في التقرير الذي نشرته جريدة أحرنوت بلوت والذي نشرنا مقاطع منه يوم أمس الأول تبين لنا أن مخابرات زمبابوي لعبت دوراً رئيسياً في إلقاء القبض على صدام حسين. الملفت للنظر ليست مخابرات زمبابوي وإنما الموساد الإسرائيلي فكما لاحظتم لم تغب المخابرات الإسرائيلية عن الحدث. وهذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها الموساد في الأحداث الجسام التي تلم بالمنطقة. عندما تقرأ عن أفغانستان ستقرأ مقالاً مندساً في أكثر من جريدة يؤكد دور الموساد وعندما تقرأ عن مقتل زعيم شيشاني مسلم إذا لم يكن الفاعل الموساد فهو على الأقل الذي دلّ الفاعلين على مكانه. عندما تحدث تفجيرات في منطقة القطب الجنوبي لابد أن تقرأ في إحدى الصحف العربية أن الموساد تلاحق منفذيها، وإذا قرأت التقرير تحس أن الموساد ليست مجرد جهاز مخابرات وإنما شبكة من الجن والعفاريت تجوب العالم تغوص في خفايا البشرية وتصل إلى أبعد نواياها.
في تقرير يوم أمس الأول الذي صممته سيبدو للقارئ أن المسألة مجرد سخرية ولكن حقيقة الأمر غير ذلك فقد أسست كل عناصره على تقرير نشر في جريدة عكاظ يوم الأربعاء غرة شهر ذي القعدة. أجريت بعض التعديلات الطفيفة لأعبر عن رأيي فيما يتسرب إلى الصحف العربية من تقارير دولية ننشرها بسرعة دون أن نتنبه للأهداف من نشرها في مصادرها الأساسية. لا يجهل أي صحفي عربي سعودي تحديداً التزاوج بين تقارير المخابرات والتقارير الإعلامية وخصوصاً أثناء الأزمات والحروب فالتقرير أشار إلى أن (الموساد الإسرائيلي كانت تتنصت على مكالمات صدام حسين الهاتفية مع زوجته الثانية سميرة شاهبندر التي أجرت آخر مكالمة معه من مقهى للإنترنت في مدينة بعلبك اللبنانية...) ثم يقول التقرير (... وقد أبلغت أنها مسافرة أولاً إلى فرنسا ومنها إلى موسكو لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان وعد صدام سراً بأنه سيؤمن لها الحماية).
هذا المقطع وحده يدل دلالة قاطعة على أن الموساد هي التي تدير العالم فهي تعرف كم المبالغ التي أخذتها من صدام والاتفاق السري بين صدام وبين بوتين وماذا قالت لصديقاتها. لا أريد أن أدخل في هذا التقرير ولكن إذا كان عشرة في المائة من هذا التقرير صحيحة فيجب أن نقر أن اليهود شعب الله المختار فما تصل إليه مخابراتهم لا يمكن أن يصل إليه بشر.
لو كانت الموساد بهذه الحجم فلماذا لم تحل مشكلتها مع حماس. حماس منظمة صغيرة معزولة مواردها محدودة يحاربها العرب أنفسهم. لم يستطع الموساد الوصول إلى بنيتها التحتية. فإذا كان التقرير يقول إن الموساد هي التي أبلغت الأمريكان بموقع صدام فكان الأحرى بها أن تبلغ حكومتها عن أسلوب تصنيع الأسلحة عند المقاومين الفلسطينيين أو عن أسلوب تهريبها من الخارج إلى داخل إسرائيل نفسها وعن هؤلاء الذين يدخلون إلى عمق إسرائيل ويمزقون الصهاينة. ولا أحد ينسى كيف استطاع حزب الله أن يطردهم من لبنان طردة الكلاب المجروبة. كلنا نعرف أن الصراع مع حزب الله كان صراعاً مخابراتياً وليس صراع جيوش ومع ذلك لم يتمكن هذه الجهاز العظيم من اختراق حزب الله.
إذا كانوا يعرفون كل التفاصيل عن حياة سميرة زوجة صدام في لبنان وعن علاقتها بالحكومة اللبنانية والحكومة السورية وعن علاقتها ببوتين الرئيس الروسي وعن عواطفها تجاه عدي وقصي وعن الأموال التي في حوزتها وأنهم قاموا بتحديد موقع صدام بدقة فمن باب أولى أن يعرفوا عدد مصمصات صدام حسين للكوارع المسلوقة أليس كذلك؟!!
فاكس 4702162
|