Tuesday 30th december,2003 11415العدد الثلاثاء 7 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الحوار الوطني.. «التعليم ودوره في بناء الشخصية المتزنة»: في الحوار الوطني.. «التعليم ودوره في بناء الشخصية المتزنة»:
سيل من الفتاوى غير المنضبطة يتعرض لها طلاب عاجزون عن الاعتماد على أنفسهم
ربط التطرف والغلو بمناهج التعليم يفتقر الى دليل.. وعلينا تحصين الناشئة من التحديات الفكرية والأمنية

* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
استأنف اللقاء الثاني للحوار الوطني الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني حاليا بمكة المكرمة تحت عنوان «الغلو والاعتدال رؤية منهجية شاملة» جلسات يوم أمس حيث عقد الجلسة الخامسة التي تم فيها عرض البحوث المقدمة عن المحور التربوي البحث الأول بعنوان «التعليم ودوره في بناء الشخصية المتزنة» مقدم من الدكتور ابراهيم بن عبدالعزيز الدعيلج أكد فيه انه يقع على المؤسسات التعليمية ومناهجها مسؤولية تحصين الناشئة والشباب من التحديات الفكرية والثقافية والتقنية والأمنية والوصول بهم الى بر الأمان في ظل الصراعات المتلاطمة التي يعيشها العالم اليوم مشيرا الى ان سياسة التعليم في المملكة مثالٌ يحتذى به حيث تهدف الى غرس العقيدة الاسلامية وتربية النشء على تعاليم الاسلام وقيمه وأدابه.
وأكد ان تفعيل دور التعليم في بناء الشخصية المتزنة أمر ضروري ومهم مبينا ان هذا البحث يعني بتوضيح هذا الدور وتبصير المعلمين والطلاب بالاتجاه الصحيح وعدم الانسياق مع الفكر المنحرف الذي يدمر البلاد والعباد كما أن البحث محاولة لمواجهة الغلو والانحراف والغزو الفكري والممارسات المخالفة للاتزان والوسطية وذلك بتفعيل دور التعليم وأدواته وطرقه ووسائله في بناء الشخصية المتزنة الصالحة بتفكيرها واتزانها ووسطيتها.
واستخدم الباحث منهجين هما المنهج التاريخي وذلك للاستفادة من تطبيقات التربية الاسلامية في العقد الأول للدولة الاسلامية واستخلاص الأسس والقيم التي يقوم عليها بناء الشخصية المتزنة ووسائل اعدادها في مؤسسات التعليم المختلفة والمنهج الوصفي وذلك للوصول للاجابة عن تساؤلات البحث لبناء اتزانه وعرض مفهوم الشخصية في اللغة والاصطلاح وذكر أهم العناصر التي تتكون منها الشخصية المتزنة عند علماء التربية وعلم النفس والأنماط التي تكونت منها الشخصية التي اتصفت بها وبيان وسائل بنائها واعداد البيئة الصالحة لذلك.
وقال الباحث ان ربط ما يحدث من تطرف وغلو بمناهج التعليم يفتقر الى دليل لاثبات صحة هذا الرأي لأن المناهج الدراسية هي نفسها التي كانت تدرس قبل عشرات السنين ولذا لا يجوز أن نعزو الأسباب للمناهج فمناهج التعليم السعودي معتدلة ووسطية وهذا لا يمنع ان يتم فيها بعض التغيير مع ضرورة التفريق بين الثابت والمتحول في تلك المناهج مشيرا الى ان الخلل يكمن في نوع التعليم وطرائقه ومدى تأثيرهما في أنماط السلوك وفي تغير عمليات التفكير فنظام التعليم وبرامجه وطرائقه لم يستطع ان يؤثر في السلوك ولا يغير النظرة الى الواقع والمحيط المادي التي اكتسبها التلميذ منذ طفولته ومحيطه الاجتماعي لأن العلوم ليست مجرد مجموعة من المعارف يحفظها المتعلم ويقوم بتقديمها في اختبار تحريري كما أنها ليست سلسلة من التجارب يتم أداؤها في المختبر بل ان العلوم نشاط تعليمي يتناول القيام بمجموعة من الأنشطة العلمية تتضمن الملاحظة والتمعن في الكون والبحث والاستقصاء بعمليات علمية يمارسها التلاميذ للوصول الى تأكيد لحقائق ومفاهيم معروفة أو الى حقائق جديدة.
