عندما كان قادة دول مجلس التعاون يتأهبون لمغادرة الكويت في نهاية قمتهم الرابعة والعشرين كان المسؤولون في دول الاتحاد المغاربي مشغولين بإعداد بيان عن تأجيل قمة قادة المنطقة بعد فشل الجهود لانعقادها للعام الثامن على التوالي.
صحيح أن الظروف في المغرب العربي هي غير الظروف في الخليج العربي، ومع ذلك فإن النجاح في المنطقتين لا يخضع للظروف فقط وإنما يعتمد على الإرادة الحقيقية والقوية في تحقيق ذلك النجاح وتجاوز المصاعب والخلافات.
وربما ساعد مجلس التعاون على الاستمرار طوال 24 عاماً التماثل في البنيات السياسية والاجتماعية في الدول الست الأعضاء في المجلس، وربما افتقرت دول الاتحاد المغاربي إلى ذلك.
وإذا كانت الخلافات الإقليمية حالت دون التلاقي في دول الاتحاد المغاربي فإن دول مجلس التعاون الست لم تخل من خلافات ثنائية، لكنها لم تكبل مساعي هذه الدول في العمل المشترك، وهكذا فإنه طوال 24 عاماً تنعقد بانتظام هذه القمة وفي السنوات الأخيرة أضيفت اليها قمة تشاورية.
لقد جسدت أعمال مجلس التعاون آمالاً عربية عريضة في العمل المشترك، حيث إن مثل هذا التجمع يعتبر احدى حقائق العصر التي تنادي برص الصفوف والارتقاء إلى مستويات الكيانات الكبرى؛ حيث إن الكثير من التعاملات التجارية والاقتصادية على الساحة الدولية تتم من خلال العمل المشترك الذي يقوم به هذا التجمع الدولي أو ذاك بحيث تسود عبارات التصدير المشترك والاستيراد المشترك لمختلف السلع.
وعلى ذلك فإن دول مجلس التعاون تتفاوض الآن مع الاتحاد الأوروبي على الصعيد التجاري للوصول إلى اتفاقية تستوفي تطلعات الجانبين، غير أن هذا الأمر كان سيكون صعبا في حال تفاوض دولة واحدة مع كتلة كبرى كالاتحاد الأوروبي.
مثل هذه الكيانات في المحيط العربي كان يمكن أن تستقطب جهود الدول في الإقليم الواحد وتعمل على ترتيب شؤونها وفقاً لآليات العمل الجماعي المشترك.. فضلا عن العلاقات الجماعية لها مع الكيانات الأخرى غير العربية.
إن الكثير يمكن أن يتحقق من مثل هذه التجمعات إذا استطاعت الدول العربية تغليب المصالح على الخلافات السطحية التي تصبح غير ذات معنى عندما يطغى عليها بريق الإنجازات الحقيقية التي تفيد الشعوب.
|