في مثل هذا اليوم من عام 1956م وقبل أيام من صدور إعلان رسمي من إدارة الرئيس أيزنهاور، سربت جريدة النيويورك تايمز أنباء تفيد أن الولايات المتحدة تعد بيانا رسميا هاما بشأن سياستها في الشرق الأوسط، وقد قوبل ذلك البيان بترحيب حذر في الداخل والخارج في أعقاب ارتفاع حدة التوتر في المنطقة بسبب العدوان الثلاثي على مصر في نوفمبر من العام ذاته. وطبقا للجريدة فقد كان من المقرر أن يمثل وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون فوستر دالاس أمام الكونجرس ويطلب أمرين؛ أولا: دعم الكونجرس لإعلان إدارة الرئيس أيزنهاور أن الولايات المتحدة سوف تعارض أي تدخل سوفيتي في الشرق الأوسط، فقد هدد الاتحاد السوفيتي باستخدام القوة العسكرية دعما لمصر منذ اندلاع التوتر بين كل من مصر والتحالف الفرنسي البريطاني الإسرائيلي في نوفمبر.
ثانيا: كان من المقرر أن يطلب دالاس من الكونجرس إنشاء خطة مساعدات اقتصادية ضخمة للشرق الأوسط.
وجاء ذلك ردا على التقارير التي أشارت إلى أن الاتحاد السوفيتي قد استطاع أن يستفيد استفادة اقتصادية كبيرة في تلك المنطقة.
وأشارت الجريدة في افتتاحيتها إلى أن الولايات المتحدة تريد «أن ترسل رسالة إلى القوى في الشرق الأوسط مفادها أن الغرب لن يتركها وحدها وأن تلك الدول تستطيع الاعتماد على المساعدات الاقتصادية الغربية، إضافة إلى المساعدات العسكريةأيضا إذا ما رغبت في ذلك، من أجل مقاومة المطامع السوفيتية في المنطقة». وقد جاء رد الكونجرس على طلب دالاس باردا، فقد خشي بعض أعضاء الكونجرس من أن الولايات المتحدة ربما تتورط في نزاع مسلح مع الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط، في حين شعر البريطانيون والفرنسيون بالسرور بإعلان مقاومة الولايات المتحدة للتوغل السوفيتي في المنطقة، ولكنهما شعرا بالقلق أيضا من أن يتحول الصراع في الشرق الأوسط إلى حلبة للصدام العسكري بين الشرق والغرب، وقد جاء رد مصر سلبيا للغاية، فقد أعلنت الحكومة المصرية أنها لا ترغب في أي تدخل أجنبي في شؤون المنطقة، ولكن بالرغم من ذلك الرد المصري المحبط للمبادرة الأمريكية، فقد كان من الواضح أن الولايات المتحدة عازمة على اتخاذ دور أكثر نشاطا في الشرق الأوسط، وقد حظي مقال النيويورك تايمز بالمصداقية بعد ما صدر البيان الرسمي في يناير عام 1957، وقد جاء مطابقا تماما لما أعلنته الجريدة، فيما عدا أن الرئيس أيزنهاور بذاته هو الذي طالب بذلك القرار من الكونجرس وليس وزير خارجيته، من أجل دعم الوجود العسكري والاقتصادي الأمريكي في الشرق الأوسط.
|