وأوضح الدكتور الدعيلج ان التجديد في التعليم يحتاج الى تصور دقيق للتفكير العلمي وتطوير خصائص المتعلم لادراج مواد جديدة في المناهج فقط مؤكدا ان عملية تطوير المناهج لابد ان تكون عملية مستمرة متطورة كما انه لابد من تفعيل دور الأنشطة الطلابية أثناء الدراسة والاجازات وان تكون الأنشطة شمولية.
وتوصل الباحث الى عدة نتائج منها ان الدين الاسلامي وسط في التصور والاعتقاد في التفكير والشعور وفي الارتباطات والاعتقادات لا يغلو في التعبد أو التجرد الروحي وانه يحث على التوازن والاتزان في جميع أنشطة الانسان في الحياة وان الاسلام جمع بين الثبات على الأهداف والغايات وبين التطور في الوسائل والأساليب وان مناهج التربية الاسلامية التي تدرس في المملكة تشكل خطوة ايجابية وأساسية في تعليم الأجيال وان الشخصية المتزنة هي المبنية على الأسس والمبادئ التي جاءت بها الشريعة الاسلامية كما توصل الباحث الى ان اعتماد طرق التدريس في مدارسنا على الطرق التقليدية التي اظهرت عدم فعالياتها في ظل التقدم العلمي وكذلك ضعف مستوى ربط المؤسسات التعليمية بالمجتمع وظروفه ومشكلاته وعدم تفعيل دور الأنشطة غير الصفية.
وأوصى الباحث بالحرص على مناهج التربية الاسلامية وضرورة الاستمرار في هذه التغذية الفكرية السليمة والصحيحة وضرورة تطوير مناهج التعليم والاستفادة من الطفرة العلمية والمعلوماتية وضرورة التفريق بين الثابت والمتحول عند التغير وتطوير المناهج والعمل على اعداد المعلم الاعداد الجيد في المجال التربوي والعلمي وضرورة تطوير طرق التدريس والوسائل والتقنيات العلمية والحذر والتيقظ لكل ما يحاك ضد بلادنا وأمنها ومواطنيها ومكتسباتها الحضارية وأن يكون الجميع صفا واحداً في وجه كل المخربين والمنحرفين فكريا وخُلقياً.
كما طرح في الجلسة البحث المقدم من الدكتور عبدالعزيز بن سعود بن عمر بعنوان «الأنشطة التربوية اللاصفية هل هي محققة للغلو أو للاعتدال» أكد فيه ان التحدي الحقيقي الذي يواجهه التربويون اليوم يتمثل في تصديهم الجاد والمتصل لتطوير مناهج وخبرات تربوية وتعليمية تستجيب وبشكل متوازن وشامل لكل متطلبات جوانب النمو المختلفة لدى الناشئة وتتوافق مع حاجاتهم المرحلية وهذا ما يطلق عليه بالتربية الشاملة التي تعنى بنمو اليافع نموا متوازنا شاملا تتناغم وتتكامل من خلاله جميع جوانب شخصيته.
وأشار الباحث الى التربويين ان النمو الشامل المتوازن لشخصية الطالب لن يحققه الدرس بمفرده بل ان ما يتعلمه الطالب خارج قاعة الدرس لا يقل أهمية عما يتعلمه داخلها حيث انه بدون النشاط اللاصفي سيبقى تكوين وبناء الشخصية السوية المستهدفة مهلهلا وضعيفا.
وأورد الباحث مجمل رؤية الذين يخططون لبرامج النشاط الطلابي في المملكة ويتتبعونها ويقيمونها قبل وأثناء وبعد التنفيذ متسائلا عن واقع النشاط اللاصفي كما هو ممارس في المدارس وهل يتفق واقعه في المدارس مع طموحات المخططين له أم يحيد عنها كما أورد وجهات النظر المخالفة حول برامج النشاط اللاصفي وأثرها على الطلاب.
وتساءل الباحث هل برامج النشاط وموضوعاته المنفذة وليست المخططة هي أقرب الى تعزيز الفكر الوسطي المعتدل بين الطلاب أم هي أقرب الى ذلك الغلو مجيبا انه إذا ما تجاوزنا ضعف اقبال الطلاب على النشاط ومحدودية تنوع برامجه سنجد ان ثمة من يحاول ان ينشر بين طلابنا ثقافة أهم عناصرها غياب التسامح وعدم قبول الرأي المخالف وان هناك من يحاول اقناع طلابنا بقبول مرجعيات غير مؤهلة تدور الشكوك حولها وهناك من يحاول دفع طلابنا الى الزهد في الحياة وهناك من يحاول خلق فجوة بين عالم الطلاب المعاش والعالم الذي يراد رسمه في اذهانه وان هناك سيلاً من الفتاوى غير المنضبطة يتعرض لها الطلاب كما ان هناك طلاباً عاجزون عن التحاور والتواصل اللغوي السليم مع الآخرين وهناك طلاب عاجزون عن الاعتماد على أنفسهم وهناك طلاب ذوو أفق ضيق لا يشاركون مجتمعهم وأسرهم كما ان هناك تجاهلاً للأنشطة العلمية التي تثري التفكير العلمي بأنماطه.
كما استعرض في الجلسة البحث المقدم من الدكتور احسان بن علي بوحليقة بعنوان «العامل الاقتصادي وأثره في الغلو» أوضح فيه ان الفقر بمفرده لا يؤدي الي التطرف لكنه إذا ما اجتمع مع عوامل أخرى فقد يؤدي الى تكوين بيئة حاضنة ومساندة للتطرف والارهاب.وتناول الباحث التوازن الاقتصادي والمقصود منه وظروف تحققه كما عرض نظرة الاسلام الاقتصادية والاجتماعية ومعالجته للفقر والعوز ضمن أمور أخرى كما استعرض الباحث الاقتصاد السعودي منذ بداياته وتأثير النفط والتحديات الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تعامل معها وكذلك تطرق الباحث الى سوق العمل السعودي من حيث ضبط السوق والتعامل مع اختلالاته كما تناول مشكلة البطالة بين السعوديين وعمل المرأة وأهمية النظر لتأهيل المواطن لسوق العمل باعتباره تعزيزا للقدرة التنافسية.
واستعرض الدكتور بوحليقة مستقبل الاقتصاد السعودي من حيث الأداء وأهمية الشفافية والمحاسبة ودور الحكومة في الاصلاح الاقتصادي.
وأوصى الباحث باعادة توزيع ايرادات الخزانة العامة لغرض حفز معدل نمو الاقتصاد بما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويساهم في ابعاد شبح استشراء ظواهر البطالة والفقر ويساعد في اجتثاث مظاهر الحرمان كما أوصى بأهمية استذكار وتحليل تجربة اعادة الهيكلة واعادة التوازن لسوق العمل ومساندة المرأة القادرة والراغبة كي تعمل بالقدر الذي لا يتعارض مع تعاليم الشريعة الاسلامية وتحريك النمو وفق منظومة منسجمة في الاستراتيجيات والسياسات والآليات المتعلقة بتنمية الموارد البشرية والطبيعية والاصرار على تنفيذ الخطط التنموية بالكامل وتحقيق الشفافية والمحاسبة واعادة هيكلة الانفاق العام ليستند الى قائمة أولويات تتعامل دون مواربة مع الواقع على الأرض.
وقد خصصت الجلسة السادسة لمناقشة وحوار المحور التربوي هذا وسيواصل اللقاء جلساته مساء اليوم حيث يعقد الجلسة السابعة التي يتم فيها عرض البحوث المقدمة عن المحور السياسي والاقتصادي والجلسة الثامنة التي يتم فيها مناقشة وحوار المحور السياسي والاقتصادي.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved