لعل أهم الاحداث العربية والدولية التي استحوذت على الاهتمام الكبير هو احتلال الولايات المتحدة وبريطانيا للعراق، والذي احدث هزة كبيرة في العالم اجمع، وكذلك اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد مطاردة استمرت ثمانية شهور، واستمرار حملات العنف والعنف المضاد في العراق الامر الذي ينذر بحرب اهلية مرتقبة اذا لم تتضافر الجهود لمصالحة وطنية كبرى.
لقد كانت هذه الاحداث المأساوية التي شهدها العراق، من اخطر الاحداث واكثرها قساوة على الشعب العربي والمسلم معا، لانها اسهمت في احتلال اراض عربية واقامة سلطة للاحتلال على العراق الغني بثرواته النفطية بالرغم من المطالبات العربية والدولية بضرورة ايجاد حل سلمي للازمة العراقية واستجابة القادة العراقيين للنداءات العربية والدولية المخلصة بضرورة ايجاد حل للخلافات مع الاسرة الدولية.
ان هذه الاحداث ما زالت تشغل بال الدول العربية والاسلامية والعالم لجهة وقف سياسة العنف الحالية في العراق، واعادة الاعمار وتكليف الامم المتحدة القيام بهذه المهمة بعد ان اكدت الامم المتحدة ان الولايات المتحدة وبريطانيا هما قوات احتلال للعراق. واذا كانت هذه القمة قد استأثرت بالاهتمام فإن موضوع الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني وسياسية القمع والتشريد وهدم المنازل واقامة الجدار العنصري ورفض خريطة الطريق شكل عنصراً أساسياً في الاحداث الراهنة خلال هذا العام.
وقد دعا القادة العرب الى ضرورة تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة والعمل على التنسيق بأقصى الطاقات مع كل من لبنان وسوريا ومصر والفلسطينيين من اجل ان يسود الاستقرار المنطقة باعتبار ان القضية الفلسطينية هي لب النزاع وقد تحملت الدول الشقيقة وبخاصة الأردن نتائج الكوارث التي حلت بالمنطقة جراء هذا التعنت الإسرائيلي الذي استهدف المقدسات الاسلامية والتي تعتبر القدس أساساً للسلام.
وقد طرح الأردن في أكثر من مناسبة ضرورة تنفيذ الاتفاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين التي رفضتها اسرائيل، لان هذه الاتفاقات من شأنها حل كل القضايا العالقة لا سيما وان الأردن والدول العربية جمعاء تدعم الفلسطينيين باستعادة حقوقهم المغتصبة وفقا للقرارات الدولية.ولعل بيان البندقية الذي صدر عن القمة الاوروبية والذي عبر عن التحول في الموقف الاوروبي من القضية الفلسطينية يشكل موقفا داعما للفلسطينيين والى ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه كاملا في تقرير مصيره والاعتراف بحق كل دولة بالمنطقة بالعيش بسلام مع الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومطالبة إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية وايجاد حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين واعتبار المستوطنات عقبة أمام السلام بالمنطقة فضلا عن تطبيق قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338.
هذا الموقف الأوروبي لقي معارضة إسرائيلية كبيرة في رفضها للقرارات الدولية واسهمت اسرائيل في توجيه العديد من الضربات المهينة لأوروبا.. بطلب شارون من قادة هذه الدول عدم الاجتماع بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات غير ان هذه الدول رفضت الانصياع لهذا الاقتراح!!
لقد لعب الاردن خلال العام 2003 دوراً بارزاً في تعزيز التضامن العربي، واسهم في تنشيط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لتسوية القضية الفلسطينية وطالب الولايات المتحدة بضرورة القيام بسياسة متوازنة في المنطقة بدلا من انحيازها لاسرائيل.
والواقع ان الأردن يرتكز في سياسته الخارجية على 3 قواعد ثابتة تقوم على المصداقية والتفاهم والحوار والمصارحة والحرص على حسن الجوار واقامة علاقات مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين والالتزام بمواثيق الامم المتحدة.. فهذه السياسة التي حددها الملك عبدالله الثاني تنطلق في دعمها للدول العربية والاسلامية باعتبارها علاقات اخوية ووحدة مصير وهدف وهي تجمع بين جميع الدول الشقيقة انطلاقا من الرغبة في تعميق التعاون والتآزر بين دول وشعوب المنطقة وتحقيق التكامل فيما بينها لتجسيد طموحات الدول العربية في التنمية والبناء والامن والاستقرار وتهيئة المنطقة العربية لمواجهة متطلبات المتغيرات السياسية والاقتصادية الدولية.
لقد كانت مبادرات الملك عبدالله الثاني والسلطان قابوس بن سعيد و سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز من اجل حث قادة دول العالم على التحرك لدعم قضايا السلام في المنطقة مدعاة للاهتمام الكبير، حيث دعا الرئيس الأمريكي وغيره من القادة الأوروبيين للتحرك من اجل اتخاذ تدابير حاسمة وفعالة لحماية الاماكن المقدسة من الاستفزازات الاسرائيلية التي ادت الى وضع متأزم خطير ومتفجر يهدد بتدمير عملية السلام تدميراً تاماً ويدخل المنطقة بأسرها في دوامة عنف تصعب السيطرة عليها.
فضلا عن دور جلالته بالعمل لتوحيد الصف العربي والمصالحة بين الاشقاء وتناسي الخلافات وحشد الجهود ورص الصفوف.
واذا كان هذا العام قد مر بأحداث خطيرة ومؤلمة على الامتين العربية والاسلامية بسقوط بغداد. واستمرار العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني فإن الامل يحدونا في ان يكون العام المقبل.. هو عام انسحاب قوات الاحتلال من العراق وبناء هذا الوطن واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ورفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والشعب الفلسطيني بصورة عامة ووضع حد لانتهاكات اسرائيل لحرمة المسجد الاقصى والحرم القدسي الشريف وان تؤكد قمة شرم الشيخ العربية المقبلة دعمها لاعادة اعمار العراق والتضامن العام مع الفلسطينيين واعادة تقويم العملية السلمية بحيث تأخذ مسارها الصحيح القائم على العدل والانصاف والتوازن وفق الشرعية الدولية واستعادة عز الامتين العربية والاسلامية بالمحافظة على كرامتها وضمان مستقبل امنها واجيالها!
|