Monday 22nd december,2003 11407العدد الأثنين 28 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قرار غريب.. والمليارات الخمسة في مهب الريح!! قرار غريب.. والمليارات الخمسة في مهب الريح!!

سعادة الأستاذ خالد المالك.. سلمه الله
رئيس تحرير صحيفة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
اطلعت على التصريح الصحفي للاستاذ عبدالرحمن اليمني المنشور بجريدة الجزيرة الصادرة بتاريخ 16/9/1424هـ العدد (11366) تحت عنوان «تهديد استثمارات تتجاوز «5» مليارات ريال» الذي يدور حول اشتراط ان يكون مالك المجمع الطبي أو مركز جراحة اليوم الواحد طبيباً أو أحد شركائه يكون طبيباً وحيث إنني ممن استثمر في قطاع الخدمات الطبية منذ ما يقارب العشرين عاماً فإنني أبدي وجهة نظري المتواضعة حول هذا الموضوع والمتمثلة فيما يلي:
أولاً: عند وضع أي نظام يجب أن يكون قابلا للتطبيق في أي زمان ومكان وهذا غير متوافر في نظام المؤسسات الصحية وخاصة في المادة الثالثة عشرة مادة 13/2ل فقرة (أ) حيث اننا لو افترضنا انه تم تطبيق هذا الشرط وتم مشاركة طبيب سعودي في المنشآت الصحية الحالية فإن على الطبيب السعودي ان يدفع جزءاً من رأسمال المنشأة الصحية بسعرها الحالي لكي يكون شريكاً. وقد لايتوفر لديه المال. ولو افترضنا جدلا أنه تغلب على ذلك وسدد ما عليه وأصبح شريكاً ثم مات بعد فترة والأعمار بيد الله فماذا يكون عليه وضع المؤسسة؟ لا تستطيع الاستمرار إلا بوجود طبيب آخر وأين هو الطبيب (الوضع الحالي انه لو مات المستثمر رجل الأعمال تتحول المنشأة إلى شركة يملكها الورثة كلهم أو بعضهم أو أحدهم ولا تتأثر المنشأة)؟ وكيف سيكون وضع ورثة الطبيب المتوفى؟ وهذا الوضع سوف يجعل كثيراً من الأموال المستثمرة في المنشآت الصحية تهرب إما إلى مجالات أخرى آمنة ولا خوف فيها من هذا الشرط أو إلى الدول المجاورة التي لا تضع هذا الشرط في مؤسساتها الصحية وبالتالي سوف تكون المؤسسات الصحية متواضعة الإمكانيات والذي يدفع هذا التراجع في مستوى الخدمات الصحية هو المريض.. وما هو الحل مع ورثة الطبيب المتوفى؟! إن أي رجل أعمال عاقل ومدرك لن يقدم على وضع أمواله في مشروع استثماري نهايته مربوطة بحياة رجل واحد وهو الطبيب الشريك ويدخل في دوامة قد لا تنتهي مع ورثة الطبيب الشريك ودوامة البحث عن طبيب آخر يشاركه..
ثانياً: لقد أدى تشجيع المملكة للاستثمارات في المجالات المختلفة ومنها الصحي إلى إقامة منشآت صحية على مختلف أنواعها كلفت مليارات الريالات. وأصبحت تضاهي مثيلاتها العالمية من حيث المباني والتجهيزات الطبية والفنية والإدارية. وقد أشار الاستاذ عبدالرحمن اليمني إلى ان كلفة هذه المنشآت في الرياض وحدها خمسة مليارات ريال فما هو ذنب من قام باستثمار أمواله في هذا المجال من رجال الأعمال غير المهنيين الذين استثمروا أموالهم وأوقاتهم في إنشاء المنشآت العلاجية وفقاً لأنظمة المؤسسات الصحية السابقة في وقت أحجم فيه الأطباء السعوديون عن افتتاح المنشآت العلاجية فهل هذا النظام وما نص عليه نوع من المكافأة والتقدير والتشجيع لهؤلاء الرجال المخلصين الذين خدموا هذا الوطن وقاموا بتقديم خدمات علاجية وصحية في أحياء المدن الكبيرة ومدن المملكة على اختلاف أنواعها والتي لا تتوفر فيها خدمات صحية حكومية وفي أماكن أخرى ساندوا الخدمات الحكومية في تقديم العلاج والدواء للمواطن والوافد على حد سواء ووضعوا أموالهم وإمكانياتهم خدمة للوطن وكان يمكن لهم أن يستثمروا في أوطان أخرى أو في مجالات أخرى.
ثالثاً: أمر ثالث مهم للغاية هل تتوفر القدرة المالية لدى الأطباء السعوديين وبالأعداد الكافية للمنشآت الصحية التي قد تتجاوز تكلفة إنشاء الواحدة منها مابين خمسة عشر إلى عشرين مليون ريال وحتى لو توفر هذا المبلغ لدى أحد الأطباء أو مجموعة منهم فمن سيضع كل ماله في منشأة صحية مربوطة بحياة رجل واحد حيث لن يستطيع ورثته الاستمرار فيه.
رابعاً: الفلسفة التي انطلق منها واضع هذا الشرط هو أن وجود الطبيب السعودي مالكاً للمنشأة الصحية أو مشاركاً في ملكيتها سوف يؤدي حتماً وبشكل أتوماتيكي إلى الرقي بهذه المنشأة ومنعها من الأخطاء ويا ليت هذا صحيح. ولكن الواقع ان أي منشأة صحية هي عبارة عن ثلاثة عناصر العنصر الأول هو المال وهذا قلنا إنه يتوفر لدى غير الأطباء بوفرة أكثر وهذا أمر مطلوب وقد يتوفر لدى بعض الأطباء.
العنصر الثاني الخبرة المهنية وهذه تتوفر لدى الطبيب السعودي ولا تتوفر لدى المستثمر غير الطبيب ولكنه يستطيع أن يوفرها وبشكل أفضل من مشاركة الطبيب السعودي في الملكية وذلك بالتعاقد مع طبيب سعودي يعمل مديراً طبياً ومتفرغاً لهذه المهمة. وإذا تعذر وجود الطبيب السعودي تعاقد مع طبيب غير سعودي قد يكون أكثر كفاءة وخبرة ودراية من الطبيب السعودي وبذلك نوفر هذا العنصر من غير المشاركة المحفوفة بالمخاطر. العنصر الثالث هو عنصر الإدارة/إدارية، مالية، خدمات وعلاقات عامة وتسويق وخلافه.. الإدارة في أي منشأة صحية ليست طبية فقط بل الأهم منها إدارة المنشأة الصحية إدارياً ومالياً وغير ذلك.. كثير من المنشآت الصحية فشلت نتيجة لإدارتها من قبل الأطباء. وكلنا نعرف أن الجامعات في مختلف أنحاء العالم ومنها المملكة تدرس إدارة الخدمات الصحية وإدارة المستشفيات وهي تخصصات ليست طبية ولدى المملكة عدد لا بأس من هؤلاء الخريجين ولا أعرف موقعهم مع النظام الحالي كما أن معهد الإدارة العامة يقدم برامج في المجال المذكور.
كما أن الدولة تنفق مبالغ طائلة على تعليم الطبيب وتدريبه لكي يخدم الوطن والمواطن كطبيب وعن طريق ممارسة مهنة الطب وأعداد الأطباء السعوديين قليلة جداً والحاجة إليهم ماسة كأطباء. فإذا فتح المجال لهم كمستثمرين فإن هذا سيصرفهم عن مهنة الطب فلماذا تخسر عليهم الدولة هذه المبالغ الطائلة ثم يتركونها ويعملون كإداريين؟
خامساً: إن هذا النظام سيكون مقدمة لتغيير أنظمة أخرى وسيمهد لكل تخصص المطالبة بأن يكون له حق المشاركة في المشاريع المتعلقة بتخصصه وعلى سبيل المثال تخصص أغذية سيطالب بالمشاركة في المطاعم والمطابخ، تخصص التربية سيطالبون بالمشاركة في فتح المدارس والكليات والجامعات الخاصة عليهم وهكذا في بقية التخصصات. ومن ثم فإن المستثمر سوف ينحصر نشاطه في مجال واحد أو ندفعه لإخراج ما لديه من سيولة إلى خارج الوطن يستفيد منها الآخرون وينحرم منها اقتصاد بلده. لقد اختلط على من اقترح ذلك النظام أمران أولهما كونه مجالاً استثمارياً يجب ان يكون مفتوحاً لرجال الأعمال السعوديين وغير السعوديين لكي يستقطب أموالاً كبيرة ترفع من مستوى إنشاءاته ومعداته وتجهيزاته والعاملين به، والأمر الثاني حاجة خدماته إلى توجيه مهني طبي.. المشكلة ان المقترح ضحى بالأمر الأول وهو مهم جدا من أجل الثاني وكان يمكن تشجيع الأول وفتح المجال أمام الجميع كمجال استثماري لا قيود عليه والحفاظ على الأمر الثاني بالنص أن يكون المدير الفني للمنشأة مهنياً طبيباً سعودياً وغير سعودي إن تعذر وجود السعودي هنا، وبهذا الأسلوب نحافظ على الاستثمار في هذا المجال بل ونشجعه وندعمه ونرقى بمستوى الخدمات الطبية ونحافظ على الإدارة المهنية الطبية.
نقطة أخرى مهمة وهي أن النظام اقتصر العيادات على الأطباء، وباعتبارهم سعوديين لهم حق الاستثمار أيضاً في المجالات الأخرى أياً كان نوعها. وما دام الأمر كذلك فلماذا نضيق المجال على رجال الأعمال ونحرم القطاع الصحي من استثماراتهم وخبراتهم التي تكونت على مر السنين؟الأمل معقود بعد الله على معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع لتبني حذف اشتراط مشاركة الطبيب السعودي في ملكية المنشآت الصحية من مجمعات طبية ومراكز عمليات اليوم الواحد وجعل ذلك مفتوحاً للجميع.. ولاسيما ان حكومتنا الرشيدة بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني تتبنى الاقتصاد الحر وتسعى جاهدة إلى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وتدفع القروض لدعم المنشآت الصحية وتقدم فرصاً متساوية ومتوازنة لجميع مواطنيها ولا تحابي أحدا على أحد ولا ترضى بإلحاق الضرر بمواطنيها حفظ الله بلادنا من كل مكروه ووفق الله العاملين إلى ما فيه صلاح الوطن والمواطن.

أحمد بن عبدالرحمن أبو حيمد

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved