كنت قبل فترة من الزمن أزور احدى المدارس برفقة مجموعة من الزملاء، وكنت قد آليت على نفسي ألا يخطف انتباهي لمعان البلاط أو نشر الشتلات والسجاد الأعجمعي في المدرسة (إن وجد) أو ما قد يقدم لنا من أنواع البخور والشكولاتا. كنت أتطلع إلى زيارة الفصل (المخرطة) لأرى كيف تتم خراطة وتشكيل عقول طلابنا، لقد بدا لي أن مسؤولي المدرسة يبذلون جهوداً كبيرة ليجعلوا من مدرستهم شيئاً مختلفاً.
تحققت رغبتي وزرنا طلاب المرحلة الثانوية في المختبر حيث كان معلمهم يجري أمامهم تجربة فيزيائية، ورغم أن التجربة كانت تشد الاهتمام إلا أن المعلم أفسدها باصراره على أن يضخ بنفسه وبشكل ممل كل المعلومات التي تفسر نتائج التجربة، لم يستطع المعلم أن يستثير تفكير الطلاب، كان بامكانه أن يثير أمامهم أسئلة تجعلهم يتأملون في نتائج التجربة، لقد كانوا في حالة صمت مطبق.
وفي أحد فصول المرحلة الابتدائية بالمدرسة نفسها أنشد أحد الأطفال أنشودة قمنا بعدها - أنا وزملائي بالتصفيق له - عندئذ أنكر علينا المعلم هذا العمل (بأسلوب مهذب) وقال نحن هنا لا نصفق بل نقدم هدايا، فقلت في نفسي لعل الهدية أبلغ أثراً، ثم التفت المعلم إلى صندوق الهدايا وظننت انه سيقدم للطالب هدية تناسب مرحلته الطفولية، أخرج المعلم سبحة وناولها الطالب.
( * ) كلية المعلمين بالرياض.
|