تغطية عبدالحفيظ الشمري:
في سياق الانشطة الثقافية للجنادرية لهذا العام اقيمت على مسرح قاعة الملك فيصل للمؤتمرات ندوة اصلاح البيت العربي في محوره «الثقافي والاعلامي» والتي ادارها سعادة الاديب الاستاذ حمد بن عبدالله القاضي حيث قدم للندوة مقدمة محددة حيث اشار الى ان الامم تبحث عن وجودها من خلال الاعلام الذي اصبح ثورة عظيمة في عالم الحضارة الانسانية.
قدم الاستاذ حمد القاضي ضيوف هذه الندوة حيث قدم فارس الندوة معالي الدكتور محمود سفر السفياني بسيرة ذاتية مقتضبة اشار فيها الى ان الدكتور السفياني معروف لدى الجميع.
جاءت ورقة معالي الدكتور محمود سفر السفياني على هذا النحو:
لنا أن نسأل من اين يبدأ اصلاح العرب لمنظومات تعليمهم، ومتى، وكيف؟!
أما من اين؟ فالبداية الصحيحة في نظرنا تكون في تحديد مرتكزات واضحة ومحددة يلتف حولها الناس، وينطلق منها الاصلاح، ونحسب ان من ابرزها ثلاثة هي:
** التمسك بثوابت الدين والنظام الاخلاقي والقيمي للامة.
** والانفتاح على العصر والاخذ باسباب التطور والتقدم.
** واسقاط اساليب التلقين وتشجيع الدارسين على إعمال عقولهم، وحثهم على استيعاب العلوم والمعارف بالحوار، والمناقشة، وابداء الرأي.
جاءت كلمة الدكتور فؤاد مطر مرتجلة حيث اشار بداية الى اننا بحاجة الى دراسات تناسب هذا الجيل لاسيما وان وزارات التربية والتعليم في العالم العربي ما زالت تعاني من قصور في تقديم رؤية حديثة تناسب الالفية الثالثة من اجل منع الهجرة العلمية والثقافية، وكذلك رحيل العديد من العقول والمواهب النافعة الى عوالم اخرى من عوالم رعاية القدرات الانسانية.
وفي الجانب الاعلامي اوضح الدكتور مطر ان الفضائيات العربية بعضها يعاني من التسطيح والهشاشة بل انه لم يعمم هذه الفكرة انما قال بعضها وليس كلها وعول على اهمية الاعلام التربوي حيث يرى انه هو الفكرة المناسبة، واشار إلى المملكة العربية السعودية حيث حرصت على تنشئة جيل جديد من الباحثين والمبدعين الذين نتمنى ان تكون خطواتهم مفيدة.
تلت ورقة الدكتور مطر ورقة الاستاذ الدكتور أحمد صدقي الدجاني والتي قرأها نيابة عنه مدير الندوة الاستاذ حمد القاضي حيث جاء في ورقته والتي وسمها بعنوان «السياسات الثقافية العربية» كما يلي:
لنا ونحن نعرض الى حديث السياسات الثقافية العربية الراهنة ان نستذكر بايجاز مفهومنا للثقافة وقد عرضناه في كتابنا «عرب ومسلمون وعولمة» الصادر عام 2000 وقلنا فيه: الثقافة في ابسط تعريفاتها هي «مجموع عناصر الحياة واشكالها ومظاهرها في مجتمع من المجتمعات، فهي اذاً «جماع حياة المجتمع» يكتسبها الفرد من مجتمعه وينميها بجهد عقلي داخلي وبعلم يتخصص فيه، فيتأدب على حد تعبير اجدادنا اخذاً من كل علم بطرف، ويعتز المجتمع بثقافته التي يتفرد بها لكونها نتاج امتزاج فكري نفسي عاطفي يوجه الانسان، كما لاحظ د. اذرشب في ندوة التعاون العربي الايراني ويمكن ان نضيف و«روحي» ايضا وقد قدر احد الباحثين الغربيين «ميردوك» وجود ثلاثة الاف ثقافة في عالمنا كما اورد «هارشي شابيرو» في كتابه «نظرات في الثقافة» وثقافة مجتمع ماتصور كما لاحظ ويل ديورانت في موسوعته قصة الحضارة عملية الانتخاب الطبيعي الذي تقوم به تجارب لا حصر لها..، كما تصور حكمة الاجيال التي تعاقبت في المجتمع فتجمعت تراثاً غزيراً، ويلاحظ العلماء ان للدين تأثيراً قوياً على الثقافة، شأن اللغة، وانطلاقاً من هذا التعريف يمكن ان نتحدث عن ثقافة النوبة مثلاً في وادي النيل، ومثيلاتها هنا وهناك في عالمنا، باعتبارها ثقافة محلية، وعن ثقافة قطرية هي جامع للثقافات المحلية.
وقد اوردنا في كتاب عرب ومسلمون وعولمة تعريف الحضارة ولاحظنا ان هذا التعريف يجعل الحضارة تضم في داخلها عددا من الثقافات القطرية في جامع مشترك تفاعل الانسان فيه مع المكان والزمان واسهم في بناء الحضارة عنصر الدين بما وفره من رؤية كونية، وعنصر اللسان الجامع المشترك، الى جانب عنصر التقاليد والنظم والقيم في دائرة واسعة ينتمي الجميع اليها حضارياً.
مستذكرين ما أوردناه بشأن تصنيف هذه السياسات نقف هنا أمام الموضوعات المطروحة والقضايا المتصلة بها لنلاحظ أن علاقة المثقف بالسلطة هو أحد هذه الموضوعات وقد تناولته بحوث كثيرة ضم عددا منها كتاب «الثقافة والمثقف في الوطن العربي» «الصادر عن مركز درسات الوحدة العربية»، ومنها موضوع «الأبداع الثقافي» وموضوع «الثقافة العربية بين الوحدة والتكامل» ، وموضع «التجديد الثقافي»، وموضوع «الالتحام بين العلم والثقافة»، وموضوع «الثقافة السياسية وأزمة التنوير في المشروع الثقافي العربي المعاصر» وهذه وغيرها موضوعات تجد السياسات الثقافية العربية نفسها مدعوة إلى الانشغال بها.
واوضح أن أي تناول للسياسات الثقافية العربية المعاصرة يقتضي ملاحظة ما طرأ من تطور هائل على صعيد الاتصال الثقافي بفعل ثورة الاتصال. وكم يبدو البون شاسعاً بين ما كان عليه الحال عند بداية التعاون الثقافي العربي الذي شرحه ساطع الحصري وما عليه الحال اليوم على صعد الاذاعة والتلفزة والقنوات الفضائية والكتاب وغيرهم، وهذه جميعها يجب ان تأخذ في الاعتبار اثناء وضع هذه السياسات.
نستشعر الحاجة هنا الى التأكيد على اهمية احترام جميع الثقافات العربية المحلية في اطار الاعتزاز بالثقافة العربية الواحدة بما تحفل به الثقافات المحلية من غنى، كما يعني احترام ثقافات الاقوام في وطننا الكبير واحترام ألسنتهم في اطار خطط مدروسة.
وبعد..
ان لنا في ضوء ما سبق ان نتطلع الى سياسات ثقافية عربية تعبر عن الغد المأمول وتنطلق من بصيرة تشوف المستقبل وتحقق انطلاقة ثقافية.
وبعد ان تلا الاستاذ حمد القاضي ورقة الدكتور احمد صدقي الدجاني جاء دور المداخلات حيث كانت البداية للاستاذ عبدالله الشهيل حيث اشاد بمبادرة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز حول هذا العنوان وهو «اصلاح البيت العربي» من اجل اكساب الاصلاح شمولية في الطرح في اطار اشراك افراد المجتمع بكل تنوعاته.
ثم ورد سؤال لمعالي الدكتور محمود مسفر عن ظاهرة العولمة ومدى اثرها حيث اجاب مؤكداً على ضرورة ان تكون انفسنا مستعدة لأن نتفاعل مع هذا التيار ونأخذ منه مايفيد وماينفع المجتمع.
د. حامد احمد الرفاعي كانت له مداخلة على اوراق هذه الندوة حيث اكد على ضرورة التجديد والتطوير في هذه المناهج الانسانية التي اصبحت من جملة التحديات الحالية واهمها تحديد مفردات مفاهيم الخطاب الاسلامي حيث يرى ان هناك خللاً في فهم هذه المفردات واهمها تداخل مفاهيم الشريعة والعقيدة وكذلك غياب الفقه الضروري لفهم الاخرين وكذلك التعايش مع الامم الاخرى.
كما جاءت العديد من المداخلات التي تتحدث عن اهمية ان يكون عنوان هذه الندوة قريباً من واقع الامة ومحققاً لتطلعات الاجيال القادمة كما اكد ذلك الاستاذ الدكتور ميلاد حنا وكذلك مداخلة الدكتور عائض الردادي ووردت اسئلة للمحاضرين من كل من حماد السالمي ويعقوب الزهيري ولم يتمكن بعض المشاركين في هذا المحور ان يقدموا مالديهم لرداءة الصوت في القاعة الرئيسية.
|