حاولت خلال الأسابيع الماضية أن أتخلَّص من الوقت المهدر في الاتصالات الهاتفية..
حيث اكتشفت أن نصف الوقت الذي يذهب في الأحاديث الهاتفية هو وقت مُهدَر تماماً.. وبدأت أتعامل مع الوقت كرصيد لابد من الاعتناء بصرفه وفق الأسئلة الهامة: أين.. وكيف.. ولماذا؟.
حيث اكتشفت أن خلاصة الحديث يمكن ان تظهر وتؤدَّى في نصف الوقت الذي استغرقته المكالمة الواحدة.
هذا على صعيد التعاملات العملية أو الأسرية الاجتماعية.. وجرَّبتُ خلال هذه الفترة أن أغلق هاتفي النقَّال.. لأتلقى خلاصة كثير من الاحاديث عن طريق رسائل مختصرة تفيد بتعديل موعد أو تأكيده أو نقل معلومة معينة كان الحديث سيجعلها تستغرق أضعاف الوقت الذي استغرقته قراءة الرسالة.
** وجعلت هاتفي الثابت يتحول إلى جهاز استقبال «لا قط أو فاكس» ووجدتني أكثر هدوءاً بعد التجربة..
وجدتني أكثر فاعلية في الإنجاز..
وجدت وقتاً لأفكِّر فيه وأعطي.. دون هذا التوتُّر الهاتفي الدائم الذي أحمله في حقيبتي.. أو أضعه بجانبي.. باختصار.. لقد وجدت نفسي!
وحيث تبدَّت الحياة لي هادئة بعد انقشاع غبار الركض الدائم منها.. قرأت ما نَشضرتْه إحدى الصحف نقلاً من جريدة «إيلاف» الإلكترونية أن رجلاً طلق زوجته إثر اعترافها بصحة الارقام الواردة في فاتورة الهاتف الثابت الذي يخصهما وقيمتها 89 ألف ريال سعودي، مما حدا بزوجها إلى تطليقها بعد زواج استمر تسع سنوات وحاول شقيق الزوجة تحمُّل جزء من المبلغ لكي يعدل الزوج عن تطليق شقيقته لكن ذلك لم يُجدِ نفعاً وتم الطلاق! انتهى ما نقلته الصحيفة..
لكن سؤالاً كبيراً لا ينتهي..
قد يكون المبلغ كبيراً وعظيماً وهو مصيبة مالية ولا شك إذ كيف يدفع: إنسان مثل هذه الفاتورة نظير أحاديث أجراها مع وجود بدائل ترشِّد له الكثير مثل البريد الإلكتروني أو رسائل الهاتف الجوال أو رسائل الفاكس.. أو الالتقاء والحوار المباشر للأقارب والأصدقاء.. بدلاً من المبالغ المهدرة.
رغم كل هذه المصيبة المالية إلا أن ثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها:
* أين وقت الأطفال..؟!
* أين وقت الهدأة النفسية والتأمل.؟
* أين وقت القراءة.؟
* أين وقت العناية بالنفس صحياً ومظهرياً.؟
* أين وقت ممارسة الرياضة..؟
* أين وقت المشاركة الجماعية مع الأسرة أو الأسر الأخرى..؟
* أين وقت الزوج والعناية به والحديث معه والخروج معه وكيف تُجدوِل الزوجات والأمهات أوقاتهن..؟
* وأين كان الزوج ووقت زوجته يستهلك ما قيمته 89 ألف ريال نظير أحاديث هاتفية.. ولماذا؟
* لقد كان الخبر الذي أوردته «إيلاف» ناقصاً جداً.. إذ إن الأسئلة التي بقيت بلا إجابة أكثر بكثير من الأسئلة التي أجاب عليها الخبر..!!
فاكس 4530922
|