عظيمة هي الأمة التي تتفيأ ظلال شجرة زرعتها وتشرب من ماء استمطرته من ريف عيونها وتلبس من حصاد أنوالها وتصطلي وهج نار أوقدتها بما يكفي لانارة الدرب واشاعة الدفء وعظيمة هي الأمة التي لا تنسى الفرح وهي تعاني من الجرح ولا تغيب البسمة عن شفاهها وهي محاطة بالحزن.. وعظيمة هي الأمة التي تقلع الأشواك بأصابع من حرير فلا يعود الشوك يوذي ولا يعود الاصبع يتأوه وإلا فكيف نفسر استشراقات الخلود للأمم الي سبقت والتي سطرت تاريخاً يليق بها وبمكانتها وبهيبتها؟
والأمة هي نتاج تزاوج الحضارة والتاريخ والثقافة والفن والقدرة والقوة وهي تفاعل بين عطاء الفرح ومساحات الحزن وتناغم بين الألوان والأطياف وهي في مجمل وجودها خلق متجدد ونماء متواصل متكامل الأجزاء والأطراف.
وان الثقافة بجميع صورها هي المكون الأول للحضارة وهي بجميع عناصرها التأسيس لكل بناء يمكن أن يرتفع ليصنع الوطن والمواطن والانتماء والولاء فالثقافة سواء كانت فناً أو رسالة أو رسماً أو نشرة أدبية أو وسيلة إعلامية تعمل كلها في سياق واحد لبناء الدولة ومنحها الصورة المميزة بها. ومن هناك فإن ما ألقي على عاتق المثقفين منذ بدء التاريخ كانت مهمة صعبة وخطيرة ومصيرية فبيدهم أن يرسموا ضمير الأمة وبيدهم أن يجدوا الاتجاه وأن يقيموا الصرح.
وعلى العاملين في بقية ميادين المجتمع أيضاً أن يدركوا أنهم دون ثقافة سيغدون آلات تدور دون هدى ويصبحون كحاطب ليل لا يدري ماذا تجمع يداه.
إن المجتمعات هي تكوينة بشرية متكاملة أطرافها كل عناصر النفس الانسانية وجوهرها ذلك العقل الذي يعمل على اقامة تواصل بين جميع الأجزاء.
| 
