Monday 29th december,2003 11414العدد الأثنين 6 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تأثير انخفاض سعر صرف الدولار على الاقتصاد السعودي تأثير انخفاض سعر صرف الدولار على الاقتصاد السعودي

ما زال الدولار الأمريكي العملة الرئيسية في العالم، سواء في التجارة الدولية، أو في الودائع والاحتياطات المالية، وفي حسابات الاستثمار المختلفة. لكن بسبب التدهور المستمر، منذ عام 2000م بسعر صرف الدولار، اتجاه العملات الصعبة الأخرى، جعل العديد من الدول والمنظمات والمؤسسات المالية وحتى الأفراد، يعيدون النظر باعتماد الدولار العملة الوحيدة الداخلة في حساباتهم المالية، تحسباً لتعويض خسائر محتملة في الموارد المالية، إذا ما استمر سعر صرف الدولار بالهبوط في الأسواق قياساً بالعملات الرئيسية الأخرى في العالم، علماً بأن سعر صرف الريال السعودي مرتبط بالدولار ويساوي 7450 ،3 ريال لكل دولار، والجدول التالي يوضح سعر صرف الريال، اتجاه بعض العملات الرئيسية في العالم:
1- النتائج المالية للمقارنة: يلاحظ انخفاض سعر صرف الريال، لارتباطه بسعر صرف الدولار، اتجاه معظم العملات، فمثلا انخفض سعر صرف الريال اتجاه اليورو، من اكتوبر 2001م، إلى اكتوبر 2003م، إلى ما يقارب الـ97 هللة، واتجاه الفرنك السويسري إلى ما يقارب الـ5 ،50 هللة واتجاه الجنيه الاسترليني إلى ما يقارب الـ5 ،88 هللة والين الياباني إلى ما يقارب 2 هللة لكل ين.
2- النتائج الاقتصادية: معظم الموارد المالية للمملكة، تأتي من صادرات النفط، والمسعرة بالدولار الأمريكي، وهذا يعني انخفاضاً فعلياً لواردات الدولة الحقيقية، تعادل قيمتها نسبة انخفاض سعر صرف الدولار، اتجاه عملات الشركاء التجاريين للمملكة، مما يؤثر تأثيراً سلبياً على الميزان التجاري للمملكة.
فمثلاً بلغت واردات المملكة من بعض دول منطقة اليورو وهي الشريك التجاري الأول للمملكة وهي: ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، هولندا، بلجيكا، وأسبانيا، عام 2001م، 24167 مليون ريال، ومن استراليا 4733 مليون ريال، ومن سويسرا 2832 مليون ريال، بمعنى أن الاقتصاد السعودي سيدفع المزيد من الأموال لتأمين وارداته من الدول المرتفعة عملاتها اتجاه الدولار، وهذا يؤدي لارتفاع أسعار شراء السلع أو الخدمات المستوردة من هذه الدول، وبالتالي ضعف القوة الشرائية بالداخل وارتفاع نسبة التضخم.
كما أن الخسائر ستلحق بالودائع وحسابات الاستثمار المودعة بالدولار الأمريكي، بنسب تتناسب قيمتها مع قيمة العملات الأخرى المرتفعة، في حالة تحويلها.
3- آفاق المستقبل: لا يعلم الغيب إلا الله، لكن هناك مؤشرات تشير إلى استمرار هبوط سعر صرف الدولار وهي:
أ - عوامل اقتصادية ومالية داخلية: كالعجز المالي الكبير، والذي بلغ ما يزيد عن 5% في الحسابات الجارية للميزانية، وعجز في الميزان التجاري بلغ 500 مليار دولار، فهذا العجز المزدوج في الميزانية الفدرالية والميزان التجاري معا، أدى إلى ضعف ثقة المستثمرين بالدولار. إضافة لذلك، فان حالات الفساد التي ظهرت في حسابات عدد من الشركات الأمريكية الكبرى، أضعفت ثقة المستثمرين في أسواق الأسهم والأوراق المالية الأمريكية، فقد ذكر ديفيد وايس، كبير خبراء الاقتصاد في مؤسسة ستاندرد أندبورز، بأن الدولار سوف يتراجع، لانه سجل ارتفاعاً كبيراً، خلال خمس سنوات والممتدة حتى سنة 2000م، وهذا الارتفاع كان فوق مستوى السعر الحقيقي لصرف الدولار، اتجاه العملات الصعبة الأخرى. كما أن الإجراءات الأمنية المشددة في الداخل، والتي اتخذتها الإدارة الأمريكية الحالية، أدت إلى حالة من التوتر الدائم، وصعوبة حصول بعض المستثمرين على تأشيرة دخول للولايات المتحدة لمباشرة أعمالهم، مما يدفع البعض بأن يتخلص من الاستثمار في الولايات المتحدة، يضاف لذلك تجميد أو حتى مصادرة أموال دول، أو مؤسسات أو أفراد، نتيجة لقرارات إدارية قد تكون بعيدة عن الأنظمة والقوانين، مما يسبب حالة من القلق، وعدم الأمان بالاستثمار بالولايات المتحدة أو حتى بالدولار.
ب - عوامل خارجية: تشن الولايات المتحدة حرباً ضد ما يسمى «بالإرهاب»، منذ أحداث سبتمبر 2001م بصورة مباشرة كما في العراق وأفغانستان، أو بصورة غير مباشرة في جهات عديدة من العالم، وهذه الحرب تكلف الكثير من الأنفس والأموال والجهود، وهي كما يبدو في تصاعد مستمر، كما ظهر في مخصصات ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية مؤخراً، وهذا النزيف في حالة استمراره سيوهن الاقتصاد الأمريكي، وسينعكس ذلك مباشرة على سعر صرف الدولار، تجاه العملات الصعبة الأخرى.
الخلاصة: إن الهيمنة الأمريكية الحالية على العالم، والتي قد تمتد سنوات مكلفة، سواء على الأوضاع الاقتصادية الداخلية للولايات المتحدة، أو للعوامل الخارجية والتي سبق ذكر بعضها، يضاف لذلك ظهور منافسين للولايات المتحدة، في القوة الاقتصادية والطموح السياسي، كالاتحاد الأوروبي الذي يضم حاليا 15 دولة، ستزيد في عام 2004م إلى 25 دولة، تجمعها روابط اقتصادية وثقافية وتمتلك قاعدة علمية وفنية راسية، تؤهلها للتقدم السريع، والصين التي تضم حوالي ربع سكان العالم، والتي تتصف بنموها المرتفع والمتواصل منذ أعوام، فقد تصبح منافساً آخر في العالم خلال فترة قصيرة.
إن هذا التنافس الحالي، قد ينقلب إلى صراع على المصالح، وهذا ما ظهرت بوادره في الإجراءات الجمركية المتبادلة بين الاتحاد الأوروبي والصين من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، إضافة لعدم التوافق السياسي في الكثير من قضايا العالم، كاحتلال العراق ودور الأمم المتحدة، ونتيجة لذلك أعلنت دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً عن نيتها بداية إنشاء قوة عسكرية خاصة بها سنة 2004م، منفصلة عن حلف شمال الأطلسي. هذه الأوضاع الحالية والمرشحة بالتزايد مستقبلاً، ستؤثر على المركز المالي والسياسي للولايات المتحدة، مما يسبب المزيد من الضعف في الدولار.
يبدو أن البعض، بدأ في التحسب لهذا الواقع، والذي سيكون أكثر وضوحاً في المستقبل، خصوصاً إذا ما استمرت السياسة الأمريكية الحالية على مسارها، فعلى صعيد الدول، أشارت روسيا الاتحادية، بأنها قد تتقاضى ثمن نفطها المصدر باليورو بدلا من الدولار. كذلك ذكر الأمين العام لمنظمة أوبك السيد سيلفا، بأن المنظمة قد تدرس بيع النفط باليورو أو سلة عملات، بسبب المخاوف من استمرار هبوط سعر صرف الدولار في الأسواق العالمية، مما يؤثر سلباً على واردات دول أوبك المالية. كذلك اتجهت العديد من المؤسسات المالية او حتى الأفراد، بالاستثمار بعملات أخرى كاليورو والفرنك السويسري، وهذا الاتجاه بالاستثمار البديل شمل حتى المعادن الثمينة، كالذهب الذي وصل سعره إلى حوالي 410 دولار للاونصة، وهو سعر قياسي لم يبلغه منذ عشرات السنين، هذا الوضع يعكس حالة عدم الثقة باستمرار الدولار على قوته المالية في العالم. إن الانتخابات الأمريكية في نوفمبر 2004م، قد تحدد المسار الذي سيسير عليه الدولار، تبعاً للسياسات الداخلية والخارجية، والتي سيتبعها الفائز في هذه الانتخابات.
إن الاحتياط واجب في ظل هذه الظروف، وتنويع سلة المدخرات والاستثمارات، قد تقي من الخسائر وتجلب الأرباح، خصوصاً إذا كان النصيب الأوفر من هذه الأموال، مستثمراً في الداخل، والله الموفق.

قاسم بن محمد العامر
كبير اختصاصيي الصندوق السعودي للتنمية
ص.ب 50127 الرياض 12523
***
الفرنك السويسري راند جنوب افريقيا اليورو جنيه استرليني ين ياباني دولار كندي دولار استرالي متوسط سعر الفترة
3091 ،2 39989 ،0 3907 ،3 4585 ،5 0308 ،0 3634 ،2 8949 ،1 اكتوبر 2001م
5275 ،2 37321 ،0 6990 ،3 8500 ،5 0306 ،0 4034 ،2 0753 ،2 اكتوبر 2002م
8145 ،2 54308 ،0 3583 ،4 3435 ،6 0345 ،0 8415 ،2 6422 ،2 اكتوبر 2003م

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved