Friday 26th december,200311411العددالجمعة 3 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يقترح تكوين لجنة شرعية تحت مسمى هيئة الأهلة.. د.اليحيى لـ « الجزيرة »: يقترح تكوين لجنة شرعية تحت مسمى هيئة الأهلة.. د.اليحيى لـ « الجزيرة »:
قصور الآليات يفسر اختلاف الدول الإسلامية في رؤية الهلال
لا مبرر لإنفاق الأموال الطائلة في بناء مراصد عملاقة ولم نكلَّف بهذا

* بريدة - خاص ب«الجزيرة»:
أرجع الدكتور فهد بن عبدالرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم الاختلاف بين الدول الإسلامية في تحديد دخول هلال رمضان، وهلال شهر شوال وخروجه إلى الخلاف الفقهي، والقرار السياسي، والآلية التي يتحقق بها توحيد الإعلان عن دخول الشهر وخروجه بحيث يرضي الجميع.
وتساءل في تصريح له إذا رؤي الهلال في بلد فهل يلزم جميع المسلمين الاعتماد على ذلك في الصوم والعيدين ونحو ذلك أم لكل بلد رؤيتهم؟ هذا هو أصل المسألة، وأجاب قائلاً: اتفق أكثر أهل العلم على أن الهلال إذا رؤي في بلد لزم جميع المسلمين حكم هذه الرؤية فكأنهم رأوه في بلدهم فهذا المذهب المشهور عند الحنفية والمالكية والحنابلة وأحد الوجهين في مذهب الشافعي.
وأضاف قائلاً: إن شيخ الإسلام ابن تيمية اختار أن حكم الهلال منوط بإمكانية وصول الخبر، وهذا في نظري لعله إنما يكون تفسيراً للقول السابق بمعنى ان لزوم حكم الهلال إنما يكون للبلاد التي يمكن وصول خبره إليها قبل الفجر بحيث يتمكنون من الصيام، وإلا كان تكليفاً بما لا يطاق أو بما فيه مشقة عظيمة لكون إطلاق القول بدون هذا القيد يترتب عليه قطعاً ان يصل الخبر إلى أناس في النهار وهم مفطرون فيلزمهم الإمساك والقضاء ثم من بعدهم بعد مضي يوم.. وهكذا حتى إنه لا يمكن وصول الخبر في بعد البلاد إلا بعد انقضاء شهر رمضان على حسب المواصلات في الزمن السابق كما لو رؤي في المشرق فألزمنا أهل المغرب بهذه الرؤية.
وزاد فضيلته قائلاً: وهناك رأي، من قال لكل بلد رؤيتهم اختلفوا في حد كل بلد بحيث يلزم أهله رؤية بعضهم ولا يلزم غيره وهذا الاختلاف يدل على اضطراب في الأخذ به فكان قول الجمهور أكثر انضباطاً.
وأفاد الدكتور اليحيى ان من أهم ما يمكن ان يرجع إليه في هذه المسألة هو هل الهلال الذي يتعلق به الحكم هو الذي يوجد حقيقة في السماء أو هو الذي يعتبره الناس هلالاً؟ وقال: لقد حقق الإمام ابن تيمية ذلك بكلام نفيس وخلص إلى أن ما علقت به الأحكام هو الثاني بمعنى أن إهلال الشهر قضية اعتبارية، وإنما الرؤية فيه للدلالة فحسب، وإذا كانت القضية اعتبارية فمن أهم مصادر الاعتبار ما يصدر عن اتفاق الدول الإسلامية على صيغة معينة لهذا الاعتبار.
واسترسل فضيلته قائلاً: وبناء على ما تقدم فلا حاجة للتكلف في رصد الهلال حتى أن البعض اقترح مرصداً ضخماً جداً تزيد تكلفته عن عشرين مليوناً وآخر اقترح مرصداً بالأقمار الصناعية لتفادي وجود الغيوم وكدرة الجو، ونحن لم نكلف بكل هذا، والأموال التي قد تصرف لمثل هذا الرصد أقترح ان تكون ميزانية لهيئة الأهلة المقترحة وما تحتاجه من آليات لعملها.
وخلص إلى القول: وما دام أن القول بأن رؤية أي بلد رؤية للجميع هو أقوى القولين في المسألة وما دام ان قضية الإهلال قضية اعتبارية وما دام أن الخبر يمكن تعميمه على العالم كله في لحظة ولله الحمد، فإن الآلية العملية لهذه الغاية النبيلة هي تكوين لجنة أو هيئة شرعية مسؤولة مسؤولية تامة عن الإعلان عن دخول شهر رمضان وخروجه ودخول شهر ذي الحجة ويمكن ان تسمى «هيئة الأهلة» أو نحوها من المصطلحات.
واقترح فضيلته لإنجاح عمل ومهام هذه اللجنة، ولكي تحظى بقبول ورضا الجميع بها، أن يكون تكوينها صادراً بقرار من جميع الدول الإسلامية بحيث تلتزم به جميع الدول كما لو صدر عن مؤتمر القمة الإسلامية سواء بالإجماع أو بالأغلبية لأن ما لا يدرك كله لا يترك كله، فإذا أمكن اجتماع أكبر قدر من الدول الإسلامية فهذا أفضل من التفرق والاختلاف مع ان من لم يوافق على القرار سيلحق بالركب حين يرى أثر الاجتماع في مثل هذا الأمر المهم.
