|
| |
عندما نتأمل في حياتنا المعاصرة، بطغيان الحضارة المدنية، مما افرزت ترفا فكريا واجتماعيا من الجدية والهزلية، وفقدان لقيمة الزمن وأهميته في الحياة الإنسانية، فلم يعد هناك من المتعة إلا التي لا تلبث حتى تزول في حينها، أو من المعرفيات التي لا نجد منها في المناسبات الاجتماعية إلا التي بدت فيها الملمزة القولية أو المهمزة الفعلية والأحاديث المصطنعة، ومن تحجيم للخبريات وتصغيرها، وضعف في تلقي الثقافات والمعلومات بأي شكل من مخرجاتها وما فيها من الهزلية المستطيرة، وسقم في موادها، وجمود في الحكايات والنوادر، كل ذلك نجده عند هؤلاء المتقاعسين المتقوقعين في وعيهم أكثر مما يتمتع به الآخرون وهم المبادرون في معارفهم النيِّرة، والمتقدمون في ثقافاتهم المتجددة، وهؤلاء قد أوسعوا أوقاتهم بالمتعة الدائمة والإثارة المستمرة والصباحة المشرقة والنظر في بساتين العلم والشرع وغابات الفكر والحضارة والنهل من بحار اللغة والأدب والإطلالة على مناجم الفلسفة برؤى ثاقبة وبناء مستقيم ومنظومات متألقة ووسطية واعية، وأوسعوا حديثهم ايضا من الممتع للسامعين وبث الوعي بعقول الحاضرين، فهنيئاً لمن جالسهم وما يقرؤون في أوقاتهم، فهؤلاء صنفين من المتمتعين في أوقاتهم، فمتى نبصر البحر المتلألئ، ونجد الانشراح مع الشروق، والانبساط مع الغروب، والخيال الرحب، والفكر السائح، والقارئ النهم، ورزم الوراقين النافعة، واللسان الصادق والحديث الماتع، فتنعم اوقاتنا بالتغيير للأفضل والأخذ بالأجمل، والبعد عن الروتين الممل، واليوميات المكرورة، والكلمات المحظورة في الشريعة السمحة. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |