* تغطية - سعيد الدحية الزهراني:
ضمن الأنشطة الثقافية للمهرجان الوطني للتراث والثقافة «19» الجنادرية ألقى معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ محاضرة بعنوان العدل والسلام في الإسلام، وذلك بعد صلاة المغرب من مساء يوم السبت الموافق 25/10/1424هـ بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات.
حيث أدارها معالي الشيخ الدكتور راشد الراجح الذي رحب بمعالي الشيخ صالح آل الشيخ وبالحضور مشيراً إلى أهميةموضوع المحاضرة الملحة وخاصة في وقتنا الحاضر.
كما أشار في لحمة سريعة إلى أبرز ملامح حياة الشيخ العلمية والعملية.
وانتقل إلى موضوع المحاضرة المخصص من قبل اللجنة المختصة بالمهرجان.
مشيراً إلى ان الموضوع المحدد العدل والسلام في الإسلام يبدو أعم وأشمل من أن يحتوي في محاضرة يحكمها الزمن المحدد وابتدأ المحاضرة بتقسيمها إلى قسمين رأسيان (العدل، الإسلام) وعلى ضوئهما جاءت محاضرته.
ضمن العدل ذكر ان العدل من أركان السلام وهو الميزان الذي يقوم عليه السلام، ولا سلام من غير عدل، وبالعدل تثبت الحقوق، وتقر المساواة، وإذا أقيم العدل استتب الأمن.
ولقد حث الله -عز وجل- على العدل في القرآن الكريم وحث الرسول صلى الله عليه وسلم عليه في السنة المطهرة.
قال تعالى: {وّإذّا قٍلًتٍمً فّاعًدٌلٍوا وّلّوً كّانّ ذّا قٍرًبّى" وّبٌعّهًدٌ اللهٌ أّوًفٍوا}.
المراد من القول الحكم بين الناس، والفصل في الخصومات.
والمراد بالعدل مراعاة الصدق في الصديق والعدو، بلزوم جادة الإنصاف، والوقوف مع الحق، وعدم كتمان الحق، وعدم الميل لأحد.
وذكر الفقهاء ان القاضي يجب عليه العدل بين الخصمين في لحظه ولفظه.
ومن عَدْلِ الله - تعالى- قوله: {وّلا تّزٌرٍ وّازٌرّةِ وٌزًرّ أٍخًرّى"}.
وقال صلى الله عليه وسلم - في فضل من قام بالعدل: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن -عز وجل- وكلتا يديه يمين، الذين يَعْدِلُونَ في حُكْمِهم وأهليهم وما وَلُوا».
والمقسطون هم العادلون.
كما أشار إلى ان من مظاهر العدل:
1/العدل بين الأولاد:
قال صلى الله عليه وسلم: «اعدلوا بين أولادكم في العطية»
فإن التفضيل يؤدي إلى التباغض والتحاسد.
2/ العدل بين الزوجات:
قال تعالى: {فّإنً خٌفًتٍمً أّلاَّ تّعًدٌلٍوا فّوّاحٌدّةْ}
وقال صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة يجرُّ أحد شقيه ساقطاً».
3/ العدل في الرعية:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله تعالى»، وفيه: «وإمام عادل».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة، وحد يقام في الأرض بحقه أزكى فيها من مطر أربعين يوماً».
4/ العدل مع الأعداء:
الإسلام يحث على العدل، حتى مع الأعداء.
قال تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}.
- اختصم يهودي ومسلم إلى «عمر بن الخطاب» -رضي الله عنه- فرأى عُمَرُ الحقَّ لليهودي، فَقَضَى على المسلم. فقال اليهودي: والله إن الملكين جبريل وميكائيل لينطقان على لسانه.
قال ابن عباس: ما حَكَمَ قومٌ قط بغير ما أنزل الله إلا فَشَا فيهم القتل.
أما القسم الرئيسي الثاني من المحاضرة وهو السلام فقد ذكر معاليه أن الإسلام دين السلام، والحديث عنه مهم؛ ذلك ان الكثيرين من المتجنين على الإسلام نسبوا إليه بأنه أقيم بحد السيف، إن الإسلام جاء بالسلام القائم على العدل والحرية والمساواة والشورى، والتكافل الاجتماعي.
والإسلام هو الاستسلام لأوامر الله ونواهيه، ولكنه ليس الاستسلام لمكر العدو ودهائه وعدوانه.
إن السلام في الإسلام، هو سلام الأقوياء، سلام الحق، سلام الأمن.
الله -عز وجل- أرسل رسوله بالهدى والدعوة إلى الخير بعيداً عن الشر، يدعو إلى الأمان والاطمئنان والسلامة بعيداً عن العدوان، وضَعَ ثواباً لمن عَمِلَ وأحسنَ في الدنيا بأن له الأجر العظيم في الآخرة.
قال تعالى: {يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا \دًخٍلٍوا فٌي پسٌَلًمٌ كّافَّةْ $ّلا تّتَّبٌعٍوا خٍطٍوّاتٌ پشَّيًطّانٌ إنَّهٍ لّكٍمً عّدٍوَِ مٍَبٌينِ}.
وقد شرع الإسلام من الأحكام ما يدبر علاقة المسلمين بغيرهم أحسنَ تدبير.
لذا أسس الإسلام هذه العلاقة على قواعد العدل، واحترام حقوق الأفراد، وكفالة الحرية لهم، وتبادل المعاملات معهم. والأصل في هذا قوله -عز وجل-: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قتل مُعاهداً لم يَرَحْ رائحةَ الجَنَّةِ، وإِنْ ريحَها يُوجَدُ من مسيرةِ أربعينَ عاماً».
والإسلام لم يفرق بين المسلم والذمي في العقوبات: ففي القصاص: النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص.
وفي أحكام الديات والضمان والتعازير: يجرى على الذميين ما يجرى على المسلمين.
وفي الأحكام الشخصية: كالزواج والطلاق لايتعرض لهم المسلمون، ولو خالفت دين الإسلام إلا إذا ترافعوا إلى المسلمين، وطلبوا إجراء حكم الإسلام بينهم.
واختتم معاوية محاضرته بذكر الشروط العامة للسلام وهي:
الحق شرط أساسي من شروط السلام.
قال عز وجل: {لّقّدً جّاءّتً رٍسٍلٍ رّبٌَنّا بٌالًحّقٌَ} التزام الذمي بالعهد والميثاق، فلا سلام إذا خرق الذمي العهد.
الامتناع عن محاربة المسلمين، فلايجوز حرب مَنْ لايعتدي على المسلمين.
قال تعالى: {وّإن جّنّحٍوا لٌلسَّلًمٌ فّاجًنّحً لّهّا وّتّوّكَّلً عّلّى الله إنَّهٍ هٍوّ السَّمٌيعٍ العّلٌيمٍ}.
بعد ذلك جاء تفاعل الحضور من خلال عدد من المداخلات والأسئلة حيث كان منها:
عصام بكري: أرى ان القضية ليست العدل والسلام في الإسلام بل القضية هي العدل والسلام عند المسلمين فما تعليقكم؟
آل الشيخ أوافقكم حول هذا وأرى أنه على كل مسلم ان يتحرى العدل والسلام في جل مناحي حياته ويراعي الله في ذلك.
د. بهاء عزي: ماهي الآلية المعمول بها في نظام الحكم السعودي؟
آل الشيخ أتمنى أن لو أقرت محاضرة كاملة في هذا الموضوع أما الآلية المعمول بها في نظام الحكم السعودي فهي تعتمد على النظرية السياسية في الإسلام وهذه النظرية تقوم على نظم وآليات محددة على ضوء الإسلام. وقد تكون تلك الآليات معمولة منذ زمن مضى والزمن اليوم قد تغير واستحدثت فلابد من النظر فيها بتعقل واتزان. الدكتور عوض القرني تحدث عن السلام في الإسلام في واقعنا المعاصر حيث ذكر أننا أحوج ما نكون في زمننا الحاضر هذا إلى الجهاد فنحن بالغنا في السلام إلى حد الضغط؟ آل الشيخ أوافق د.القرني لكني أشرت في حديثي إلى ضيق الوقت كما ان العنوان المحدد للموضوع يفرض ذلك وهو العدل والسلام في «الإسلام».
تساءلت ابتهال باقشندي عن الخطاب الديني الموجه وما طرق تفعيله؟
آل الشيخ الخطاب الديني يختلف باختلاف الأزمان وأظهر دليل اختلاف الخطابات الدينية للرسل عليهم الصلوات والسلام برغم ان الهدف واحد كما أؤكد على ان هناك آليات ونظم يفترض ان يعاد النظر فيها.
|