* رفح - بلال أبو دقة:
أنهت الخميس الماضي قوات الاحتلال الإسرائيلي اجتياحها في مناطق القصاص ومخيم يبنا وحيّ الزنازنة الواقعة على الشريط الحدودي في مدينة رفح المنكوبة، بعد أكثر من يومين، بحصيلة مفجعة في صفوف المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم الخاصة والعامة.
قتل جنود الاحتلال تسعة فلسطينيين بدم بارد «ليرتفع عدد شهداء المدينة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى إلى قرابة ثلاثمائة شهيد»، وجرحوا أكثر من أربعين العديد منهم ما زالوا في غرف العناية الفائقة، ودمرت آلة الحرب الإسرائيلية عشرات المنازل السكنية، دون أن تسمح لأصحابها المساكين بإخلائها من الأثاث والمحتويات تلك البيوت التي كلفتهم عناء الدهر.
مركز الميزان الفلسطيني لحقوق الإنسان قال في تقرير تلقت الجزيرة نسخة منه: إن عدد المنازل المدمرة خلال هذه العملية الأخيرة بلغ «150 منزلا»، من بينها «45» هدمت كلياً، في حين بلغ عدد العائلات التي تقطن هذه المنازل «114» عائلة، يبلغ عدد أفرادها «642» فرداً.
وجاء في تقرير مركز الميزان: إن آليات الاحتلال دمرت أكثر من «20» محلاً تجارياً، وألحقت أضرارا جسيمة في مسجد «أتباع المصطفى»، وفي روضة وحضانة أطفال وصيدلية في المنطقة المستهدفة.
وأكد المركز في تقريره أن الخسائر التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم تبرز عدم اكتراث قوات الاحتلال بحياة السكان المدنيين، واستهدافها غير المبرر للأعيان المدنية.. وأن هذه الممارسات تندرج في إطار الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، لاسيما اتفاقية جنيف الرابعة ومعايير حقوق الإنسان التي تصفها بأنها جرائم حرب، تقتضي ملاحقة مرتكبيها ومن أمروا بارتكابها.
ووصلت الجزيرة إلى رفح المنكوبة بعد يومين من الخراب والدمار الذي حل بها.. منطقة الشريط الحدوديّ الفاصل بين فلسطين ومصر بدت وكأنها تعرضت إلى زلزال عنيف بقوة ست درجات على سلم ريختر.
أعمدة الكهرباء متهاوية على الأرض وأسلاكها قد تقطّعت، وأكشاك الباعة المتجوّلين أمام عيادة صحية ترعاها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» تطايرت في الشوارع وطحنتها جنازير آليات الاحتلال الإسرائيلي.
وفوق ما تبقّى من ملامح للبيوت المدمّرة في مناطق القصاص ومخيم يبنا وحيّ الزنازنة وقف أصحاب المنازل المهدمّة ومعهم جموع غفيرة من المواطنين وعيونهم شاخصة تطوف بمشاهد التدمير غير مصدقين أن الدمار قد يصل إلى هذا الحد..أطفال يبحثون عما تبقّى من حقائبهم المدرسية.. نساء يلملمن أشياءهن المنزلية من تحت أكوام الحجارة، ورجال ضاقوا ذرعاً بالفاجعة وباتوا يصرخون دون وعي ضد الاحتلال والصمت الدوليّ الذي يشجّعه نحو المزيد من الخراب والتدمير.
وفوق ركام منزله المكوّن من أربعة طوابق وبات وكأنه كومة كبيرة من الركام والخردة وقف المسن الفلسطيني صلاح أبو طه «60 عاماً» مذهولاً بعدما فقد كل شيء، قائلا ل«الجزيرة»: حسبنا الله ونعم الوكيل على اليهود، ومن والى اليهود.
وأضاف أبو طه بمرارة: لقد ضاع شقاء العمر.. إنهم يحاولون كسر إرادة الفلسطينيين، دون اكتراث من المجتمع الدوليّ، الذي يقف صامتاً متفرّجاً على ما تقوم به دولة الإرهاب. إن إرادة الفلسطينيين فولاذية، فليعلم الجميع أننا صامدون هنا، ولن نركع لكافر، ولن نترك أرض الرباط.. فيها ولدنا وبها نحيا، وإن لم تكن حياتنا كريمة فسنقاتل حتى ندفن فيها، ولن نرحل.
هدم المجرمون «1400» منزل كانت تؤوي أكثر من «1900» أسرة
وفي هذا السياق قال مجيد الأغا محافظ مدينة رفح ل«الجزيرة»: بلغ عدد المنازل السكنية التي دمّرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح منذ اندلاع انتفاضة الأقصى المجيدة ما يزيد على «1400» منزل كانت تأوي أكثر من «1900» أسرة.
والناظر لأحوال اللاجئين الفلسطينيين هناك، جرّاء التدمير الكبير الذي ألحقته آلة الخراب الإسرائيلية بمنازلهم ينكشف له أن هناك مشاكل كبيرة أبرزها عدم وجود مسكن يأوي المشردين من أبناء المدينة المنكوبة، لدرجة جعلت المواطنين المشرّدين يتسابقون فيما بينهم للفوز بمنزلٍ معروض للإيجار هنا وآخر هناك.
|