Sunday 28th december,2003 11413العدد الأحد 5 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

« الجزيرة » في قلب الأحداث .. لقد أصابوه في رأسه برصاص كاتم للصوت « الجزيرة » في قلب الأحداث .. لقد أصابوه في رأسه برصاص كاتم للصوت
ضابط فلسطيني خرج من مكتبه بعد صلاة الفجر ليساعد الضعفاء فسقط بنيران جندي إسرائيلي

  * رفح - بلال أبو دقة:
لم يكمل احتساء فنجان القهوة الذي كان بيده؛ آثر أن يقدم المساعدة للمرضى الفلسطينيين الذين يهمون بمغادرة معبر رفح إلى الجانب المصري لإجراء عمليات صعبة..
خرج الملازم أول أحمد العبد النجار (32 عاما) من بيته الكائن في بلدة بني سهيلا إلى الشرق من مدينة خان يونس؛ بعد أن أدى صلاة الفجر في جماعة متوجها إلى معبر رفح الحدودي الذي كان يعمل فيه منذ سنوات عديدة..
لم يكن ليعرف الرجل الطويل القامة الممتلئ الجسم أن مصيره مرتبط بيد جندي صهيوني يعتلي برج مراقبة؛ قتلوه بدم بارد.. وبرصاص كاتم للصوت.. كان أحمد معروفا لدى الجميع.. يعرفه جنود وضباط جيش الاحتلال؛ كونه يعمل في المعبر منذ عشر سنوات..
وقد رأى ضباط الارتباط الفلسطيني أن إنسانية الملازم أحمد النجار تحتم على أن يكون مشرفا ومسؤولا عن قسم التحويلات المرضية التي تغادر المعبر في حالة صعبة..
لقد خرج من مكتبه ليأخذ بأيدي الضعفاء ليسقط بنيران جندي إسرائيلي مضرجاً بدمائه على الفور..
يقول رفيق دربة عبد الناصر إبراهيم (45 عاما) ل«الجزيرة»: كان مثالا للأخلاق الدمثة.. لم يصد أحد عن المساعدة.. كان يأخذ بأيادي المرضي والمسنين، ليؤمن لهم الصعود في السيارات التي ستقلهم إلى داخل المعبر.. كان إنسانا بمعنى الكلمة.. شريفا نظيف اليد؛ قلبه عامر بالإيمان ومخافة الله.. كان على موعد مع الشهادة؛ كونه يستحقها.. يضيف عبد الناصر بصوت ممزوج بالعبرات: لقد خرج من مكتبه ليأخذ بأيدي الضعفاء ليسقط بنيران جندي إسرائيلي مضرجاً بدمائه على الفور؛ لقد أصابوه في رأسه برصاص كاتم للصوت.. لقد سقط بيننا دون حراك..
وتوجهت الجزيرة إلى المعبر حيث ضابط الارتباط رائد أبو دلال قال وعيناه مكتحلتان بالدموع: لقد فارقنا الرجل في برهة من الوقت.. كنت أقف بجواره، لقد أخذ بيد عجوز فلسطينية وأصعدها إلى سيارة كانت هي الأولى.. كان ذلك في تمام الساعة التاسعة إلا ربعا من صبيحة يوم الثلاثاء الدامي الذي سقط فيه ثمانية شهداء من أبناء مدينة رفح.. سقط الرجل بيننا؛ رفعته بيدي؛ وإذا بالدماء تنهمر من رأسه.. قتلوه بدم بارد، لقد فارق الحياة تاركا بصماته الإنسانية خالدة في أذهان من عرفوه..
وانتحب المسن الفلسطيني أبو وائل قديح (55 عاما) بالبكاء قائلا: لقد ختم لي جواز السفر، وهم بالخروج لمساعدة المرضى؛ لقد قتلوه.
فيما انهمكت الأم الفلسطينية هدى عليان (40 عاما) بالبكاء، قالت: لقد ساعدني الملازم أحمد قبل دقائق من اغتياله.. كان شهما، يساعد الضعفاء ويأخذ بأيدي المرضى..
