* رام الله - نائل نخلة:
قال أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني الدكتور حسن أبو لبدة أن إسرائيل كرست احتلالها للأراضي الفلسطينية مستغلة تأخير المفاوضات التي كان تجريها مع السلطة الوطنية، اعتبر أن اتفاق أوسلو كان ناقصا في إطار تقييمه لعشر سنوات مضت على الاتفاق.
وكان أبو لبدة يتحدث في المؤتمر السنوي التاسع الذي تنظمه المؤسسة الفلسطينية للديمقراطية وحقوق الإنسان «مواطن» بعنوان «تفتيت الفضاء السياسي الفلسطيني: بين براغماتية الفرصة الأخيرة ومحلية المقاومة»، الذي عقد في مدينة رام الله.
من أوسلو إلى اليوم
وأضاف أبو لبدة في إطار ورقته التي قدمها في المؤتمر أن اتفاق أوسلو كان عبارة من مقامرة دخلها الجانب الفلسطيني على أمل الحصول على دولة فلسطينية مستقلة، ولكن ما حدث هو العكس كرست إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية خلال العشر سنوات الأخيرة، وزادت من مستوطناتها وإجراءاتها أحادية الجانب، متجاهلة هذا الاتفاق.وقال أبولبدة الذي عمل كأحد المفاوضين في المراحل الأولى من الاتفاق ان ترتيبات أوسلو كانت شيئا، فيما كان تطبيقه على أرض الواقع شيئا آخر، حيث أساءت إسرائيل تفسير نصوص الاتفاق وأخلت في تطبيقة لصالح مصالحها الداخلية.
وأشار إلى الظروف التي عقد فيها هذا الاتفاق الذي اعتبره اتفاقا بين «المنتصر والمهزوم» حيث خسر العراق حرب الخليج الثانية، إضافة إلى إنهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي وقلة المناصرين للقضية الفلسطينية في ذلك الوقت والخلافات مع بعض الدول العربية بعد اجتياح الكويت، وكل هذه العوامل دفعت إلى اتفاقيات السلام.
واعتبر أبو لبدة أن الفلسطينيين في تلك المرحلة شعروا باغتراب وبعد عن المحيط العربي والعالمي، وهمشت قضيتهم التي كانت حتى ذلك الوقت من أهم القضايا على الأجندة العربية والعالمية، فكانت أوسلو محاولة للخروج من هذه «الغربة».
وكشف أبو لبدة أن القيادة الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات قبلت بالحكم الذاتي وبالاتفاقات المرحلية على أمل الوصول إلى الدولة الفلسطينية، ولكن الدولة العبرية أساءت تطبيق هذا الاتفاق الذي كان من المقرر أن يفضي إلى الدولة الفلسطينية في الخامس من أيار عام 1999 .
وذكر أبو لبدة عدداً من سلبيات وإيجابيات اتفاق أوسلو التي كان أبرزها خلق حالة من التباعد بين القيادة والجمهور الفلسطيني، بعد عدم تقرير القيادة على مواكبة التغيرات والتطورات الحاصلة في المجتمع الفلسطيني.
كما السلطة الفلسطينية فشلت في عكس الواقع المعاش على الأراضي الفلسطينية للعالم الذي فهم من الاتفاقيات أن الصراع العربي الإسرائيلي قد انتهى وأن السلام حل في ربوع المنطقة، علما أن ما يجري على الأراضي كان مخالفا لذلك كله.
وتطرق أمين عام مجلس الوزراء إلى ايجابيات هذا الاتفاق وأهمها عودة القيادة الفلسطينية إلى الوطن بعد ثلاثين عاما من العيش في المنفى، إضافة إلى أن هذا الاتفاق خلق ولأول مرة في التاريخ كيانا فلسطينيا وتمكن آلاف الفلسطينيين من العودة إلى الوطن، كما أنه أعطى شرعية أكبر للفلسطينيين في العالم. وعن الانتفاضة قال أبو لبدة انها جاءت كأداة يستخدمها الفلسطيني للتحرر، بعد فشل مباحثات كامب ديفد نتيجة للتعنت الإسرائيلي، والتي حمل وزر فشلها للفلسطينيين، بينما اعتبرها أناس آخرون أنها النضال بذاته وليست أداته.
