دعوني أقول ان هذا البرنامج بدأ مع بداية الإذاعة، ويبدو أنه سيستمر حتى لو أغلقت الإذاعة أبوابها ثم انتقل إلى التلفزيون. برنامج لا يراجعه أحد ولا أتوقع أن أحدا يسمعه أو يتابعه غير مخرجه ومعده. ربما بدأ في الزمن الذي كانت فيه الصحف لا تُقرأ من الجميع بسبب الأمية أو بسبب حداثة الصحافة وعدم انتشارها. وقد وصلنا هذا البرنامج مع بقية البرامج التي نلطشها من الغرب ولكننا عربناها أي تم تحويله إلى برنامج عربي حقيقي أي شفطنا منه فوائده. عندما أقول وصلنا ليس في المملكة وحسب بل في العالم العربي.
يعتبر في كل الإذاعات جزءاً من برامج الأخبار فغالبا ما يُذاع بعد نشرة الأخبار مباشرة. حاولت أن أستمع إليه لعلي أظفر بشيء جديد وبعد عدة محاولات أحسست أن الهدف من استمراره هو إعادة أخبار الأمس ونقل التطبيل العام الذي تمتلىء به الصحف في العالم العربي. من الواضح أنه لا تجرؤ أي إذاعة على إلغائه وتعبئة الوقت الذي يشغله بما يفيد. كان اسمه أقوال الصحف ولكنه الآن تطور وبدأ يأخذ أسماء لا حصر لها. في النهاية هو أقوال الصحف. فما زالت وربما تستمر الصحف حسب وجهة نظر معدي هذا البرنامج على أنها منبر الحكومة ووجهة نظرها. يدرك كل من قرأ جريدة أن افتتاحيات الصحف ما زالت وفية بالكامل للتفكير القديم عندما كانت الصحف تحرر تقريبا في وزارات الإعلام. كل افتتاح جريدة هو في واقع الحال وجهة النظر الرسمية أو تأييد مطلق لها. تشكل هذه الافتتاحيات المادة الأولى التي يبدأ بها هذا البرنامج. قالت صحفية كذا في افتتاحيتها كذا وقالت صحيفة كذا كذا وإذا دققت لا يختلف قول صحيفة عن أخرى إلا بالأسلوب وتنميق العبارات. أما الموضوع فهو واحد في تسعين في المائة من الحالات. يعني (الرأي رأيك يا يبه والشور شورك يا يبه).
الذي استورد هذا البرنامج من الغرب لم يراع فروق البيئة السياسية. حيث الصحف هناك تعكس الاتجاهات الحزبية. افتتاحيات الصحف في الغرب لها دلالة حزبية أو توجهات سياسية لذا تختلف جريدة عن جريدة (وليس الرأي رأيك يا يبه...) كما أن مستورد هذا البرنامج جهل أن الصحف في الغرب ليست اتجاهات سياسية فقط وإنما هي اهتمامات متنوعة. وقراءة افتتاحيات الصحف تهم الجميع لأن الجميع لا يشتري الصحف كلها. ومتابع هذا البرنامج يريد أن يعرف الآراء المختلفة حول قضية الساعة الساخنة. في حال غياب هذا البرنامج ترى من سيقرأ افتتاحيات الصحف؟ يبدو أن هذا مربوط بهذا وهذا مبرر استمرار برامج أقوال الصحف. لعل الوضع بدأ يتحسن مع وجود القنوات الفضائية. فالقنوات الإخبارية عندما تقرأ افتتاحيات الصحف العربية من المحيط للخليج تنقل وجهات نظر الحكومات غير المعلنة رسميا.
مهما بذلت كثير من الصحف في تقليد الغرب وتحويل الصحف إلى صحف تنقل الأخبار بأنواعها المختلفة وتقدم الرأي في مجمل الأحداث التي تجري في البلاد إلا أن الحرس القديم الذي ما زال يسيطر على الصحف العربية وليس السعودية فقط. حيث يسحب الجريدة ومن يقف عليها إلى القضايا السياسية ويصر على أن الجريدة ما زالت تحرر في وزارات الإعلام. ما نقول إلا (الرأي رأيك يا يبه والشور شورك يايبه).
|