مشهد مأساوي: زوجته وأطفاله الثلاثة.. أمه وأبوه
وحين نقل الشهيد إلى بيت عائلته في بلدة بني سهيلا؛ كان المشهد مأساويا.. طفله محمد الذي لم يكمل عامه السابع أمسك برأس والده مقبلا وباكيا؛ وطفلته ليان التي جاوزت الثالثة من عمرها أمسكت بيد والدها المسجى على نعش يغطيه العلم الفلسطيني، وزوجته أزهار إسماعيل (25 عاما) بكته بحرارة، وكانت ممسكة في يدها طفلها قصي الذي هو في عامه الأول..
ووقف والده العبد النجار (60 عاما) عند رأسه قائلا: إنك تستحق الشهادة، وأخذ يقبل جسد ابنه البار، فيما انكبت أمه؛ أم محمد (55 عاما) على جثمان فلذة كبدها تقبله في كل مكان..
وقال شقيق الشهيد (30 عاما) ل«الجزيرة»: كان أخي أبو محمد على وشك أن يسكن في بيته الجديد، كان تواقا لأن يكون له بيت مستقل هو وعياله؛ لقد أبدله الله بيتا في الجنة.. ليوارى الثرى في مقبرة البلدة بجوار شهداء فلسطين.. أرواحهم في قناديل معلقة بعرش الرحمن تغدو وتروح..
اتهمت السلطة الفلسطينية قوات الاحتلال بقتله باستخدام سلاح كاتم للصوت..
وقال د.علي موسى مدير عام مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار ل«الجزيرة»: استشهد الملازم أحمد العبد النجار جراء إصابته بعيارٍ ناري في الرأس؛ وكانت حالته خطيرة جداً حيث تم تحويله إلى مستشفى غزة الأوروبي لتلقّي العلاج اللازم إلا أنه فارق الحياة متأثراً بإصابته..
والشهيد أحمد النجار هو ملازم أول ويعمل في شرطة معبر رفح الحدودي منذ مجيء السلطة الفلسطينية؛ وأصيب أثناء تأديته لعمله في المعبر حيث أصابته رصاصة قاتلة في الرأس أدّت إلى استشهاده..
وقد اتهمت السلطة الفلسطينية قوات الاحتلال بقتل الملازم أول أحمد النجار باستخدام سلاح كاتم للصوت قرب معبر رفح الدولي جنوب قطاع غزة..
وقال متحدث باسم قوات الأمن الفلسطيني ل«الجزيرة»: إن جنود الاحتلال في معبر رفح أطلقوا النار قبل ظهر الثلاثاء نحو النجار؛ بينما كان على رأس عمله على الجانب الفلسطيني؛ من سلاح كاتم للصوت مما أدى إلى استشهاده على الفور؛ ليلحق برفاقه من أبناء أجهزة الأمن الفلسطينية الذين استشهدوا من قبله، حيث جاوز عددهم (360 شهيد)..
وحسب المتحدث الفلسطيني فقد أصيب النجار؛ برصاصة في رأسه أدت إلى استشهاده؛ فيما اغلق الإسرائيليون من جانبهم المعبر الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي..
الجزيرة تعرض
إحصائيات دموية
هذا وقالت إحصائيات فلسطينية صادرة عن مراكز المعلومات في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وعن مراكز لحقوق الانسان فلسطينية ودولية: انه منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى وقت قريب؛ اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي (150 جريمة اغتيال سياسي) بمعدل جريمة كل أسبوع، وأسفرت تلك العمليات عن استشهاد (250 مواطناً)، منهم 159 (مطلوبا) لقوات الاحتلال فقط؛ ومن بين الضحايا 100 مواطناً ممن صادف وجودهم في مكان وقوع الجريمة، و(33 طفلاً) في صفوف الضحايا أحدهم يبلغ من العمر شهرين، كما بلغ عدد الشهداء من السيدات (210) شهيدة، وعدد الشهداء من العمال (20) عاملاً، فيما سقط (360 شهيدا) من جنود قوات الأمن الوطني الفلسطيني؛ واستشهد أكثر من (100) مواطن بين طفل وشيخ وامرأة على الحواجز الإسرائيلية وسقط أكثر من (30) شهيدا من رجال الإسعاف والدفاع المدني كما استشهد (8 صحفيين) واستشهد (39 مواطن فلسطيني) جراء اعتداءات المستوطنين اليهود..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved