Wednesday 24th december,2003 11409العدد الاربعاء 1 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

اللهم أعنّا على سكرات الموت اللهم أعنّا على سكرات الموت

اطّلعت على جريدة «الجزيرة» في عددها رقم 11397، ما سطرته أنامل الاستاذ عبدالله الكثيري بعنوان: «السفر إلى الآخرة». لقد أثار شجوني بحديثه عن الموت، والحسد والحقد على الآخرين، وكأن الإنسان سوف يعمر في هذه الدنيا الفانية. لقد استثار عبدالله، حفيظتي، وشجوني، وشحذ همتي وقلمي، لكي أكتب عن الموت والقبر.
عندما ينقضي يوم من ايام عمري ويكون الليل ساكناً في حلته السوداء أسترسل في الذكريات، ويطوف بي خيالي في نهاية هذه الدنيا ورحيلنا عنها فجاءة وبدون إنذار يقرع جرس الرحيل معلناً نهاية العمر ورحيلنا إلى الدار الآخرة:


يَا مَنْ بِدُنْيَاهُ اشْتَغَلْ
وَغَرَّهُ طُولُ الأَمَلْ
الْمَوْتُ يَأْتِي فَجْأَةً
والْقَبْرُ صُنْدُوقُ الْعَمَلْ

فأتذكر القبر وضمته واللحد وظلمته إلا أن للقبر ضمة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ، تطوف بي سفينة افكاري واكون بين أمواج الحزن المتلاطمة وصور الفرح المتمازجة، فأتذكر ملك الموت عندما يأتي لنزع الروح من الجسد فهل يا تُرى سأرى ملائكة الرحمة بيض الوجوه معهم سود الوجوه معهم أكفان وحنوط من النار؟ إلا أن للموت سكرات، اللهم أعنا على سكرات الموت، اتذكر حينما ارفع على الاكتاف على آلة حدباء، يتبعني ثلاثة: اهلي، ومالي وعملي، فيرجع اهلي ومالي ويبقى عملي، استرسل في احوال الناس، فيمر بي شريط ذكرياتي ويستعرض امامي حال بعض من البشر، يسعى في هذه الدنيا بلا ضمير ولا إنسانية، تغيب معه معاني الإنسانية في زحمة الحياة، ينسى الإخلاص في كل عمل يقدمه اتجاه ربه أو اتجاه أي مخلوق على وجه الارض، حينها تنهمر دموعي الحزينة، وقبل أن تأتي تكون قد احرقت قلبي، لم يجد قلبي الجريح مداويا من العذاب الذي يعتصره سوى ربي ثم خلوتي معه في آخر الليل، صدر أُريح رأسي عليه من عناء التفكير، فازداد في عمل الطاعات لتقربني إلى الله زلفى، الدنيا عزها قصير، وكنزها حقير، والآخرة خير وابقى، ومن يتعب في الدنيا يرتاح في الآخرة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين وليس لهم حط عن رحالهم إلا في الجنة أو النار. والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقة وركوب الاخطار ومن المحال عادة أن يطلب فيه نعيم ولذة وراحة إنما بعد انتهاء السفر. ومن المعلوم ان كل وطأة قدم أو كل آن من آنات السفر غير واقفة ولا المكلف واقف. وقد ثبت انه مسافر على الحال التي يجب أن يكون المسافر عليها من تهيئة الزاد المواصل. وإذا نزل أو نام أو استراح فعلى قدم الاستعداد للسير، نعم، ما لقلوبنا صماء وعمياء جامدة ونحن لا نعلم لحظة «فراقنا» لهذه الدنيا بما رحبت؟! ولو فكر الإنسان المسلم بعقلانية ماذا سيجني من هذه الدنيا لما ركض خلفها بحثاً عن حطام الدنيا، ولا يعني هنا عدم السعي في الارض طلباً للرزق، انما المطلوب هو العدل وعدم الانحراف والجري خلف التيارات الزائفة، فإن ذلك ليس من هدي النبي عليه أفضل الصلاة واتم التسليم. لافُضَّ فوك يا عبدالله، ان رحلتنا إلى «الآخرة» مؤكدة ولا تحتاج إلى تأشيرة أو حجز مؤكد من موظف أو حتى «انتظار» بل اننا ننتظر موعد الإقلاع في اية لحظة اليوم أو غداً أو الذي يليه.
وقفة
من اصعب اللحظات على الإنسان عندما يصبح البكاء بدون خشوع مع الله سبحانه وتعالى، لحظتها تصبح الحياة بدون معنى.
العنود بنت عبدالله / الرياض

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved