في الساحة العراقية تتوافر كل أسباب التصعيد بما ينطوي عليه من خلط للأوراق واندفاع نحو الفتنة طالما أن الساحة تعجُّ بما يغري على ذلك، ويحقق بالتالي أهداف أناس لا يهمهم أن يستقر العراق.
وتحتم الأولويات على العراقيين أن يحرصوا على تطويق هذه الأحداث المنفلتة بما فيها من اغتيالات تطال قادة مختلف الجماعات والطوائف.. وألا يحسب أي اغتيال أو هجوم من فئة معينة في رصيد العداوة للجهة المنافسة، بل يتعين التمعن في مرامي هذا الاغتيال وتبيُّن الأيدي التي تقف وراءه وبالتالي إدراك مدى إمكانية تصنيفه في باب الفتنة وإشعال نار الخلافات بين الطوائف العراقية.
معطيات الساحة العراقية تقول بما هو أدهى وأمرّ من ذلك، فالاغتيالات والتفجيرات واستهداف المدنيين من هذه الطائفة أوتلك تصرف الأنظار عن الأولويات المتمثلة في ضرورة إقامة وترسيخ الحكم الوطني والعمل على إزالة الاحتلال من خلال إبراز النية والعزم، بل والقدرة على إدارة شؤون الوطن بأيدي أبنائه.
وهناك من يروِّج إلى أن خروج الاحتلال يعني ترك البلد للفوضى، ومن يقول ذلك، يستشهد بما هو حادث حالياً، ولهذا يبقى من الضروري تجفيف منابع مثل هذه المبررات من خلال الارتفاع إلى مستوى المسؤولية التي تستوجب تقوية الصف الوطني بإزالة ما قد يعلق به من غبن أو رغبة في الانتقام تولدت بفعل أحداث واغتيالات يدبرها أناسٌ لا يريدون الخير للعراق.
ولدى العراقيين كل التجارب والدروس التي تتعلق بالتفريط في وحدة الوطن والحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعي، ولأنهم في دائرة الضوء، فإن عليهم ان يقدموا المثال على العزم على التقدم خطوات إلى الأمام نحو وحدة فاعلة وإنجازات حقيقية، يطغى بريقها على كل السلبيات الحادثة الآن.
وسيجد أهل العراق كل الدعم والمساندة من العالم إذا أظهروا مثل ذلك العزم باتجاه تجاوز المرارات إلى آفاق أوسع من التلاقي والتوحد في مواجهة التحديات.
|