إن النار تميز المعادن.. فتظهر جيّده من رديئه.. وغاليه من رخيصه..
وكذلك الاحداث.. تميز الناس.. الغوغاء منهم والعقلاء.. وتبين ان بعضهم لا رأي له.. فرأسه كمقبض الباب! يستطيع كل من شاء أن يديره!!.. وأن بعضهم عاقل حكيم لا تهزه الرياح..
أخبرني صديقي.. انه كتب ذات يوم مقالاً عادياً وقصيراً.. ينتقد فيه كفرد من المجتمع ظاهرة يرى في نفسه انها خاطئة وتحتاج الى انتقاد.. ولم يكن يتصور ان ردود الفعل سوف تتعدى التنبيه من بعض القراء على الاخطاء المطبعية في مقاله!!..
ولكنّ صديقي بُهر بردود فعل غاضبة وثائرة!!.. فقال لي: إن الامر وصل الى ان حاول بعض الغوغائيين الذين يحبون إثارة الخصومات ان يحمّلوا مقالي منطقاً لا يتحمله!!.. فألبسوا ما كتبته على جسد شيخ جليل.. ما اعتاد الا على عباءة التهجد ورداء التواضع.. ورموني باستقصاده في هذا المقال، بل والنيل منه!!..
يقول صديقي: «بُهرت وأسقط في يدي.. بل وجاء بعضهم عشية المقال الى ذلك الشيخ يبغون!!.. وانطلقوا اليه يتخافتون.. والله اعلم بما ينوون!!.. جاءوا وكأنهم يحملون له قتيلاً!!.. وما علموا انهم ما رأوا الا حكيماً نبيلاً.. فردهم خائبين.. وقال لهم: ليس من العدل سرعة العذل!.. هذا رأي حرر في كتاب.. ولا حجر لنا على الألباب!!.. يا له من شيخ عاقل!.. فإن أعقل الناس أعذرهم للناس!!.. وليس كالذباب يُراعي موضع العلل!!..
قلت لصديقي: وما قولك لهذا الشيخ الذي رموك باستقصاده بهتاناً عليك منهم؟.. فقال لي صديقي: أقول لذلك الشيخ الجليل: «لقد سبّك من بلغك المسبّة.. وان زعم صدقاً ومحبة!!» وأقول له قول الشاعر:
من يخبّرك بشتم من أخ فهو الشاتم لا من شتمك!! ذاك قول لم يواجهك به انما اللّوم على من اعلمك!! |
مع علم الله انه لم يك سباً ولا شتماً.. ولكنهم كذلك ارادوه!!.. ومن ينطوي على سوء نية أساء الظن بالآخرين!!..
وسوء الظن بالانسان يُزري وحُسن الظن مذهب كل «شيخ»!! |
فقلت لصديقي:
لقد اصبت فيما قلت.. فرحمك الله ورحم ذلك الشيخ الذي اقضوا مضجعه.. ولم يثيروا فزعه!!
|