وأبرز أهمية ان ترتبط هذه الهيئة بمؤتمر القمة مباشرة، أو بمنظمة المؤتمر الإسلامي أو بالمجمع الفقهي أو برابطة العالم الإسلامي، ترصد لهذه الهيئة من خلال ميزانيته أو من خلال المنظمات المشار إليها، تكون للهيئة أمانة لترتيب أعمالها والتنسيق بين أعضائها، مشدداً على أهمية ان يكون أعضاء الهيئة يمثلون جميع الدول الإسلامية بواقع عضو من كل دولة، وان يكون هذا العضو مرتبطاً في دولته بالجهة التي كان يصدر منها إعلان دخول الشهر وخروجه، فمثلاً العضو الذي يمثل السعودية في هذه الهيئة لا بد ان يكون مرشحاً من قبل مجلس القضاء الأعلى لأنه الجهة الوحيدة التي يصدر منها إعلان دخول الشهر.
واستدرك قائلاً: أما إذا كان العضو المنتدب من الدولة مرتبطاً بجهة أخرى لا تعلق لها بالأهلة فسيخلق هذا ازدواجية ومن ثم فشل هذا المشروع، ولا بد ان يكون العضو من أهل العلم المعتبرين في بلده وذلك من أجل ان تكون الهيئة لها قوتها ولقراها أثره في قبول جميع الأوساط له.
وعن آلية عمل هذه الهيئة، قال الدكتور اليحيى: لا بد للهيئة من مقر سواء استقر فيه أعضاؤه أو اقتصر على أمانتها وموظفيها، وأرى ان تكون بحسب الجهة التي ستتبعها كما تقدم «منظمة المؤتمر الإسلامي أو المجمع الفقهي أو رابطة العالم الإسلامي»، وبالإمكان حسم ذلك من خلال مؤتمر قمة إسلامية أو على مستوى وزراء الخارجية.
ودعا فضيلته، الهيئة المقترحة إلى أن تنشئ مرصداً في وسط كل دولة إسلامية أو في عاصمتها ويمكن ان يستفاد من المراصد المعدة سابقاً وتكون هذه المراصد مرتبطة مباشرة بهذه الهيئة بحيث لا تنسب إلى الدولة التي هي فيها خروجاً من حساسية الانتساب والتبعية التي كانت عائقاً من الاجتماع، وان يكون الاعتماد على هذه المراصد المرتبطة بالهيئة فقط ويلغي أي طريق آخر، وهذا لا مانع منه شرعاً إن شاء الله بناء على أن الرؤية قضية اعتبارية كما تقدم ولا سيما ان أحكام الشرع مبنية على غلبة الظن، ولا شك ان غلبة الظن متحققة عن طريق هذه المراصد المنتشرة بحيث لا حاجة لغيرها لا سيما مع ورود الاحتمال في الرؤية لتوهم البعض بأشياء كثيرة.
وأكد ان اعتبار الهلال يكون باعتماد أول رؤية تصل إلى أمانة الهيئة من قبل هذه المراصد مع ملاحظة عدم الإشارة إطلاقاً إلى موضع المرصد الذي حصلت فيه الرؤية منعاً للحساسية في هذا الأمر بل يصدر القرار بدخول الشهر أو خروجه اعتماداً على الرؤية في اليوم كذا وكذا دون أدنى إشارة للمكان الذي رؤي فيه الهلال، على أن يصدر القرار باسم الهيئة الممثلة لجميع الدول الإسلامية موقعاً باسم أعضائها بحيث يعتبر المسلمون ان علماءهم قد اعتمدوا ذلك.
ودعا الدكتور اليحيى الهيئة المقترح إنشاؤها إلى أن تستفيد من خبراء الفلك إما بالتوظيف أو بالتعاون وذلك من أجل تعيين ولادة الهلال كي لا تكون الشهادة في وقت يستحيل ان يرى فيه الهلال.
وقال: وحين تكون الهيئة قد انتظمت في أعمالها فإن أعضاءها الممثلين لدولهم يمكن ان يصدروا قراراتهم ولو لم يجتمعوا فعلياً وذلك عن طريق أمانة الهيئة والتشاور بواسطة وسائل الاتصال الحديثة كالشبكات التلفزيونية أو الإنترنت أو الهاتف الجماعي، ونحوها، مع ان الأولى والأقوى ان يجتمع الأعضاء فعلياً فهذا له أثره في قلوب المسلمين الذين سيكونون في انتظار الإعلان عن دخول الشهر أو خروجه وهو غير مكلف إذ هو لا يتجاوز ثلاث مرات في السنة وفي حال كون اجتماع الأعضاء بحضورهم بأنفسهم فالأصل أن يكون ذلك في مقر الهيئة، ولكن لا مانع في نظري ان ينتقل الاجتماع من دولة إلى أخرى أو يكون كل سنة في الدولة المضيفة لمؤتمر القمة الإسلامي، أو بالقرعة بين الدول، والمقصود من هذا خشية ان ينسب القرار ولو من بعيد إلى دولة بعينها فيصبح ذلك من عوائق الفكرة.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved