Sunday 21st december,2003 11406العدد الأحد 27 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
الأمن والعلم
د. فارس محمد الغزي

من الحقائق المؤكدة والتي أعادت تأكيدها في أذهاننا الأحداث الإرهابية الأخيرة. اخلاص رجل الأمن السعودي لوطنه واستعداده لبذل أغلى ما يملك في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار مجتمعه. ولا شك في أن مسؤولية الحفاظ على الأمن مسؤولية وطنية تتوزع مهامها على جبهات وساحات وخنادق تماما على غرار مضامين مقولة إن «كل مواطن رجل أجل»، فالأب رجل أمن على جبهات التربية كما أن المعلم رجل أمن في ساحات التعليم مثلهما مثل العسكري المرابط على ضفاف خنادق الذود المباشر عن كل ما من شأنه تعكير صفو أمن وطنه. ورغم ما يبدو من تعدد في أبعاد هذه المسؤولية فكلها بالتأكيد تصب في حوض هدف واحد ألا وذلك هو سلامة المجتمع وحمايته من الأخطار. وحقيقة كهذه تحتم السعي نحو ضمان تحقيق (التكاملية) بين كافة أبعاد ومقومات وأطراف هذه المسؤولية وتنظيمها بشكل يضمن تحقيق الأهداف المرجوة منها.
وليس هناك أنسب من تسخير (العلم) لتحقيق مثل هذا الهدف حيث إن من أبرز سمات هذا العصر ما يتمثل في ازدياد يقين البشرية في ايجابية (علمية) الأمن.. وأقصد بذلك التعامل مع مفهوم الأمن علميا بكافة نواحيه النظرية والتطبيقية.
ومن أبرز الأمثلة الحية على ايجابية (علمية) الأمن في وقتنا الحاضر ما يتمثل في تعامل الدول الغربية مع موضوع «الإرهاب» على سبيل المثال، حيث يتجلى هناك ما يشبه الإرتباط الوثيق في صياغة سياسات واستراتيجيات المكافحة بين قطاعاتهم الرسمية وجامعاتهم ومثيلها من مراكز البحوث العلمية المتخصصة. فبفضل ما جنوه من خبرة تراكمية ايجابية جراء تسخيرهم للعلم في مكافحة الجريمة المنظمة لديهم منذ أوائل القرن العشرين الميلادي أدرك هؤلاء القوم خطورة حصر أوجه التعامل مع الإرهاب بوصفه موضوعا سياسيا فقط، فكان أن عمدوا إلى مكافحته بطريقة تكاملية تشمل ضمن ما تشمل أبعاده التاريخية والنفسية والاجتماعية الدينية وغير ذلك مما ينضوي تحت لواء ما يعرف هناك بعلم «الحركات الاجتماعية Social Movements وهذا العلم يعتبر فرعا من فروع علم الاجتماع ومثلما يتم تدريسه في المراكز الأكاديمية هناك فهو يستخدم ايضا في أروقة دوائرهم الأمنية وذلك لتفسير طبيعة (الحركات الاجتماعية) وفهم آليات تكونها وبواعث قيامها وطرائق واستراتيجيات تجنيدها لأتباعها وآليات اتخاذ قراراتها، علاوة على تحري أفضل السبل لاختراقها وتفكيكها. وكما يتم دراسة طبيعة هذه الحركات بنائيا وتنظيميا يتم كذلك فهمها من خلال دراسة «الفرد»... العضو الفاعل فيها وذلك عن طريق البحث في عوامل الانتماء والعضوية والأمان النفسي والاعتمادية والعزلة والسيطرة والبرمجة العقلية والتحكم وما إلى ذلك من موضوعات نفسية واجتماعية.
عليه كم أتمنى أن نشرع من الآن في تسخير العلم في سبيل تدعيم وتعضيد أمن وطننا الغالي.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved