Thursday 25th december,2003 11410العدد الخميس 2 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الذهب.. جمال وتجارة الذهب.. جمال وتجارة
د. عبدالعزيز إسماعيل داغستاني*

عرف الإنسان الذهب منذ الأزل، وافتتن به وأصبح رمزاً للجمال والثراء حتى وصف في الأمثال الشعبية بأنه «زينة وخزينة». وتعددت استعمالات الذهب، ومكنته خصائصه الفيزيائية والكيميائية الفريدة من أن يكون عنصراً مهماً للكثير من الصناعات الحديثة. واعتبر الاقتصاديون الذهب مخزناً للقيمة، وكان غطاء للعملات الورقية بصورة كاملة وتدرج في ذلك تنازلياً إلى أن ألغي الاعتماد الكلي عليه في عام 1971م، كما أصبح مجالاً للاستثمار والمضاربة وخاصة في أوقات التضخم المالي، وصار سعر الذهب معياراً عالمياً يؤثر على أسعار المعادن الثمينة الأخرى، وأسعار الفائدة العالمية، وأحياناً يؤثر ويتأثر بأسعار البترول وغيره من السلع الاستراتيجية. فلم يعد الذهب رمزاً للجمال والثراء فحسب، بل أصبح له دور اقتصادي فاعل يؤثر في اقتصاديات العالم بأسره ويتأثر بها. وهو يتداول الآن في إطار تجارة دولية منظمة تخضع لمعايير صناعية وأسس تسويقية عريقة يشرف عليها مجلس الذهب العالمي الذي يعتبر ذراع التسويق الأول لهذا المعدن الثمين نادر الوجود. والندرة هي أساس تحديد أسعار السلع الاقتصادية وخضوعها لآلية العرض والطلب في الأسواق المحلية والعالمية، وهو أكثر ندرة من غيره من المعادن، ناهيك عن السلع والخدمات والموارد الإنتاجية. وبالرغم من قلة منفعته المباشرة للإنسان، فهو من أغلى السلع. ولما احتار في ذلك الاقتصاديون الذين يقدرون قيمة السلع بمنفعتها المباشرة للإنسان، قالوا: «إن له قيمة ذاتية اكتسبها من شدة لمعانه وبريقه وعدم صدئه».
ولم يكن الإنسان السعودي استثناء من العالم المفتون بالذهب، بل تشير إحصاءات مجلس الذهب العالمي، الذي بدأ تواجده في المملكة العربية السعودية منذ عام 1993م، إلى أن السوق السعودية هي رابع أكبر سوق للذهب في العالم، حيث يتجاوز معدل الطلب على الذهب فيها 250 طن سنوياً من أصل 300 ،3 طن هي مجموع الطلب الكلي على الذهب في العالم. ويقدر حجم التعامل بالذهب في السوق السعودي بنحو 6 ،2 مليار دولار أمريكي سنوياً. وتحتل الهند، الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، على التوالي، قائمة الدول الأكثر طلباً على الذهب وفق إحصاءات مجلس الذهب العالمي. وبمقارنة عدد سكان كل دولة من هذه الدول الثلاث بسكان المملكة العربية السعودية، وحجم الطلب السنوي، يمكن القول إن السوق السعودية هي الأكبر عالمياً من حيث نصيب الفرد سنوياً من الطلب على الذهب.
وتشير بعض الإحصاءات إلى أن حجم طلب الفرد السعودي من الذهب يتجاوز 15 جراماً في السنة، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ جراماً واحداً للفرد في السنة.
هذا الواقع الذي تميزت به السوق السعودية، حفز القطاع الخاص ودفع عدداً من رجال الأعمال السعوديين إلى الاستثمار في تصنيع الذهب ليكون للمملكة العربية السعودية موطئ قدم في صناعة الذهب والخروج بها من دائرة الاستخدام المعتمد على الاستيراد فقط. ويعود توجه القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي للاستثمار في صناعة الذهب إلى عام 1967م الذي تحصل فيه «مصنع المسكوكات للحلي الذهبية» بمدينة الطائف على أول ترخيص صناعي لصناعة الحلي «الذهب» والمجوهرات، ليشكل بذلك بداية تصنيع الذهب في المملكة العربية السعودية على أسس صناعية حديثة بعد أن كانت هذه الصناعة تشكل «حرفة» مهنية لفئة «الصاغة» الذين شكلوا بدايات العديد من البيوتات التجارية في مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية.
ووفقاً لإحصاءات وزارة التجارة «وزارة التجارة والصناعة حالياً» لعام 1421هـ، فإن عدد المحلات والمشاغل المتخصصة في مجال الذهب والمجوهرات والعاملين بها يقدر على النحو التالي:
- عدد المحلات المرخصة 419 ،4 محلاً لبيع المجوهرات والمشغولات الذهبية والفضية.
- عدد المشاغل المرخصة 713 مشغلاً.
- العدد الإجمالي للعاملين بالمملكة العربية السعودية في المحلات والمشاغل 373 ،7 عاملاً، موزعين حسب جنسياتهم على النحو التالي:
* عدد العاملين السعوديين 175 ،1 عاملاً.
* عدد العاملين اليمنيين 141 ،3 عاملاً.
* عدد العاملين من الجنسيات الأخرى 057 ،3 عاملاً.
وتفصح سياسات وإجراءات «السعودة» التي تنشط الحكومة السعودية في تطبيقها على التركيز على سعودة الوظائف المتاحة في هذا المجال، لتفسح بذلك مجالاً واسعا لتوظيف الشباب السعودي. وعلى الرغم من تعثر تطبيق هذه السياسات والإجراءات في الأجل القصير، إلا أن التأكيد عليها والقناعة بأهميتها واستحقاقاتها سيمكن من الأخذ بها في الأجل الطويل، وهو المحك الحقيقي لأي سياسة إصلاح اقتصادي ناجحة.

* رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved