د. عبد الله الدوس(*)
خطا القطاع الزراعي في المملكة العربية السعودية بشقيه النباتي والحيواني خطوات كبيرة في سبيل تحقيق الأمن الغذائي بفضل الدعم اللامحدود الذي لقيه من حكومة خادم الحرمين الشريفين فانتشرت المزارع الحديثة المتخصصة في مجالات الإنتاج الزراعي المختلفة وظهرت الشركات الزراعية الكبرى التي تستخدم أحدث تقنيات الإنتاج فتضاعفت المساحات الزراعية عشرات المرات خلال فترة قياسية لا تتجاوز عشرين عاماً وتم تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الزراعية ونشط قطاع التصنيع الزراعي كرافد حيوي للقطاع الزراعي وأصبح القطاع الزراعي أحد أهم القطاعات الاقتصادية في المملكة. ولكن التوسع الكبير في بعض القطاعات الزراعية كان على حساب استنزاف الموارد المائية الجوفية التي تشكل أهم المصادر المائية في المملكة.
إن المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية هي أحد أهم الثروات الوطنية التي يجب المحافظة عليها فهي تمثل العمود الفقري لجميع النشطات السكانية نظراً لمناخ المملكة الصحراوي الجاف وعدم وجود أنهار جارية يمكن استغلالها للزراعة والصناعة والنمو السكاني، والقطاع الزراعي في المملكة يعتبر المستفيد الأكبر من استغلال المياه الجوفية في المملكة حيث يستهلك ما يزيد على 65% من الاحتياجات المائية في المملكة بينما يستهلك القطاع الصناعي ما يقارب 25% ولا يزيد الاستهلاك السكاني على 10%.
وخلال العقدين الماضيين تم استنزاف نسبة كبيرة من الموارد المائية الجوفية غير المتجددة المخزونة في التكوينات المائية العميقة نتيجة للتوسع الكبير في زراعة القمح والشعير والأعلاف فانخفضت مستويات المياه في العديد من مناطق الإنتاج مما اضطر المزارعين إلى تعميق آبارهم الجوفية بصورة دورية لملاحقة منسوب الماء، وفي يعض المناطق جفت بعض الآبار السطحية أو انخفض إنتاجها إلى الحد الذي لا يفي بالاحتياجات المائية اللازمة لإنتاج محصول اقتصادي مما حدا بالعديد من المزارعين إلى التوقف عن الإنتاج وهجر مزارعهم.لقد أصبحت مشكلة نقص المياه في المملكة مشكلة وطنية تهم الكثير من المواطنين فأصبحت محوراً للنقاش في العديد من الدراسات واللقاءات العلمية وفي مجالس المهتمين في الزراعة وعلى صفحات الصحف والمجلات، فظهرت العديد من الآراء البعض منها ينادي بإيقاف استنزاف الموارد المائية الجوفية ولو كان ذلك على حساب استمرار بعض النشاطات الزراعية وعلى النقيض هنالك من لا يزال يطالب بدعم القطاع الزراعي والمحافظة على استمراره ويدعو إلى البحث عن بدائل أخرى للموارد المائية الجوفية حتى يتمكن القطاع الزراعي الذي استثمرت فيه الدولة والمواطنون آلاف الملايين من تحقيق الأمن الغذائي.
إن مشكلة استنزاف الموارد المائية الجوفية من قبل القطاع الزراعي هي مشكلة مرتبطة بطبيعة القطاع نفسه فالزراعة نشاط اقتصادي مرتبط بوجود الماء اللازم للإنتاج إما على هيئة مطر أو مياه ري ولا يمكن أن يقوم أي نشاط زراعي نباتي أو حيواني دون وجود الماء ولذلك نجد أن القطاع الزراعي في جميع دول العالم هو المستفيد الأكبر من المياه العذبة، وبالنظر إلى القطاع الزراعي في المملكة نجد أنه قطاع متطور يستخدم أحدث تقنيات الإنتاج في جميع نشاطاته المختلفة فالزراعة الحقلية تعتمد على نظم الري بالرش ومعظم البساتين الحديثة تستخدم نظم الري بالتنقيط والينبوع كما أن الزراعة في البيوت المحمية تشكل نسبة كبيرة من إنتاج الخضر ونباتات الزينة وفي المقابل نجد أن قطاع الإنتاج الحيواني يستخدم أحدث نظم الزراعة المكثفة لتربية وتغذية الحيوان، ولكن على الرغم من وجود أنظمة متطورة للري إلا أن كثيراً من المشاريع الزراعية تعاني من سوء الإدارة مما ينجم عنه إسراف في استغلال المياه الجوفية دون مراعاة للاحتياجات الفعلية للمحاصيل المزروعة.
جهود وزارة الزراعة
كانت وزارة الزراعة والمياه هي المسؤولة عن وضع السياسات والنظم الخاصة بكل من المياه والزراعة ولذلك فقد كانت في موقف صعب فطبيعة القطاع الزراعي وترابط مكوناته من جهة ومحدودية الموارد المائية المتاحة من جهة أخرى زاد من صعوبة الوصول إلى سياسات زراعية تضمن المحافظة على المكتسبات التي تم تحقيقها في القطاع الزراعي من حيث توفير الأمن الغذائي والمحافظة على الموارد المائية المحدودة في نفس الوقت. لقد كان تحقيق الأمن الغذائي هدفاً وطنياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الضرورية ولذلك كانت السياسات الزراعية تشجع على التوسع في إنتاج القمح والأعلاف وتربية الماشية وإنتاج الألبان والدواجن، ولم تكن الأصوات التي تنادي بتقنين التوسع في القطاع الزراعي تسمع على الرغم من أن تقارير منظمة الزراعة والأغذية أشارت إلى خطورة التوسع الكبير في الزراعة على مخزون المياه الجوفية غير المتجددة.
أدركت وزارة الزراعة والمياه منذ فترة آثار التوسع الكبير في القطاع الزراعي على الموارد المائية الجوفية مع ظهور بعض المشاكل مثل زيادة تركيز الأملاح ونقص إنتاجية الآبار، وسعت إلى تنظيم عمليات حفر الآبار وتحديد أعماق الآبار المصرح بها ومنع الحفر في المناطق التي تعاني من نقص شديد في المياه الجوفية، كما قامت الوزارة منذ عدة سنوات بتقليص المساحات المزروعة بالقمح والشعير من خلال نظام شهادات إنتاج القمح وفي الآونة الأخيرة كثفت الوزارة جهودها في تشجيع المزارعين على ترشيد استهلاك المياه من خلال استخدام نظم الري الحديثة وجدولة مياه الري لكي تتواءم مع احتياجات المحصول الفعلية بهدف تقليل الضغط على الموارد المائية الجوفية كما قامت الوزارة بتحويل 4000 مشروع مقترح لزراعة الأعلاف إلى زراعة محاصيل أخرى أقل في استهلاك المياه من محاصيل الأعلاف، كما سعت الوزارة إلى وقف تصدير الأعلاف وتم وقف منح الأراضي الزراعية في المنطق التي تعاني من تناقص في مخزون المياه الجوفية.
ومع أهمية الخطوات التنظيمية التي تمت إلا أن مشكلة نقص المياه الجوفية أصبحت تشكل العقبة الكبرى في سبيل تطور واستمرارية القطاع الزراعي، فقد أدى تدهور المخزون المائي وعدم وجود سياسات زراعية ثابتة إلى تخوف المستثمرين في دخول مشاريع زراعية جديدة وتحولهم إلى قطاعات اقتصادية أخرى أكثر أمناً مما أدى إلى فقد العديد من المشاريع الزراعية القائمة لنسبة من قيمتها الاقتصادية نتيجة للخوف من مستقبل الزراعة في المملكة.
إنشاء وزارة المياه
أدى إنشاء وزارة المياه وضم الإدارات والأجهزة المعنية بالمياه في وزارتي الزراعة والمياه والشؤون البلدية والقروية ومصالح المياه والصرف الصحي إلى توحيد الجهود الخاصة بتنمية واستغلال الموارد المائية المتاحة في هيئة إدارية واحدة مما سيساهم في توحيد الجهود وتحديد الأولويات الخاصة بتنمية واستغلال الموارد المائية وتسعى وزارة المياه حالياً لوضع خطة وطنية شاملة للمياه تحدد الأولويات والاستخدام الأمثل على أساس الموارد المتاحة في كل منطقة من مناطق المملكة ويجري حالياً إعداد الدراسات والتنظيمات الخاصة بتنمية واستغلال موارد المياه ولكن ما يخشاه المستثمرون في القطاع الخاص هو تحول تلك التنظيمات إلى معول هدم لبعض القطاعات الحيوية في القطاع الزراعي إذا لم يتم معالجة أو تقليل الآثار السلبية لتلك السياسات على القطاع الزراعي.
إن وزارة المياه مطالبة بتنظيمات تراعي خصوصية كل منطقة من مناطق المملكة من حيث البيئة والموارد المائية المتاحة وتشجع على نمو واستمرارية القطاعات الزراعية الحيوية من خلال استغلال الموارد المتاحة بصورة تضمن للمزارع تحقيق عائد اقتصادي دون الإضرار بالمخزون المائي في التكوينات العميقة غير المتجددة.
إن أي خطة لترشيد استهلاك المياه يجب أن تأخذ في الاعتبار الآثار الاقتصادية والاجتماعية للسياسات المائية على العاملين في القطاع الزراعي الذين يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع الريفي في المملكة وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على النمو في المجتمعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة الهجرة نحو المدن وما يترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية وأمنية.
إستراتيجيات ترشيد
استهلاك المياه
إن تنفيذ إستراتيجيات ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي يجب أن تتحقق من خلال برنامج وطني لإعادة هيكلة القطاع الزراعي بحيث تشرف عليه وزارتا المياه والزراعة وتشارك في تنفيذ قطاعات الدولة ذات العلاقة خاصة وزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية والبنك الزراعي بحيث يتم إعادة هيكلة القطاع الزراعي بما يتوافق مع الموارد المائية المتاحة والأولويات في تحقيق الأمن الغذائي بحيث يتم تحديد المحاصيل الزراعية ذات الطابع الإستراتيجي التي لا يمكن توفير بدائل لها بسهولة بالاستيراد ويتم تحديد المساحات الزراعية حسب الموارد المائية المتاحة في كل منطقة ويتم تعويض المزارعين المتضررين أو إسقاط الديون التي عليهم للبنك الزراعي مع العمل على إيجاد أنشطة اقتصادية بديلة وبرامج اجتماعية تساهم في تخفيف الآثار السلبية لانكماش القطاع الزراعي على المجتمعات الريفية التي تعتمد على الزراعة.
إن برنامج إعادة هيكلة القطاع الزراعي يجب أن يرتكز على مجموعة من العناصر والأدوات التي تمكنه من تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المائية المتاحة في توفير الأمن الغذائي مع تحقيق بدائل مناسبة للعاملين في القطاعات الزراعية المتأثرة، وفي رأيي الخاص هنالك خمسة عناصر رئيسية لنجاح أي تنظيم لترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي هي:
أولاً: تحديد التركيبة المحصولية والمساحات الزراعية
تحديد التركيبة المحصولية الخاصة بكل منطقة من مناطق المملكة يجب أن يكون إحدى الركائز الأساسية لأي خطة زراعية لترشيد استهلاك المياه، فالسياسات الزراعية حتى وقت قريب لم تتعامل مع خصوصيات كل منطقة كما يجب على الرغم من أن المملكة قارة مترامية الأطراف متباينة في الظروف البيئية والموارد المائية والمساحات الزراعية، ولتحقيق الخصوصية لكل منطقة يجب دراسة إمكانيات كل منطقة على حدة وتحديد المساحات الزراعية التي يمكن استغلالها والنشاطات الزراعية التي يُوصَى بها سواء في قطاع الإنتاج النباتي أو الحيواني حسب الإمكانيات المتاحة ومن ثم يتم تحديد التركيبة المحصولية الملائمة للمنطقة من خلال توجيه المشاريع الزراعية والمزارعين في كل منطقة لزراعة أنواع وأصناف ملائمة لظروف المنطقة من حيث البيئة والموارد المائية المتاحة، فعلى سبيل المثال تمتاز المناطق الشمالية من المملكة بتوافر مخزون جيد من المياه الجوفية ومناخ يميل للبرودة شتاء مما يجعلها أكثر المناطق ملاءمة لإنتاج القمح والشعير والفواكه متساقطة الأوراق مثل الخوخ والتفاح والعنب بينما تمتاز منطقة جيزان بمناخ شبه استوائي يلائم الذرة الرفيعة والدخن والفواكه الاستوائية.
ثانياً: تقنين وتوجيه
الدعم الزراعي
كان للدعم الزراعي من خلال البنك الزراعي والإعانات الزراعية دور حيوي في نشوء وتطور القطاعات الزراعية المختلفة ولكن الدعم الزراعي خلال مراحل التنمية الزراعية لم يتسم بالتوازن ولم يشمل جميع قطاعات الإنتاج الزراعي بنفس الدرجة، وعلى الرغم من تقنين زراعة القمح والشعير ووقف دعم المشاريع الجديدة لإنتاج الأعلاف لا يزال دعم مشاريع زراعة النخيل سارياً دون قيود على الرغم من أن نخيل التمر يستهلك أربعة أضعاف ما يستهلكه القمح من ماء في وحدة المساحة.
ولكي ينجح برنامج إعادة هيكلة القطاع الزراعي يجب وضع برامج لتشجيع المستثمرين للتحول لأنشطة جديدة ويتم الاستفادة من الإمكانيات البشرية والمادية في تلك المشاريع لإنتاج منتجات جديدة. كما يجب مساعدة القطاعات الزراعية التي سوف تتضرر من إستراتيجيات ترشيد المياه من خلال إعادة جدولة الديون أو تقليصها بحيث تقل الآثار السلبية على تلك القطاعات.
ثالثاً: ترشيد وتنظيم استغلال الموارد الطبيعية المتجددة
تشكل الموارد المائية أحد أهم الموارد الطبيعية المتجددة التي تأثرت بالنمو الزراعي في المملكة ولكن الموارد الطبيعية الأخرى تأثرت أيضاً بمعدلات مختلفة كالمراعي والغابات والمناطق الصحراوية ويُجري حالياً دراسة نظام جديد للمراعي والغابات نأمل أن يعمل على تحديد استغلال الأراضي بحيث يتم تصنيف الأراضي غير الحضرية حسب المقومات البيئية لها مما يمكن من حصر الأراضي التي يمكن استغلالها للزراعة والأراضي التي تخصص كمراعٍ طبيعية أو مناطق غابات، حتى يمكن وضع برنامج زمني للتوسع الزراعي على أساس الموارد المائية المتاحة.
إن هناك مساحات واسعة سبق زراعتها أصبحت أراضي مهملة يجب إعادتها إلى طبيعتها الأولى بعد أن صارت غير صالحة للزراعة إما لندرة المياه أو لتراكم الأملاح، لذلك فهناك حاجه إلى وضع برنامج لاستزراع المزارع المهجورة ببذور نباتات المراعي حتى يعود لها الغطاء النباتي الطبيعي ويعمل على تثبيت التربة ويساهم في توفير الغذاء للحيوانات الرعوية والبرية.
رابعاً: تطوير مراكز الأبحاث الزراعية والإرشاد الزراعي
تمثل مركز الأبحاث الزراعية والإرشاد الزراعي ركائز رئيسية في التنمية الزراعية ولقد أدت اتفاقيات التعاون التي وقعتها المملكة مع العديد من المنظمات والهيئات الدولية دوراً رئيسياص في إحداث نقلة كبيرة في التنمية الزراعية فتم إنشاء مراكز أبحاث متخصصة بإشراف منظمة الزراعة والأغذية FAO)) وتم انتداب باحثين متخصصين في جميع المجالات الزراعية وكانت هناك برامج مشتركة للتنمية الزراعية مع وزارة الزراعة الأمريكية والصين وهولندا وأثمرت تلك البرامج عن نقل للتقنيات الحديثة في الإنتاج الزراعي وتم تنفيذ العديد من الأبحاث والدراسات الميدانية والبرامج التدريبية حتى غدا القطاع الزراعي قطاعاً متطوراً يستخدم أحدث تقنيات الإنتاج ولكن خلال العشر سنوات الماضية انتهت معظم تلك الاتفاقيات دون وضع برامج بديلة مما أثر على مستوى الأبحاث والبرامج الإرشادية في وزارة الزراعة.
وقد زاد من تدهور مركز الأبحاث في وزارة الزراعة ضعف الدعم المادي وعدم وجود الحوافز وتأخر الترقيات مما أدى إلى تسرب العديد من الباحثين السعوديين الذين تدربوا مع الخبرات الأجنبية إلى قطاعات حكومية أخرى أو إلى إدارات أخرى داخل الوزارة حتى أصبحت معظم المراكز البحثية تفتقر للباحثين المؤهلين.
إن تطوير مراكز الأبحاث التابعة لوزارة الزراعة ضروري لإحداث تغيير إيجابي في القطاع الزراعي يمكن من خلاله تنفيذ السياسات الزراعية نحو ترشيد استهلاك المياه فهذه الأجهزة هي التي ستعد وتنفذ البرامج التدريبية والإرشادية وتعد التجارب الحقلية لإرشاد المزارعين إلى أنشطة زراعية بديلة، لذلك فإن الحاجة ماسة لدعم كبير لمراكز الأبحاث بالخبرات البشرية والتجهيزات التقنية وإيجاد برامج تعاون جديدة مع بعض الهيئات الدولية وانتداب بعض الباحثين السعوديين من الجامعات للإشراف على تطوير القدرات البشرية المتوفرة وتطوير العمل البحثي في تلك المراكز، إن تطوير مركز الأبحاث وآليات الإرشاد الزراعي عناصر رئيسية للتحول إلى أنشطة زراعية متوافقة مع الموارد المائية المتاحة.
خامساً: وضع برامج اقتصادية واجتماعية بديلة في المناطق الزراعية المتضررة
لقد كان الدعم الزراعي السخي هو الوسيلة التي أرادتها الدولة رعاها الله لتحويل آلاف من البدو الرحل إلى الاستقرار وساهمت في تحول الهجر الفقيرة إلى مدن حديثة ومتطورة، ولقد كان للتنمية الزراعية دور كبير في إحداث أنشطة اقتصادية وتجارية وإيجاد فرص عمل لنسبة كبيرة من المواطنين في المناطق الريفية وتكونت العديد من المدن الصغيرة والمتوسطة في المناطق الزراعية نتيجة للدخل المالي الجيد الذي توفره الأنشطة الزراعية المختلفة وتجارة الخدمات الزراعية المزدهرة في تلك المناطق.إن التحول إلى سياسات زراعية تضع الموارد المائية معياراً لنمو واستمرار التنمية الزراعية سوف يحد من حجم بعض القطاعات الزراعية التي كانت تحظى بالدعم في السابق، كما أن انكماش بعض الأنشطة الزراعية متوقع لكن الآثار الاقتصادية والاجتماعية على المجتمعات الريفية يجب دراستها والعمل على تقليل الآثار السلبية لها من خلال تشجيع بعض الأنشطة الاقتصادية البديلة في المناطق الأكثر تضرراً لاستيعاب الأيدي العاملة التي ستفقد مصادر دخلها التقليدية وتقديم المساعدات الاجتماعية للمحتاجين لمدة عام حتى يستطيعوا إيجاد فرص عمل أخرى.العناصر السابقة يمكن أن تساهم في نجاح هيكلة القطاع الزراعي لتحقيق التوازن المطلوب بين الموارد المائية المتاحة ونمو القطاع الزراعي على المدى القصير والمتوسط ولكن هذا لا يغني عن البحث عن مصادر أخرى للمياه يمكن أن تساهم في توفير الاحتياجات المائية لجميع النشاطات السكانية على المدى الطويل والله ون وراء القصد.
كلية الزراعة- جامعة الملك سعود
|