لا يزال الحديث عن عمل المرأة مستأثراً باهتمام شريحة كبيرة في مجتمعنا، ولا تزال شكوى كثير من النساء المتخرجات في الكليات والجامعة مستمرة من عدم حصولهن على فرص وظيفية في المجالات التي تعمل فيها المرأة.
أين تكمن المشكلة يا تُرى؟؟
امرأة تقول: أنا لا أريد إلا التدريس، وقد مرَّ بي أكثر من ثمانية أعوام منذ التخرج لم أحصل على وظيفة في هذا المجال، وأعرف المئات من النساء يعشن مثل هذه الحالة، ثم تؤكد في حديثها أن أستاذتها التي درستها في المرحلة الابتدائية هي التي درَّست أختها التي تكبرها بخمسة عشر عاماً، وهي التي تدرس أختها التي تصغرها بخمسة عشر عاماً.
وتتساءل: لماذا لا تنفَّذ الأفكار التي تطرح حلولاً سريعة لمثل هذه المشكلة؟ وتشير إلى ما سبق اقتراحه من «نصف دوام للمرأة» ومن «التقاعد المبكِّر»، وفيهما حلٌّ سريع للمشكلة، وتجديد للطاقات في مجال التعليم، وتحقيق لمطالب التوظيف في هذا المجال.
لماذا نفكِّر في فتح مجالات أخرى لعمل المرأة، ونتحدَّث عن دراسات تجري للبحث عن الوسائل الأفضل التي تضمن لعمل المرأة في تلك المجالات الموافقة لضوابطنا الشرعية، يعلم الله متى تنتهي تلك الدراسات، ولا نخطو خطوةً عملية في تنفيذ ما أشرت إليه سابقاً من حلولٍ سريعة ذات نفع كبير؟؟
إنَّ على المرأة مسؤوليات كبيرة في منزلها، وبيت زوجها، وتربية أبنائها، فنحن نعلم - يقيناً - ان هذا المجال «المنزلي» هو أهم مجال في عمل المرأة، وأنَّ وظيفتها الطبيعية في منزلها أهم وظيفة، فلماذا لا نحقِّق للمرأة من العمل الوظيفي خارج المنزل ما يسد حاجتها، ويتيح المجال أمامها لنفع وطنها، ونشر العلم والخير في مجالاتها، وما يتيح لها فرصة القيام بوظيفتها الأولى في بيت زوجِّيتها أحسن قيام؟.
ثم تتابع تلك المرأة قولها: نعرف مدرسات فاضلات ما زلن على رأس عملهن منذ سنوات طوال، قد تسرَّب الملل إلى نفوسهن، فلم يعد أداؤهن التعليمي جيداً، ولم تعد الواحدة منهن مهتمة بكثير من الأمور المتعلقة بأمانة التعليم ومسؤوليته الكبرى، وكثيراً ما نسمع منهن عبارات الملل، والتعب، والسأم من عملهن الذي امتد لسنوات طويلة، وكثيراً ما نسمع منهن عبارات «والله لولا الراتب المجزي ما واصلت في التعليم يوماً واحداً»، بل إن الأمر يتجاوز ذلك إلى عدم اهتمام بعضهن بما تحتاج إليه الطالبة من التوجيه والإرشاد والتعليم، وإلى عدم اهتمام بعضهن بتنمية ثقافتها وعلمها ومعرفتها حتى أصبح هذا البعض مجالاً لسخريات كثير من الطالبات اللاتي تعدَّدت مصادر ثقافتهن في هذا العصر.
لقد أشار أمين عام مجلس القوى العاملة في المملكة إلى ان نسبة بطالة الإناث 7 ،21% حسب تقديرات مصلحة الإحصاءات العامة، ووصف هذه النسبة بأنها معقولة جداً.
ونحن نقول: لو أن اقتراح التقاعد المبكر، ونصف الدوام للمرأة العاملة في مجال التعليم وحده نفِّذ لربما نزلت هذه النسبة نزولاً يجعل سعادة أمين عام مجلس القوى العاملة يقول عنها حينئذٍ: إنها نسبة مثالية جداً.
وأقول: هذا حديث وصل إلى مسامعي من احدى النساء الحاصلات على شهادة جامعية، وصفت فيه الحال بما ذكرت، وأشارت إلى اقتراحات طرحت من قبل ولم تنفَّذ، وأكَّدت في حديثها أننا نبحث عن الحلول الأصعب التي تحتاج إلى دراسات قد تمتد سنوات عن عمل المرأة في مجالاتٍ أخرى ربما نافست فيها الرِّجال في وظائف، هم أولى بها لعلاج البطالة الموجودة في صفوفهم، بينما لا نخطو خطوة عملية جادة تنفيذية في هذا المجال الذي يحتاج إلى عمل المرأة لتعليم المرأة.
رأي من آراء كثيرة جداً اطلعت عليها كما اطَّلع عليها غيري من خلال المجالس العامة، وبرامج الإذاعة والتلفاز، والتحقيقات والمقالات الصحفية، والندوات والمحاضرات تجسد أمامنا هذه المشكلة، وتتحدَّث عن عناءٍ كبير تجده المرأة المتعلمة وذووها في مجال الحصول على وظيفة بعد التخرّج، وعن عناءٍ كبيرٍ تجده في مكان وظيفتها الذي يضطرُّها إلى قطع مسافاتٍ بعيدة، أو السكن في أماكن نائية عن أهلها بأسلوبٍ يهز من استقرار كثير من الأسر ويربكها، ويودي بأرواح كثير من المعلمات في حوادث سير نفجع بها دائماً.
سؤال مهم يقول: هل نعجز عن حلولٍ عملية واقعية لمثل هذه المشكلة؟؟
إشارة:
أرأيت أغصاناً تَمُدُّ ظلالَها
للسَّائرين، وما لهنَّ جذورُ
|
|