* تقرير وتصوير - قبلان الحزيمي - وادي الدواسر:
سعدت بدعوة كريمة مع بعض الزملاء من منسوبي إدارة التربية والتعليم بمحافظة وادي الدواسر من الشيخ الوالد محمد بن مسفر بن فواز الشرافي في رحلة خلوية في عمق الصحراء كانت وجهتها حيث توجد قطيع جماله جنوب محافظة وادي الدواسر بحوالي 170 كيلومترا وذلك في يوم الخميس 2/11/1424هـ وفي أثناء طريقنا كنت أحدث مرافقي عن غرابة تلك المنطقة الصحراوية الرعوية التي كانت بدايتها في الحدود الإدارية لمنطقة الرياض وتخطيناها الى الحدود الإدارية التابعة لمنطقة عسير وبعد وصولنا الى مضيفنا والذي رحب بنا وأكرم ضيافتنا وبعدتناول وجبة الإفطار في ضحى ذلك اليوم ونتيجة فضولي الصحفي انطلقت بكاميرا التصوير إلى تلك الجبال الشاهقة التي تتربع على منطقة منبسطة تتخللها الكثبان الرملية فوجدت ما كنت أبحث عنه وقد قادتني إليه الصدفة وهو ما يوافق اهتماماتي وليس اختصاصي فقد وجدت صخوراً حجرية صلبة وعليها كتابات لم استطع تعبيرها وأرجح أن تكون قد كتبت بالخط المسند الجنوبي ورسومات نقشت ونحتت على صخور في سفوح وأعالي تلك الجبال كرسوم الإبل والخيل المحاربة والفرسان وأدوات الحروب والصيد القديمة كالرماح والسهام وكذلك صوراً لقطعان الصيد كالنعام والغزلان والوعول وقد تعددت تلك اللوحات الفنية الرائعة التي تعبر عن حقبة زمنية ذكر لي بعض المهتمين أن نقوشها تعود إلى ما قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أي إلى ما قبل أكثر من 1500 عام فمنها ما ظهر لي أنها تعبر عن مواقع حربية وغزوات كتلك اللوحة الصخرية التي وجدنا فيها الفارس وقد قتل عدداً من الرجال وهو يحمل سهمه خلف قطيع من الإبل معبراً عن تلك العادات الجاهلية التي ساد فيها الجهل والنهب والسلب وأثناء تلك الجولة وجدت ما لم يكن بالخاطر أو الحسبان وهو حوض ماء كبير منحوت من الصخور الصلبة يزن أكثر من 3 أطنان وعليه كتابات بخطوط تحتاج لمختصين آثاريين لقراءتها وتفسيرها وهي واضحة للقراءة وقد نحت ذلك الحوض بطريقة فنية تنم عن حضارات سادت ثم بادت في ذلك الموقع ولكن الزمن قد جار عليه فكسر أحد جوانبه نتيجة وجوده متربعا على أربع صخور تحت أركانه الأربعة في أسفل سفح جبل شاهدنا في أعلاه رسومات وكتابات كثيرة وإلى الغرب قليلا من هذا الموقع وجدنا جبلاً آخر به نقوش وكتابات مماثلة في سهله من جهة الجنوب دائرة صخرية قطرها أكثر من 10 أمتار وفي أعلى جبل يقع بالقرب منه ما يشبه العلم ولم نستطع الوصول اليه لوقوعه في أعلى الجبل الشاهق ولضيق الوقت لدينا والذي فضلنا ان نقضيه في بعض المواقع المجاورة.
وقد دهشت مرة أخرى حينما وجدت ان جميع سفوح وأعالي جميع الجبال المحيطة تحمل رسومات ونقوشاً شكلت لوحات فنية حتى حسبت أنني في منطقة آثارية مجهولة تحتاج إلى دراسة علمية متخصصة حتى لا نفقد جزءاً من تاريخنا وحضارتنا وقد عجزت عدسة كاميرتنا الوصول إليها لوقوعها في أماكن مرتفعة عدنا بعدها إلى حيث مقر مضيفنا وقد أشارت الساعة الى الثالثة والنصف عصراً وقد تمنيت أن مؤشر الساعة يتوقف عند هذا الحد حتى أكمل مهمتي الصحفية التي جاءت من غير ترتيب مسبق وبعد عودتي سألت عن اسم الموقع فقال لي بعض الحاضرين أن تلك الجبال تسمى (جبال السمارة) غرب جبال عروا كما أشار أحدهم ان هناك منطقة مماثلة تقع على بعد 25 كلم تقريبا جنوب شرق تلك الجبال وتسمى (جبال نقحة) قد مر بها ذات يوم وشاهد مثل تلك النقوش التي لم ترع انتباهه ولم تحظ باهتمامه وقد حاولنا التوجه إليها مسرعين ولكن الليل قد أضفى سدوله معلنا نهاية إجبارية لرحلتنا التي كان لزاما علينا في نهايتها أن نضع مشاهداتنا المصورة بين يدي اصحاب الاختصاص لإكمال مشوار رحلة الجزيرة لتلك المواقع التي نؤكد انها ليست إثارة صحفية بل واقع مشهود يحتاج كل جبل فيه لزيارة خاصة ودراسة متأنية ولن ندَّعي أننا أتينا بما لم تأت به الأوائل ولكن قد يكون في تقريرنا هذا إشارة ودلالة على موقع لم تصله قوافل الرحالة الغربيين أو الباحثين السعوديين.
|