Monday 29th december,2003 11414العدد الأثنين 6 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد سقوط صدام !! بعد سقوط صدام !!
عقود إعمار العراق تشعل الصراع بين الدول
18 ،6 مليار دولار تتنافس عليها الشركات العالمية في العراق

* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
أثار القبض على الرئيس العراقي صدام حسين ردود فعل عالمية وعربية وبدأ الصراع على كعكة اعمار العراق خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي بوش باستبعاد الدول التي لم تشارك في الحرب على العراق، وان 60 دولة فقط هي التي يحق لها المشاركة في اعادة الاعمار.
أكد الخبراء ان قضية اعمار العراق ما بعد صدام مازالت مطروحة للنقاش خاصة في ظل مساعي بوش لاسقاط جزء من ديون العراق وأشاروا الى ان نصيب الدول العربية فتات من هذه الكعكة إلا من خلال استفادة العمالة.
حول التناتفس على كعكة اعمار العراق استطلعت الجزيرة آراء الخبراء في هذا التحقيق.
أعلنت واشنظن الأسبوع الماضي انها ستحرم فرنسا وألمانيا وروسيا من عقود تمولها الولايات المتحدة لاعادة اعمار العراق بقيمة 18 ،6 مليار دولار. وبعد اعتقال صدام يقوم المبعوث الأمريكي الخاص جيمس بيكر بزيادة الى فرنسا والمانيا وايطاليا وروسيا وبريطانيا لبحث الديون العراقية، ومن المنتظر قيامه بجولة أخرى الى دول منطقة الخليج وآسيا فهل يمكن ان تكون ورقة اسقاط جزء من الديون ورقة ضغط على الادارة الأمريكية للسماح لشركات هذه الدول بالعمل في العراق.
أكد الدكتور حمدي عبد العظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الادارية انه بعد اسقاط النظام العراقي جاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 الصادر يوم 22003/5/2 برفع العقوبات الاقتصادية الدولية الشاملة عن العراق ليصبح نقطة فاصلة في تاريخ بغداد الحديث والعالم أجمع لما يتضمنه من إضفاء للشرعية الدولية على الاحتلال الأمريكي للعراق ومنحه دورا فعالا ومحوريا في ادارة شؤونه السياسية والاقتصادية من الناحية الواقعية.
ولأهمية «النفط العراقي» ليس فقط لكونه المحرك الرئيسي للحرب، بل أيضا لأنه العامل الأهم والأكثر تأثيرا في مرحلة ما بعد الاحتلال في ظل امتلاك العراق لثاني أكبر احتياطي نفطي مؤكد على مستوى العالم يبلغ حوالي 5 ،211 مليار برميل أي نحو 11% من الاحتياطي العالمي بخلاف الاحتياطي غير المؤكد.
وهذا القرار قد منح الإدارة الأمريكية الفرصة الذهبية التي تخطط لها بقصد التحكم في المنابع النفطية العراقية بما يؤمن احتياجاتها من الطاقة ويحقق هيمنتها على الاقتصاد العالمي، إلا ان هذه الإدارة أو الحكومة العراقية القادمة مطالبة كما يقول الدكتور حمدي بضرورة اعادة اعمار العراق وهي عملية ذات تكاليف هائلة تصل الى 600 مليار دولار في غضون عقد من السنوات ورغم تخصيص الإدارة الأمريكية نحو 25 مليار دولار في موازنتها السنوية لإعادة الاعمار، إلا انها ستعتمد بصفة أساسية في تمويل تلك التكاليف على النفط العراقي في ظل انشغالها بإحياء الصناعة النفطية العراقية بالتزامن مع اعادة الامن والاستقرار الى العراق بهدف رفع عائدات صادرات النفط العراقي. واضاف ان اعادة اعمار البنية التحتية العراقية في يد الوكالات الحكومية الأمريكية وهي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وسلاح المهندسين التابع للجيش الأمريكي وانعكاسات هذه التطورات على تحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العراق سيظل متروكا لسلطات الاحتلال الأمريكية التي حصل على تفويض من مجلس الأمن الدولي بحرية التصرف في العائدات النفطية، وذلك بموجب القرار المشار اليه رقم 1483 حيث تقرر انشاء «صندوق تنمية العراق»، وهي الاموال التي ينبغي صرفها من أجل اعادة بناء مختلف القطاعات الاقتصادية العراقية من صناعة وزراعة وتشييد، فضلاً عن تلبية الاحتياجات الانسانية للمواطنين.
والغريب ان الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر قد صادق يوم 2003/7/7 على الميزانية العراقية المخصصة للنصف الثاني من العام الجاري بقيمة بلغت 6 مليارات دولار أمريكي وتمثل الايرادات النفطية نحو 35 مليار دولار أي حوالي902% من مجموع الايرادات العامة.
ويشير الى ان واشنطن تركز في ايجاد مصادر أخرى لتمويل عملية اعادة الاعمار من خلال مصادرة الأرصدة المالية العراقية في الخارج والتي تقدرها بأكثر من 18 مليار دولار، فضلاً عن الاعتماد على بعض مساعدات المنظمات والوكالات الدولية الانسانية والحقوقية وقضية الديون والالتزامات المالية العراقية وهذه القضية تمثل أحد العوائق الأساسية التي تهدد مستقبل العراق اقتصاديا واجتماعيا لا سيما بعد ما ارتفعت الديون الخارجية والالتزامات المالية العراقية بصورة هائلة الى ما يتجاوز 383 مليار دولار وهو ما يزيد على الناتج المحلي للعراق بأكثر من 15 مرة ويفوق صادراته بما يزيد على 24 ضعفا وتشمل هذه المبالغ 127 مليار دولار و75 مليار دولار ناجمة عن عقود تجارية جارية و199 مليار دولار كتعويضات ناجمة عن حربي الخليج الأولى والثانية.
وأضاف ان هذه المبالغ تثير جدلاً واسعا حيث ان العراق مع رفع قيمة صادراته النفطية الى ما يتراوح بين 25 31 ملياردولار سنويًا لن يمكنه تحمل هذه الفاتورة؛ نظرًا لأنها ستغطى بالكاد الاحتياجات الأساسية لعمليات اعادة الاعمار، ويبدو ان هناك اجماعا على تخفيف هذه المستحقات، خاصة وان القرار1483 نص على تخفيض النسبة المستقطعة من ايرادات النفط العراقي لصالح صندوق التعويضات الى نسبة 5% بدلاً من 25 %، كما لا تعترف الإدارة الأمريكية بهذا الحجم الهائل من الديون العراقية حيث تقدرها ب 40 مليار دولار فقط، وتمكنت من تحصين مبيعات النفط العراقي عن مطالب الدائنين حتى نهاية عام 2007 قبل جدولتها في نادي باريس للبحث والتفاوض في كل قضية على حدة.
وأوضح ان الاحتلال الأمريكي للعراق قد فرض تحديات خطيرة ليس على الاقتصاد العراقي فحسب وانما على اقتصادات الدول العربية مجتمعة ويتضح ذلك من فشل الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية للإسراع بعملية اعادة الاعمار لاسيما على صعيد توفير الخدمات الاساسية مثل الصحة والكهرباء وغيرها، ويرجع ذلك الى فقدانها القدرة على وضع الخطط الاقتصادية الناجحة لا سيما في ظل جهلها بحقائق الامور في العراق، وتصاعد عمليات المقاومة العراقية التي استهدفت أنابيب النفط لا سيما في ظل اهتمامها بإعادة بناء صناعة النفط على حساب تقديم المساعدات الانسانية للشعب، كما ان اتجاهها نحو خصخصة المؤسسات العامة العراقية من خلال التمهيد لبيع 100 مؤسسة عامة سيترتب عليه تأثيرات اجتماعية سلبية عديدة مثل رفع أسعار الخدمات الاساسية وتسريح اعداد هائلة من القوة العاملة مما يزيد من مخاطر البطالة والفقر.
وأضاف الدكتور حمدي عبد العظيم ان الحروب حملت العراق خسائر اقتصادية باهظة قدرت بنحو 830 مليار دولار منها 450 مليار دولار خسائر الحرب العراقية الايرانية و230 مليار دولار خسائر الغزو العراقي للكويت و150 مليار دولار خسائر عائدات النفط «غير المحققة» بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية والحصارالتجاري والمالي الشامل الذي فرض على العراق لمدة استمرت حوالي 13 عاما بخلاف حظر الاستثمارات الأجنبية في العراق وأشار ان النفط هو شريان الحياة الاقتصادية في العراق وكان يسهم قبل الحصار بنحو 90% من اجمالي الصادرات العراقية وأكثر من 95% من احتياطيات الدولة من النقد الاجنبي وحوالي 40% من الناتج القومي الاجمالي. ورغم السماح للعراق ببيع كميات محددة من النفط تحت اشراف الامم المتحدة ولجنة العقوبات الدولية في اطار مذكرة التفاهم «النفط مقابل الغذاء» إلا انها لم تكن كافية لتوفير الحد الأدنى من مستلزمات حياة المواطن العراقي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العراق فانهيار اجمالي الناتج المحلي الى ما يقارب 261 مليار دولار أمريكي عام 2002 مقارنة ب 53 مليار دولار عام 1980، نتيجه لتدهور الصناعة النفطية وتضرر الانتاج الزراعي والحيواني وانهيار سعر الصرف غير الرسمي للدينار العراقي.
وتدهور المستوى المعيشي للمواطنين وتراجع مكانة الدولة الى المرتبة الاخيرة عربيا والـ110 عالميا من أصل 111 دولة على مستوى دول العالم كنتيجة لارتفاع معدلات البطالة الى 70%، وتدهور معدل دخل الفرد السنوي الحقيقي من 4219 دولارا عام 1979 الى1200 دولار في مارس 2003، وارتفاع معدل الفقر الى 80%، فضلاً عن تردي الحالة الصحية للشعب العراقي.
عطاءات الإعمار
ويقول السفير علي حجازى نائب وزير الخارجية السابق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية وعضو مجلس ادارة الدراسات الآسيوية جامعة القاهرة ان قضية اعمار العراق ما زالت مطروحة أمام الادارة الأمريكية على الرغم من ما اعلنه بوش ان الدول التي شاركت في غزو العراق هي التي من حقها ان تتمتع بعطاءات اعادة الاعمار وان هذه الاموال مرصودة من الولايات التحدة ومن دافعي الضرائب وشدد على ان شركات الدول التي لم تساهم في تحرير العراق محرومة من عطاءات اعمار العراق وهو ما يعطي مؤشراً بالغ الأهمية على العلاقات خاصة الاتحاد الأوروبي المطالب بتخفيض بعض الديون المستحقة على العراق وهو ما تريده أمريكا وتطالب باعادة النظر في الديون والتقدم بمشروعات ومقترحات حول التنازل عنها خاصة بعد القبض على صدام حسين والذي كان يمثل شبحاً خطيراً تتوجس دول الخليج من عودته في ظل المقومات التي يتمتع بها كالقوات المسلحة وأعضاء حزب البعث وادارة الاعلام والصناعة والأجهزة المختلفة ولكن الآن اصبحت دول الخليج في مأمن تام.
رؤية جديدة
ويضيف ان هناك رؤية جديدة حول ديون العراق الخارجية متفقة مع رغبة الولايات المتحدة التي سعت في مؤتمر مدريد الخاص بالمنح المقدمة من الدول للعراق وقد نرى تنازلا من الدول المدينة عن جزء من هذه الديون مقابل المشاركة في اعمار العراق مثل روسيا الاتحادية التي لها ديون كثيرة وقد منحت مصر الحق في اعادة الاعمار ضمن الدول التي أعلنتها الادارة الأمريكية وذلك لمساعيها نحو السلام موضحا ان هناك عطاءات ومناقصات للشركات للاستثمار في العراق من خلال البنية الأساسية كشبكات الاتصالات والمياه والكهرباء والمطارات والمستشفيات وغيرها. وهناك 18 مليار دولار رصدتها الادارة الأمريكية لاعادة الاعمار في العراق.
ويضيف اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي ان نصيب الشركات العربية فتات من عملية اعادة اعمار العراق ولكن الفائدة الكبرى هي في العمالة حيث ستعتمد الدول والشركات الكبرى العالمية في الاعتماد على العمالة العربية لانها ذات أجور منخفضة ويشير انه يجب ان تكون عملية اعادة اعمار العراق من خلال قواعد محترمة وليس على أهواء الولايات المتحدة كما ان ديون العراق يجب ان يسددها العراق من خلال حكومة حقيقية تمثل شعب العراق وتقوم هي باعادة الاعمار.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved