الحوار الوطني ولا يسعني هنا إلا ان أتقدم بخالص الشكر والتقدير لحكومة خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - ولمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على تنظيم مثل هذه اللقاءات الوطنية الرائدة.
|