هل هناك أوعية استثمارية ملائمة من الممكن أن تستثمر فيها المرأة أموالها؟؟ فغالبية أموال النساء عبارة عن أرصدة مجمدة في البنوك (حيث صرح أحد رؤساء الغرف التجارية بأنها بلغت 26 بليون دولار) أو أموال مجمدة في مجالي العقار والأسهم، وجميعنا نعلم بأن الاستثمار في هذين المجالين لا يعود بمردود على الاقتصاد المحلي أو الناتج القومي في الميزانية، فهو لا يشغل يداً عاملة ولا يفتح مصنعاً ولا يؤسس لصناعة جديدة من شأنها أن تدعم الاقتصاد، فقط هي أموال تجمد ثمنا للتراب أو الأسمنت أو ثمنا لسندات الاسهم.
إن قضية غياب الأوعية الاستثمارية قضية متعددة الأوجه ولا تخص المرأة فقط بل تتجاوزها إلى الاقتصاد عموما ولا سيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والفوبيا التي أصابت الدوائر الأمنية في العالم بحيث أصبحت تلاحق رأس المال السعودي وتضيق عليه، مما جعل الكثير من تلك الأموال تعود إلى الوطن وبالتالي أصبح وجود أوعية استثمارية لتلك الأموال حاجة ملحة، ولا سيما أن البنوك المحلية متهمة دوما بالكسل والجحود وعدم المساهمة في تنشيط الاقتصاد بالشكل الذي يتوازى مع مكاسبها الخالية من الضرائب!!
قرأت الأسبوع الماضي في جريدة الاقتصادية عن تجربة نسوية رائعة قامت بها سيدة أعمال سعودية (ريم العيسى) حيث استطاعت من خلال مجهود فردي تدريب عدد من الفتيات السعوديات على مهنة تتعلق بالمشاغل النسائية (تلك المشاغل التي تكون صاحبتها سعودية ومعظم عمالتها وإدارتها من الأجنبيات) فقدمت سيدة الأعمال تلك كسراً لهذا الحصار من خلال تدريب عميق للفتيات السعوديات استمر مدة ستة أشهر.
وإن كانت تجربة ريم العيسى هي تجربة فردية وبمجهود ذاتي إلا انها تعطي مؤشراً رائعاً على نوعية العلاقة التي يجب ان تكون بين صاحب العمل والمجتمع المحيط.
فهي من ناحية خلقت مجالاً استثمارياً وأسست لصناعة من الممكن أن تتوسع في المستقبل، ومن ناحية أخرى لم تجمد المشاغل النسائية في إطارها الاستهلاكي المستنزف لكثير من الأموال المهدرة المعلقة في خزائن النساء عبارة عن أردية ومعاطف بل حولتها إلى حقل أخضر احتوى بنات الوطن ودربهن وأعدهن لغد بمزيد من الثقة والخبرة، وبالتالي تتقلص تلك الصفوف الطويلة التي تنتظم أمام الوزارات والدوائر الحكومية بانتظار وظيفة الحكومة التي باتت (في ظل البطالة المقنعة) شيئاً يشبه الضمان الاجتماعي.
|