ظلت مقولة (العراقي متهم حتى تثبت براءته) تلاحق المواطن العراقي أنى حلَّ أو ارتحل، فخلال غزو الكويت اتهم العراقي باللصوصية بسبب حفنة من المحسوبين على النظام السابق الذين انفتحت شهيتهم للسرقة والنهب فلم يسرقوا الكويت فحسب، بل سرقوا حتى (الشعارات) التي رفعها صدام وجعل منها لافتة عريضة يبرر بها اجتياحه للكويت.
وبقي العراقي اشبه بلغم موقوت يتجنب الجميع الاقتراب منه، أو التعامل معه وتتوجس سفارات دول العالم من منحة تأشيرة دخول إلى اراضيها بما فيها دول افريقيا الاكثر فقراً في العالم والتي ليس فيها شيء يخشى عليه من السرقة أو التخريب.
وكان من بين ما يشاع ان الحذر من العراقي والتوجس منه مقترن بوجود صدام ونظامه، وان كل عراقي هو إرهابي أو مشروع إرهابي، أو عنصر في أجهزة الأمن العراقية التي أصبحت كالاخطبوط تمد اذرعها في كل مكان حتى ان الشاعر العراقي مظفر النواب قد تساءل مرة:
كيف يكون الانسان شريفاً وجهاز الامن يمد يديه بكل مكان والقادم أخطر؟!
وانتهى نظام صدام ولم تنته الخيفة من العراقي، ولم تتغير صورته، بل انها ازدادت (تشوها) و(بشاعة) عند الكثيرين، ولهم اسبابهم في ذلك، ومن بينها، ان بعض العراقيين سرقوا رحلات اطفالهم التي يجلسون عليها لتلقي جرعات من العلم؟..
وسرقوا آثارهم التي تعكس منجزهم العقلي وتضعهم في خانة اقدم الشعوب تحضراً، وسرقوا مؤسسات دولتهم وهم يلوحون للجنود الامريكان بعلامة النصر فيما يوزع أولئك الجنود على النهاية ابتسامات صفراء هي مزيح من الاحتقار والتشفي والفرح.
نعم.. اقول البعض ولكن هذا (البعض) لم يقتصر وجوده على منطقة دون غيرها في العراق، رغم التفاوت في كثافة الفعل الخسيس وبشاعته.
ومن بين ما سجَّل على العراقيين وأضاف إلى قسماتهم ملمحا سيئاً هو ان (بعضهم) قد رقص وفرح على مقربة من دبابات الاحتلال .
ومهما كانت المناسبة التي فرح فيها ذلك (البعض).. ومهما كان درجة نشوتها وفرحتها!! فان العراقيين يجمعون على ان العراق قد نكب بالاحتلال، وعلى الرغم من ان (البعض) يرى ان نكبة الاحتلال أخف وطأة من نكبة صدام إلا أن هناك شبه إجماع على أن الاحتلال نكبة ولا يعتد برأي الشواذ الذين يخالفون هذه القاعدة..والرقص في زمن النكبة فيه الكثير مما يجعل صورة العراقي مشوهة.
ويعكس ما وعد به الأمريكان العراقيين بأنهم سينضمون إلى العالم أرى أن رفض العالم للتعامل مع العراقي أصبح أكثر حدة بعد الاحتلال وسيبقى كذلك لأمد غير منظور.
لقد كتب علينا أن نبقى متهمين حتى...
|