لا أدري لو كانت «زرقاء اليمامة» حية ترزق بيننا هل ستتعامل مع (الإنترنت) أو تشاهد (الساتالايت) أو تكلف نفسها بالبحث عن الحروف في «الجوال» لكي تبعث برسالة إلى حبيب أو قريب!!
«زرقاء اليمامة» هذه والتي يضرب بها المثل في حدة «البصر» والتي لم تلبس في حياتها «نظارة» قط أجزم أن هذه (الثلاث) التي ذكرت آنفاً وهي من مخلفات عصر «العولمة» أقول أنها لو لحقت بعصر أم العيون الجميلة «الحادة» كما زرقاء اليمامة لما كلفت نفسها التعامل معها لكي لا تخسر بصرها مثل مُعظمنا الذي خسر نظره هذه الأيام!!
إن 50% من البشر في عصرنا هذا لا يستطيعون الرؤية بلا نظارات طبية ولا يستطيعون الاستغناء عنها لا ليلاً ولا نهاراً وهذا يؤكد أن نظر البشر في هذا العصر قد انحدر إلى ما دون الصفر بسبب ادمانهم وبقائهم ساعات طويلة مع شاشة الكمبيوتر وشاشة التلفزيون وأرقام وحروف الجوال ولا تنسوا أيضاً أنوار السيارات العالية والتي أجهزت على ما تبقى من النظر!!
إنه من المؤسف حقاً أن تجد في وقتنا هذا طفلاً لم يتجاوز السابعة أو العاشرة من العمر وهو لا يستطيع أن يشاهد ما حوله أو يقرأ كتبه إلا بواسطة النظارة الطبية التي تكبر له كل شيء لكي يرى ويقرأ!!
لقد سألت أحد كبار السن والذي تجاوز السبعين من عمره المديد بإذن الله عن السر وراء قوة بصره وأقرانه حتى الآن فقال يا ابني نحن لم نستعن بالكهرباء ذات يوم ولم نتعرض لأنوار السيارات العالية ولم نشاهد في حياتنا التلفزيون أو غيره من أجهزة العصر التي تسرق البصر مثلما أنتم عليه الآن، ونحن كنا ننام بعد صلاة العشاء مباشرة وكنا نتمتع بالظلام الدامس الذي يريح بصرنا رغم فرحتنا بالليالي (المقمرات)!!
وكنا نشاهد هلال رمضان وهلال شوال ونعرف ما إذا كان يوم الغد هو يوم صوم أو يوم عيد أما أنتم، بل إن معظمكم لا يستطيع أن يرى أي شيء لأبعد من 100 متر وهذا هو الفرق بيننا وبينكم.
ومضى يقول وبسخرية وبلهجته العامية المحببة والبسيطة «يا زين أيامنا رغم قسوتها وياشين أيامكم برغم متعتها وحلاوتها وراحتها والله يعين بصركم وعقولكم عليها»!!
هنا توقفت عند كلامه واحترت فيما أقوله لكنني سألت نفسي سؤالاً غريباً أقول فيه ماذا لو لم يكن هناك نظارات طبية في عصرنا هذا كيف سيكون الحال؟!
بالتأكيد إن معظم الناس سيستعينون بالعصا البيضاء وسيكثر «التصادم» بين البشر بعضهم مع بعض من غير سيارات، بل وسيتفشى الجهل وكل ما أقول أينك يا زرقاء اليمامة لتري ما آل إليه بصرنا وحالنا في عصرنا الكئيب؟!!
|