من أكثر أنواع الرياضة فائدة وخفة على جسم الإنسان خصوصا لمن اقترب من أو تجاوز الأربعين رياضة المشي التي اجمع كثير من الأطباء والدراسات على فوائدها لجسم الإنسان، والتي منها مثلا انها تساعد على علاج امراض المفاصل وتشد العضلات وتقويها وتكتسب من خلالها الاعضاء القدرة على استهلاك الاوكسجين وتخفيض نسبة السكر في الدم وأيضا المشي يساعد على تخفيض الوزن ويساعد على النوم السريع وابعاد القلق وكذلك، يعالج الام الظهر والدوالي ويبعد عن شبح هشاشة العظام، وبالإضافة إلى فوائد المشي الكثيرة يظل هو الرياضة الاقل خطرا على الإنسان بالنسبة لاستبعاد احتمالات الاصابة، وللمشي انواع عدة تختلف باختلاف الممارس لها فهناك المشي الخفيف وهو المشي الطبيعي والذي ليس له أي غرض كالسباق وحمل الاوزان، ومشي القوة وهذا النوع من المشي يمكن فيه استخدام الأوزان بحملها في اليدين أو تعليقها على الساقين وفيه يمكن زيادة حركة الجسم عن المشي الخفيف وهناك مشي السباق وفيه تكون الخطوة اطول مما هي في المشي الخفيف وفيه ايضا شد للجسم والذي يفرق بينه وبين الجري ان احد القدمين تكون ملامسة للأرض عند المشي بينما في الجري فهناك ارتفاع كلا القدمين اثناء الجري عن الارض، يطول الحديث عن المشي وفوائده الكثيرة الا اننا نجد الكثير من الناس يهملونه إلى درجة الترك النهائي فنحن معاشر (العرب) لا نهتم كثيرا بما يفيدنا ولا ننتبه له إلا حينما (تقع الفأس في الرأس).
هممت برياضة المشي منذ زمن ليس بالبعيد خوفا مما ينشر في الاحصائيات التي تخرج علينا بين فترة واخرى من اقدار الله التي توضح النسب الرهيبة للاصابة ببعض الامراض التي يمكن تلافي الاصابة بها قبل حدوثها، الا انه لا يمكن تجاوزها عند الاصابة بها بسهولة مثل ضغط الدم والسكري، ولم تكن ممارسة تلك الرياضة الا من باب فعل الأسباب وإلا فالتوكل على الله وما قدره الله كائن لا محاله ولا يرد القدر إلا الدعاء، والذي يمارس المشي قد لا يخلو من بعض الأفكار والهواجس الفلسفية التي تنشط المخ وتجعل الإنسان يحلق في دنيا «الاحلام» يطير بين الأماني ويحقق كل ما يريد ويذهب إلى ما يريد دون حدود أو قيود ودون أي محاسبة فالأفكار والهواجس لا تتعدى جدار المخ ولا يستطيع أن يحاسب عليها، وكان مما افكر فيه هذا البيت:
ان كنت «لا تمشي» فتلك مصيبة
وإن كنت «تمشي فالمصائب تهربُ»
|
هكذا تعلقت هذه الكلمات في افكاري وانا احاربها اريد شيئا جديدا ولكنها ثابتة لا تتحرك ويبدو انها لا تريد ان تتحرك، فمن الفرص الجميلة اثناء الهواجس اصطياد الأفكار، ولكن ما العمل إذا توقف التفكير، لم يكن ليقطع هذه الهواجس المتعلقة عند هذا البيت شيء حتى مروري بالقرب من اناس آخرين يمارسون المشي أو الجري، ومن الطرائف انني كنت احمل في جيبي الاثقال الكثيرة (كالهاتف المحمول) والمحفظة «الارشيف» وسلسلة المفاتيح والمسبحة «والشماغ» والكوفية الخ.. ! ومثل كثير من «العرب» احتفظ بميزان رقمي دقيق لوزن الوقت والمحافظة عليه فوزنت هذه الاثقال فوجدتها تقارب الكيلين وبذلك يكون المشي الذي امارسه من نوع «المشي الثقيل» وبعد أن قطعت الثلث الأول من المسافة المعتادة حتى بدأ رنين هاتفي المحمول «اللهم اجعله خيراً» نظرت إلى الاسم على شاشته وما إن قرأته حتى أصابتني حرارة بدأت من اسفل جسمي من خنصر القدم تمشي صعودا وبعكس اتجاه الجاذبية من قوتها بين عظامي ولحمي وتصعد بسرعة الصاروخ إلى رأسي الذي نسي البيت السابق وبدأ يعد من الابيات ويستدرك ويستحضر الكلمات حتى وصل إلى أرشيف الابتدائية وعادة مرة أخرى إلى جميع المراحل الدراسية والمكتبات والصحف والمجلات واللوحات الارشادية ولوحات الطرق فلم يجد شيئاً، لا ادري كيف فقدت الذاكرة حينما رأيت الاسم على شاشة «المحمول» رغم ان المتصل من أطيب الناس وأكبرهم قلبا ومن أجملهم وأعذبهم منطقاً، ومن أحسنهم أدبا واداباً ولديه من الرأفة ما يكفي لمدينة كاملة، ومع علمي بذلك كله لم استطع أن أقف متوازناً عند اتصاله، مع انها لم تكن المكالمة الأولى فهو لا يغفل احد باتصالاته التي تأتي في وقت الأقرباء فيه نسوا بعضهم ، أغنتني مكالمته هذه عن رياضة المشي لعدة أيام كانت لي وقود هاتفي كبير وطاقة كافية لدفعي إلى السير في طرقات الحياة الصعبة وعدم الركون إلى التخاذل والفشل أو الكسل، وجدت بعدها أنني أستطيع الجري وبكل قوة، وفي ذلك سر وفرق بين المكالمات فمنها ما يدفعك ويزيدك قوة وصبراً وهي المكالمات التي ترتاح لها النفس وتفرح باتصالها فتكون لها مستقبلاً بكل ما أوتيت من شوق للاستقبال والانصات والحفظ كالتي حصلت معي، ومنها ما هو عكس ذلك كالتي تحدث مع كثير من الناس حينما يتصل عليهم ثقيل أو متطفل يسأل عن شيء لا يعنيه ولا يعني حتى المستقبل، مكثت المكالمة دقائق معدودة فوائدها لا حصر لها ويكفي منها الطاقة التي ذكرتها انتهت المكالمة ولم ينته التفكير فالعقل بدأ يعمل من جديد تجددت الطاقة وتجدد الفكر وتجدد النشاط توقفت عن المشي لأنه لا حاجة لي به، وبدأت افكر من جديد ونسيت البيت السابق فقد كان هو اسرع الهاربين عند تلك المكاملة لما لها من تأثير عجيب فقد بدأ كل شيء يعمل وبنشاط عجيب ولله الحمد، فشكراً للمتصل ودعوات صادقة له بالصحة والعافية، ختاما من اراد الحصول على مثل تلك الطاقة التي تحدثت عنها فليدعو الله أن يتصل عليه أستاذنا «أبي بدر» رئيس تحرير المجلة العربية،
|