Thursday 25th december,2003 11410العدد الخميس 2 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ضمن فعاليات الأنشطة الثقافية.. مواكبة الأدب لهموم الأمة ضمن فعاليات الأنشطة الثقافية.. مواكبة الأدب لهموم الأمة
عبدالباسط بدر: لا أعرف قضية واكبها الأدب بقوة وأبدع فيها الشعراء كالقضية الفلسطينية

ضمن فعاليات الأنشطة الثقافية للمهرجان الوطني (التاسع عشر) للتراث والثقافة أقيمت مساء أمس الثلاثاء 29/10/1424هـ الموافق 23/12/2003م محاضرة بعنوان..«مواكبة الأدب لهموم الأمة».. للدكتور عبدالباسط بدر الذي أوضح في البدء ان الأديب يمتلك حساسية مرهفة تجعله يهتز بقوة للحدث الذي يواجهه وينفعل به أكثر مما ينفعل به غيره، فالعاطفة التي تجيش في أعماقه سرعان ما تحيط بالحدث ويتبعها خياله الخصب، فيصنعان له تصورات تزيد من حدة انفعاله: إن حزناً وإن فرحاً وإن غضباً وإن رضا وبهجة ولطالما شُبّه الأديب بالطفل في هذا الميدان لأنه يعيش حالة من الانفعال القوي تشبه إلى حد مّا مايكون عند الطفل، والفرق بينهما ان الطفل يعبر بسلوكيات ظاهرة فيضحك أو يبكي أو يصرخ، بينما الأديب يعبر بألفاظ وعبارات يسلكها في قوالب أدبية محددة قصيدة أو قصة أو مسرحية أو خطبة.
العصور الماضية:
بيّن الدكتور عبدالباسط بدر ان مواكبة الأدب لهموم الأمة كان منذ العصور الماضية حيث يقدر الباحثون عمر أقدم النصوص التي انتقلت إلينا من بواكير الشعر العربي بقرنين وعلى الرغم من قصر المدة الزمنية التي يرجع إليهما تاريخ النصوص القديمة، فإن ما وصلنا من الشعر الجاهلي بالذات يشكل ثروة أدبية نستطيع أن نتبين فيها ملامح كثيرة من الشخصية الأدبية العربية ويؤكد المحاضر على أنه أول ما يلفت نظرنا في هذا التراث الأدبي غياب مفهوم الأمة عنه وهذا أمر طبيعي في بيئة لم تتشكل فيها (الأمة) فكراً ولا تطبيقاً فالحياة في الجزيرة العربية كانت قبلية تحكمهما أعراف وتقاليد هي الجذور الواقعية لعدد من التشريعات المدونة التي عرفتها فيما بعد.
هموم القبيلة
في الشعر الجاهلي:
ويرى المحاضر ان الشعر الجاهلي قد حمل هموم القبيلة وقام ببثها من خلال رؤى الشاعر مثلما حمل أفراحها وكان أقسى تلك الهموم وأشدها وطأة فقدان الأمن بسبب الغزوات المتبادلة، كذلك من الهموم أيضاً التي حملها الأدب في العصر الجاهلي، همُّ اضطراب القيم وما ينتج عنه من غياب العدالة ووقوع الظلم.
الأدب وهموم الأمة
في العهد النبوي:
ويتحدث الدكتور عبدالباسط بدر عن الانقلاب الكامل الذي حدث في الحياة العربية ويقول: عندما ظهر الإسلام أحدث انقلاباً كاملا في الحياة العربية، ألغى قيماً ومفهوماً جاهلية كثيرة، وعدل قيماً أخرى، وأقر ما كان موافقا للفطرة أو كان من إرث الأنبياء ومما يلفت النظر في متغيرات الحياة في ظل الإسلام ظهور مفهوم (الأمة) كاملاً وناضجاً ليحل محل (القبيلة) في الانتماء والمرجعية الدينية، وطبيعة التشريع وشموليته ويبين المحاضر على ان الأدب كان هو الهم الأول من هموم الأمة الإسلامية بعد الهجرة، فما أن أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشعراء المسلمين بل حضهم على إجابة شعراء قريش حتى انبروا لهم يردون عليهم هجاءهم، ويدافعون عن القيم الإسلامية والمسلمين ويسفهون معتقدات المشركين بل يكيلون لهم بالمكاييل التي يستخدمونها وبالعنف التي اقتضته طبيعة المعركة ويضرب لذلك مثلا من أبيات حسان بن ثابت رضي الله عنه في أبي بن خلف الذي مات بعد ان طعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحربة:
لقد ورث الضلالة عن أبيه
أُبيُّ يوم بارزه الرسول
أتيت إليه تحمل رم عظم
وتوعده وأنت به جهول
وقد قتلت بنو النجار منكم
أمية إذ يُغَوِّث! ياعقيل
الأدب وهموم الأمة
بعد العهد النبوي
كما حملت ورقة الدكتور عبد الباسط بدر هموم الأمة التي حملها الأدب بعد العهد النبوي كهموم الردة التي كانت تعصف بالأمة الإسلامية الناشئة فقد ارتدت قبائل لم يكن الإسلام قد تمكن فيها وادعى النبوة أدعياء أرادوا انتهاز فرصة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أدرك أبو بكر الصديق رضي الله عنه ببعد نظره وخطب في الناس غير مرة ينبههم فيها إلى خطورة الردة ومنع الزكاة ويحثهم على جهاد المرتدين كما بين المحاضر على ان الأدب قد واكب هموم الأمة في أحداث الحروب الصليبية عندما ابتليت الأمة الإسلامية أواخر القرن الهجري الخامس بحملة صليبية شرسة احتلت الشريط الساحلي من بلاد الشام والقدس كما واكب الأدب أحداث الأمة أثناء الغزو المغولي وسقوط بغداد سنة 656 وواكبها أيضا في سقوط الأندلس.
هموم فلسطين:
ويؤكد الدكتور عبدالباسط بدر على مواكبة الأدب لهموم الأمة في فلسطين ويقول: لا أعرف قضية واكبها الأدب في تاريخه الطويل بقوة وأبدع فيها الأدباء شعراً ونثراً كالقضية الفلسطينية فهذا الجرح الغائر في جسد الأمة شهد من الأحداث والتطورات ما جعله متجدداً دائم النزيف على أكثر من ثمانية عقود.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved