تمخض الجبلُ فولد فأراً.. هذا بالضبط حال رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي أرييل شارون الذي حاول الإيحاء منذ مدة ومن خلال عدة تسريبات بدأت أولاً من نائبه ثم وزير خارجيته، بأنه بصدد إطلاق مبادرة «سلام» تعيد الزخم و«الحيوية» لجهود السلام وتحيي خطة «خارطة الطريق». وكان يتوقع ان يصدق شارون ولو لمرة واحدة، ويقدم ما يتيح استئناف جهود السلام وخصوصاً ان العديد من الخطوات والمبادرات الدولية والاقليمية والعربية قد مهدت لذلك. فإذا هو يقدم على إطلاق خطوة معرقلة مما دفع اكبر الداعمين لإسرائيل وحلفائها التقليديين الامريكيين الى رفضها واعتبارها خطوة أحادية لا تساعد على تنفيذ خطة الطريق لأن واشنطن ترى أن التسوية يجب أن تكون تفاوضية ولا يجب أن تفرض من جانب واحد، ومن خلال شروط مسبقة تقطع الطريق على خارطة الطريق.
والتقييم الأمريكي يتطابق مع تقييم زعيم المعارضة الإسرائيلية شيمون بيريز الذي رأى في «مبادرة شارون» إرجاء للاستحقاقات بدلاً من اتخاذ قرار تنفيذ الاستحقاقات للبدء في تنفيذ خطوات تمهد لتنفيذ بنود خطة الطريق، وأن شارون يضيع الوقت بدلاً من ان يستثمره رغم أن المرحلة صعبة والوقت ضيق.
آراء اصحاب الشأن من الاسرائيليين وحلفائهم الامريكيين هذه لا تعري مبادرة شارون فقط، بل تظهرها بأنها عدمية وسلبية وبلا فائدة، اما المنصفون من المهتمين بشأن الصراع العربي الإسرائيلي فيرون فيها وما تضمنته من تهديدات وشروط مجحفة، تعرية تامة لشارون وحكومته، وأنها - أي المبادرة - آخر أوراق الخداع التي كانت تستتر بها عورتها المناكفة للسلام.. ولخارطة الطريق بالتحديد.
ولذلك فإن شارون بإفصاحه عن نواياه الحقيقية في فرض «الحلول» أحادية الجانب التي تفرض اغتصاب الأرض الفلسطينية وتدمير أي امكانية لإقامة الدولة الفلسطينية، يؤكد أنه لن يكون هناك سلام منتظر طالما ظل على قمة السلطة في الكيان الاسرائيلي.
|