Friday 26th december,200311411العددالجمعة 3 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رياض الفكر رياض الفكر
الفئة الباغية
سلمان بن محمد العُمري

لا يمكن أن يكون الإرهاب ابن اليوم، فله جذوره، حتى بدا في وقت واحد مبكراً، وحسْبُنا ما وقع في الفتنة عندما ظهر السبئيون، وعندما ظهر في عصر الخلفاء الراشدين الخوارج، وظهر ناس آخرون يدعون الولاء لآل البيت، وهم أعداء في الحقيقة لآل البيت، وبعضهم ادعى النبوة باسم ولاء آل البيت، وبعضهم ادعى ما هو أكثر من ذلك، حتى ادعى الألوهية، فعلى كل حال هذا الفكر الضال موجود منذ القدم، وموجود في كل الملل والنحل وكل الفرق والمذاهب والجماعات، دائماً هناك ر غبة في الشذوذ عند بعض الطوائف.
وفي مملكتنا الغالية بلد الأمن والأمان، والسلم والسلام، والمودة والوئام، خرجت فئة باغية تنتسب لهذا الوطن المطبق لشرع الله، المتخذ للقرآن الكريم والسنة النبوية دستوراً الحياة فيه، أخذت تعبث بأمنه من خلال عمليات تخريبية مشينة قتلت الأنفس، وخربت الممتلكات، وروعت الآمنين، وبثت الرعب والفزع في القلوب.
وأمام ما حدث من أعمال إرهابية، كان لا بد للدولة أن تلجأ في التعامل مع هؤلاء إلى القوة؛ لأنهم هم بدؤوا في استعمال القوة، واستعمال العنف، ليتهم طرحوا فكراً، أو أسدوا نصحاً، إذ لو فعلوا ذلك لأمكن للمعنيين دراسته ومناقشته، لكنهم للأسف حملوا رؤاهم عبر فوهات البنادق اعتداء وقتلا وتدميراً، وبذلك يكونون قد أعطوا لأعداء الإسلام فرصاً ذهبية، بسبب أفعالهم المشينة، وسلوكياتهم المنحرفة التي تسيء للإسلام وأهله.
إن تلك الشرذمة الضالة من أصحاب الفكر الضال أساءوا للإسلام والمسلمين أيما إساءة، وأساءوا لهذا الوطن الكبير، حامي حمى الدين، بلد الحرمين الشريفين، الذي يطبق الشريعة الإسلامية، ويدافع عنها.
دعاوى باطلة مضللة تلك التي خرج بها الضالون المضلون بدعوة إصلاح بعض الأوضاع، وهي في الحقيقة تسعى لتهدم كل شيء في سبيل إصلاح جزئي، على كل حال هذا موجود ولكن في عصرنا في عصر قرية الإلكترونيات، في عصر تسلط الإعلام الفضائي والخارجي كل شيء محسوب، فلابد أن الأمة الإسلامية تعلم أن زمن الطلب السابق لا يمكن أن يتكرر اليوم، لأن كل شيء في العالم يلتقط فوراً، ويستغل ضد أصحاب الدين، فإسلامنا ودولنا الإسلامية تدفع الثمن غالياً لظهور بعض المتطرفين لدرجة أنني أصبحت شخصياً أؤمن بأن كثيراً من هؤلاء الذين يتطرفون إنما يعملون - شاءوا أم أبوا عرفوا أم لم يعرفوا - لحساب جهات أجنبية توضع أسماؤهم، وقد يخدعون ببعض الأشياء، ثم يستغلون في أعمال تودي بشعوبٍ، وتجعل الأمة في موقف الدفاع بعد أن كانت في موقف الندية، وموقف الهجوم، فالآن الظرف الحضاري، والتاريخ العالمي لا يسمح لهذه النتوءات، فيجب على كل إنسان أن يتبصر خطاه، ونحن نرى أمامنا كل الذين افتعلوا بعض الأشياء، وأسقطوا بعض الطائرات المدنية سيدفعون ثمناً غالياً، الآن كل من تجاوزوا القوانين والأنظمة دفعوا ثمناً غالياً، الآن نحن نعلم أن أعداءنا يستغلون ضدنا كل الأشياء غير القانونية، ويحكمون على شعوبنا ودولنا من خلال هذه الأعمال المشينة بالفوضوية والعبثية والتخلف، ولكن لأننا أمة صاحبة رسالة لا يجوز أن نقاوم الظلم بظلم، ولا الباطل بباطل، بل نقاوم الظلم بالحق، ونقاوم الباطل أيضاً بالحق وبالنور وبالخير، تلك رسالتنا، لقد عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة، وقال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، فلم يتشف في أحد، ولم يحول مكة إلى أنهار من الدماء، مع أنه قادر على ذلك لو أراد، ولكنه لم يبعث لذلك، وإنما بعث رحمة للعالمين، فحتى إذا كانت هناك تجاوزات، ونحن مؤمنون بأن هنالك تجاوزات من أعداء الإسلام، لكن ليس الحل أن نخرج على حكامنا، وأن نحول مجتمعاتنا الإسلامية إلى معارك داخلية، هذا هو ما يريده الأعداء، التآكل الداخلي، هذا ما يريده الأعداء، التفرق إلى شيع وأحزاب، وبالتالي علينا الآن أن نقاوم هؤلاء دولة وعلماء ومثقفون ودعاة ووزراء ومسؤولون وأساتذة الجامعات، بكل الطرق نقاوم، بالحل الفكري نقاوم، بالحل الحواري نقاوم، بالحل الذي يمليه ديننا ما أمكن شريطة ألا يستعمل العنف، فإذا استعملوا العنف وسقطوا فيه، فلا بد للدولة أن تتدخل بوسائلها، ولها أن تحدد كيف تقاوم هؤلاء الذين اعتدوا على سيادتها، وتجاهلوها، وتعاملوا كأنهم دولة، وكأنهم قضاة، نحن الآن أمام معادلة صعبة، فعلى كل منا أن يستبصر؛ لأن القوى العالمية الآن تضع الإسلام في موضع المتهم، وتضع المسلمين في موضع المتطرفين، والإسلام دين الرحمة، كما هو معروف، والنبي صلى الله عليه وسلم ما بعث إلى رحمة للعالمين، وفي تاريخنا كله كنا كذلك، إنه لا يفرح بهذه الأعمال الغبية إلا أعداء الإسلام، وأعداء هذه البلاد الذين تزعجهم وحدتها، وتؤذيهم نهضتها، ويقلقهم ائتلاف أهلها.
فعلينا أن نكون على قدر المسؤولية، وفي مستوى الحدث، وعلى الآباء أن يقوموا بدورهم تجاه أبنائهم، وحمايتهم من المنزلقات التي قد توقعهم في آتون هذه الفتن، وتضر بهم وأهليهم ووطنهم وأمتهم.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved