Saturday 20th december,2003 11405العدد السبت 26 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وعلامات وعلامات
بين محمود شاكر وطه حسين..!«3/3»
عبدالفتاح أبومدين

يتساءل الدكتور عزالدين، عما إذا «كان المنهج هو مصدر الخلاف بينهما»، ويشكك الدكتور عزالدين في المعلومات التي قدمها المحقق محمود شاكر، حيث لم يدلل عليها، وهي المتعلقة بجدة المتنبي وتربيتها له، حيث يؤكد الأستاذ شاكر على «أثر التنشئة لا على شخص الشاعر فحسب بل على شعره كذلك»، بدليل ثناء المتنبي على جدته في شعره، غير أن تخريج الشيخ شاكر في اهتمام جدة المتنبي بتربيته هو سر نبوغه وبروزه، ينقصه الدليل، ذلك ان دور الجدة محدود، إلا ان العبقرية هي سر عظمة المتنبي، وليس شيئاً آخر، من تخريجات الشيخ شاكر الوهمية، التي لا سند له فيها.. ونقرأ في أحاديث الأستاذ شاكر ما يسمى تعميماً في الحكم لا يوجد ما يؤكده، ثم نجده يتهم الأستاذ العميد بعنف وقسوة، انه سرق منه، وطه حسين أكثر فهماً ودراية بالمنهج، لكن الشيخ شاكر يجهل الأستاذ العميد، وما قاله ادعاء وتوجهاً لا دليل عنده عليه، ولذلك جنح إلى الشتم والسباب والظنون. ونجد في دراسة الدكتور عزالدين ومطالعته لأحكام الأستاذ شاكر، أنه يخطّئ محمود شاكر في أشياء من استنتاجاته وأحكامه.. غير اني كنت أؤثر ان أقرأ قصة السرقة والسطو، اللتين يتهم بهما شاكرٌ طهَ حسين، إلا ان الدكتور عز، آثر ألا يخوض في هذه القضية، التي نحتاج فيها إلى أحكام فاصلة وعادلة وبينة، من رجل ذي باع في النقد والدراسات الأدبية تجزي، وفيها غنى.!
* وأرى في دراسة الأستاذ محمود شاكر، ان صاحبها ينطلق من ذائقة محقق، وطه حسين ينطلق من ذائقة تذوق.!
* ولقد أبانت الدراسات الحديثة أسباب لجوء المتنبي إلى اخفاء اسم ابيه ونسبه في تلك الظروف الصعبة التي كان يعيش فيها الشاعر، في أثناء حركة القرامطة، إذ من الصعب ان يعلن المتنبي نسبه، وهو كما قالت الدراسات انه من الأشراف.
* وذهب طه حسين إلى شعور المتنبي الصبي بهذه الصفة أو بهذا الضعف من ناحية أسرته وأهله الأدنين، قد كان العنصر الأول الذي أثر في شخصية «المتنبي». ويرد طه حسين حال المتنبي تلك إلى وضاعة نسبه .. وهذا التعليل الذي جاء به الأستاذ العميد غير صحيح البتة. فالمتنبي يدرك بثقة واعتزاز أنه من الأشراف، ولكنه لم يستطع إعلان ذلك يومئذ، في تلك الحياة الفوضى والمضطربة.. لذلك فإن رأي الأستاذ العميد خاطئ.
* ويذهب الدكتور طه، إلى ان «دراسة البيئة الشعبية في مدينة الكوفة في القرن الرابع الهجري، تلك البيئة التي أنبتت ذلك النبات الشاذ الذي هو المتنبي «أقوم وأجدى من البحث عن أبيه».. وعندي انها ليست أقوى ولا أجدى ولا بديلة، وإنما هي أمور سياسية حكمتها الحياة يومئذ، وتحكمها اليوم وغداً، وإلى ما شاء الله.!
* إن شعر المتنبي الذي قاله في تلك الظروف الصعبة في شبابه، وليد تلك الظروف التي ألمحت إليها في اخفاء الشاعر لنسبه، وليس أمامه يومها إلا ان يقول ويعلن، ما يبعد عنه الشبهة والخطر، مثل قوله:
تغّرب لا مستعطفاً غير نفسه
ولا قابلاً إلا لخالقه حكماً
إذاً فإن ذلك السر الذي في نفس المتنبي، لا يمكن البوح به يومئذ، للظروف السيئة التي كانت تحيط به وبحياته الاجتماعية.
* أنا لا أشك ان في بعض أحكام الدكتور طه على حياة المتنبي خاصة، شيئاً من ارتجال، وليس فيها أناة، ويحكم العميد ويبت في أمور لم ينته الأمر فيها بعد.!
* يقول الدكتور عزالدين: «إن فن المتنبي في شعره قد ظفر من طه حسين بأكبر قدر من العناية، على نحو ربما يفوق في حجمه ما ظهر من ذلك لدى شاكر».
* إن الدكتور طه حسين في دراسته لشعر المتنبي، نراه يقف في أحيان كثيرة مواقف دارس انطباعي، يتذوق ما يقرأ ثم يأخذ في الثناء إلى حد الانبهار، على ما أعجبه، وكذلك إظهار الاشمئزاز مما لم يعجبه وهو يتدرج في قراءة قصائد الشاعر، ويتوقف مع أبياتها في أناة وريث.!
* ويعيب الدكتور عزالدين على الدكتور طه حسين، تأثره بأساليب النقاد القدماء في قراءة الشعر حتى انه استخدم ألفاظهم وعباراتهم ، وأنا أؤكد انه متأثر بهم كثيراً، لأنه وعى تلك الدراسات الكثيرة والمطولة، ولعل طه حسين في «حديث الأربعاء» كان يسلك ذلك النهج نفسه، غير أنه أجاد وكان رائعاً في تقريب ذلك الشعر المعقد لغة ومعنى إلى القراء المعاصرين، فذلل صعبه وقدمه إليهم سائغاً ماتعاً جميلاً، يغري بالمصاحبة في غير إملال، لأن في ذلك متعة، وادراك معاني جواهره وبيانه ومعانيه.!

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved