عمل الإنسان في الحياة الدنيا مطلب رئيس حتى يكون عضواً فاعلاً في مجتمعه، والكل منا بني البشر واجب علينا تقلد أي عمل نكون قادرين على أدائه، استناداً إلى التأهيل العلمي، أو الخبرة العملية المكتسبة سواء بمؤهل أو بدون مؤهل، ولا يجوز لأي امرئ أن يترك وظيفة أو مهنة مهما تكن طبيعتها، وهو قادرعلى أدائها خصوصاً إن كان بحاجة إلى عمل، مع السعي الدؤوب للحصول على أي عمل شريف ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولا شك أن هناك من طالبي العمل من يرفض عمل ما بسبب عدم توافقه مع تأهيله العلمي، إلا أنه لا يمكن أن يكون توجه مثل ذلك يعد مسوغاً إلى طول في الانتظار في الحصول على عمل يوائم المؤهل، ولعل قبول البعض لأي عمل وان كان غير موائم لتأهيله العلمي، ربما يكون طريقا من خلاله يوصله إلى عمل يتفق وتخصصه الدراسي في المستقبل القريب بإذن الله، وهذا ما يسهم للفرد في ألا يكون عالة على مجتمعه، وفي هذه المقالة سوف نتحدث بإيجاز عن فوائد العمل عن بعد، فالعمل عن بعد يجعل من الإنسان متواصلاً مع مجتمعه بأي جهد يقوم به، بغض النظر عن مستوى تأهيله العلمي، أو مدى قدرته الصحية، فقد ظهر في العديد من المجتمعات ومنها داخل مجتمعنا نماذج طيبة، أبت إلا أن تكون عضواً مشاركا فاعلاً في مجتمعها، من خلال قيامها بالعمل عن بعد داخل منازلها، وعلى سبيل المثال فقد احتلت المرأة في المملكة الصدارة في القيام بالعديد من الأعمال عن بعد من داخل بيتها، وذلك في صناعة الأطعمة والملابس، وكان في زمن من الأزمان وعلى نطاق محدود تقدم خدماتها العملية إلى الأسر داخل الحي الذي تقطنه، وفي عصرنا هذا أصبحنا نسمع، بل نشاهد أن هذه الجهود أضحت تصل إلى مستوى تجاري متقدم، خصوصاً في صناعة الأطعمة، حيث أضحت تقدم من خلال ذلك طهي وتجهيز الأكلات الشعبية والشرقية، وذلك لطلبات الولائم الكبرى، ومشاريع إفطار الصائمين في المساجد ومراكز الإفطار، إن توجهاً كهذا يتطلب من المسؤولين عن التوظيف في البلاد، إيجاد آليات تدعم هذه التوجهات الوطنية، فضلاً عن دعم ومؤازرة المواطنين لهم نحو دعم وتشجيع هذه الفئة الوطنية من خلال التعامل معهم، حتى نضمن استمرارية عمل المرأة عن بعد في المشاركة المجتمعية كل حسب خبرته وتخصصه، وإذا ما أردنا أن نذكر المزيد من الأعمال التي بالإمكان القيام بها عن بعد خصوصاً بواسطة المرأة، مع إمكانية تعامل وتعاون الجميع فيها، وذلك فيما بين أصحاب المهن والمستفيدين من خدماتهم، فهناك على سبيل المثال إعداد أنظمة البرمجة الحاسوبية من خلال التعاقد مع منشآت الحاسب الآلي التي تصنع وتقدم خدمات بيع الأنظمة الحاسوبية، وكذا منشآت الدعاية والإعلان التي تتخذ من الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) مجالاً رحباً وواسعاً دعائيا لتسويق المنتجات الصناعية وغيرها من خلال هذه الشبكة، كما أن لخريجي علوم القانون والاقتصاد واللغات، خصوصاً من حملة الدراسات العليا، فرصاً عديدة في تقديم الخدمات الاستشارية والبحوث العلمية والميدانية، وأعمال الترجمة، وهنا نذكر التجارب الدولية من أن عدد العاملين عن بعد في الولايات الأمريكية تجاوز إلى (19) مليوناً حتى عام 1999م، ويحدث ذلك في بلد تشارك فيه المرأة في العمل الميداني والمكتبي بكافة مواقع العمل دون استثناء، ومع هذا حققت مثل هذا الرقم في مجال العمل عن بعد. فعلينا هنا أن نبادر وأن يسعى كل مواطن في أن يتعامل مع هذه الفئة، لسد احتياجاته الصغير والكبير منها، فهذا يعد دعماً آخر للتحول الوظيفي في سعودة الوظائف، كما أن هؤلاء العاملين عن بعد، عليهم الظهور والتعريف بأنفسهم من خلال الإعلان عن عناوينهم والأنشطة التي يقومون بها، فهذا مسلك ديني ووطني، واجب على الجميع دعمه ومؤازرته.
* الباحث في شؤون الموارد البشرية
|