.. وتتواصل جلسات اللقاء الفكري للحوار الوطني في مكة المكرمة بمشاركة ستين عالماً ومفكراً ومثقفاً سعودياً وعشر سيدات. وقد أظهرت الجلسة الافتتاحية للقاء الذي يعقد تحت عنوان «الغلو والاعتدال رؤية منهجية» أن البحوث المقدمة للقاء تتميز بالطرح العلمي الهادئ والصادق وأن المشاركين سواء من خلال أوراق بحوثهم أو مداخلاتهم يستشعرون المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وأن هذه المسؤولية الكبيرة كما وصفها الشيخ حسن الصفار في كلمته أمام المشاركين تضع هؤلاء العلماء والمفكرين أمام مهمة مفصلية في حياتهم العلمية والعملية، فالأمة والوطن ينتظرون من علمائهم ورجال الفكر والثقافة من أبنائهم تقديم الحلول لتخليص الأمة من الحصار الذي يلف بها من أعدائها ومن داخلها من بعض أبنائها الذين يذهبون بعيداً في اتجاهاتها السلوكية من جراء تصورات وأفكار نتيجة البعد عن فهم مقاصد الشريعة الإسلامية مما يوقعهم ويقودهم إلى أفعال وممارسات بعيدة كل البعد عن الدين والواقع والعقل.
ولقد كان الشيخ حسن الصفار محقاً بقوله إن القيادة لا تنتظر المديح، بل تنتظر الآراء الصائبة والنصيحة السديدة من أجل مصلحة الأمة والوطن.. وهذا ما تجلى حتى الآن في البحوث والمداخلات حيث كان البحثان المقدمان من الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق عن الغلو «مشكلة الغلو» نظرة شرعية شاملة، و«مظاهر الغلو المعاصر» شاملين وموضحين لكثير من الاشكاليات والمصطلحات التي تُتداول بكثرة منذ أن طغى موضوع الارهاب على كل ما عداها من السلوكيات و«الأمراض الاجتماعية» والتي أخذت تطبع سلوك البشر في العالم أجمع.
ونتيجة الهيمنة وسيطرة الثقافة الغربية أصبحت المصطلحات العديدة للارهاب والتي يتداولها الغرب هي الأكثر استعمالاً، فقرن الارهاب بالأصولية، وهي مقارنة وإن صحت بالنسبة للثقافة الغربية والسلوكية الدينية هناك إلا أنها لا تتوافق في المفهوم الإسلامي والثقافة العربية.
وقد توسع الدكتور اللويحق في شرح مظاهر الغلو المعاصر وأجاد، ويؤسس البحث منهجاً علمياً وعملياً للتعامل مع هذه الأمة.
القسم الآخر من جلسة الافتتاح لا يقل أهمية عما سبقه إذ تناول الباحث الدكتور عبدالله بن إبراهيم الطريقي «الصلة بين الحاكم والمحكوم وحقوق المواطنة وواجباتها وعلاقة ذلك بالغلو» وقد قدم الباحث دراسة علمية متميزة تستحق أن نخصص لها زاوية الغد لأهميتها ولأن ما تناولته يشكل صميم الاهتمام الذي تنصب عليه أبحاث اللقاء الثاني للحوار الوطني.
|