وحمل أبو لبدة جميع التنظيمات والشعب الفلسطيني المسؤولية عن الوضع القائم، وقال ان هذا الوضع لا يمكن تحميله للسلطة الفلسطينية أو لحركة فتح وحدها، بل إن كل مواطن فلسطيني يتحمل مسؤولية اتجاه ما يحصل. وعن مبادرة جنيف قال أمين عام مجلس الوزراء ليس من المعقول ولا يحق لشخص أو مجموعة أشخاص مصادرة حق العودة من فلسطيني، واعتبر الوثيقة التي وقعها قادة سابقون ووزراء في الحكومة الحالية غير رسمية ولا تمثل الجانب الفلسطيني.
وختم أو لبدة مداخلته بالدعوة إلى تحرك فلسطيني واسع لسيادة القانون والنظام، ووضع خطوط حمراء فلسطينية تتفق عليها جميع فئات المجتمع، ولا يتم التنازل عنها في أي مفاوضات مقبلة مع الجانب الإسرائيلي.
أربعة أخطاء لعرفات
وتحدث جورج جقمان مدير مؤسسة «مواطن» منظمة المؤتمر عن أربعة أخطاء ارتكبتها القيادة الفلسطينية التي يقف على رأسها ياسر عرفات أدت إلى تهميشه في الساحة السياسية. ولخص جقمان الأخطاء الأربعة فيما يلي:
- قبول بنود اتفاقيات الحل الانتقالي الذي ترك كل أوراق المناورة التي تتيحها الاتفاقات في أيدي الجانب الإسرائيلي.
- اعتماد المفاوضات كآلية وحيدة للحصول على الحقوق والمطالب الفلسطينية دون ضمانات دولية أو اللجوء إلى التحكيم في حالة نشوب الخلافات.
- تحويل الإسترتيجية الفلسطينية إلى تكتيك سياسي وهو ما يتميز بإتقانه الرئيس ياسر عرفات، لكن إسرائيل قيدت الفلسطينيين في هذا الجانب بنصوص الاتفاقيات.
- واعتبر جقمان أن الخطأ الرابع هو عدم قبول عرفات وقف الانتفاضة الفلسطينية الحالية دون الحصول على مقابل سياسي في وقت كانت فيه إسرائيل غير مهيأة لتقديم أي تنازلات سياسية وتسعى لتدمير السلطة الفلسطينية التي أصبحت تسبب لها إحراجا مستمرا في المحافل الدولية.
تجارب التحرر في العالم
وفي المداخلة الثالثة تحدث السيد داود تلحمي الكاتب والصحفي وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية عن تجارب التحرر في العالم، مرتكزا على تجربتي التحرر في ناميبيا وتيمور الشرقية كونها الأقرب إلى تجربة التحرر الفلسطينية. وقال تلحمي الذي ألقى مداخلة بعنوان «استعصاءات مسار أوسلو على ضوء تجارب حركات تحرر واتفاقات حلول دولية معاصرة» أن الدول الغربية والدول المحتلة عادة ما تسعى إلى إبقاء سيطرتها على البلد المحتل حفاظا على مصالحها هناك.
ولكن عندما يشعر المحتل طريقه إلى تلك الثروات أصبح مقيدا ولا يستطيع الحصول عليها بشكل سهل يسعى دوما إلى إعطاء الشعب المحتل جزءاً من الحرية أملا في إبقاء سيطرته.واعتبر تلحمي أن الفلسطينيين نجحوا في دفع إسرائيل عبر الانتفاضة إلى الاعتراف بفكرة الاستقلال الفلسطيني، التي ترجمت في اتفاقيات أوسلو التي اعتبرت صفقة غير متكاملة.هذا ومن المقرر أن يناقش المؤتمر الذي سحيضره عدد من قادة الرأي الفلسطينيين وعدد من المختصين والسياسيين يوم غدا الإصلاح في حركة فتح، وطرق تحول حركة حماس إلى حزب سياسي فلسطيني.
إضافة إلى أن المشاركين سيناقشون قضية اللاجئين الفلسطينيين وكيف تحولت حاليا إلى واقع مؤلم، والانتفاضة الحالية وانعكاساتها على مسار الحركة الوطنية الفلسطينية.
|