* الرياض - مسلم الشمري:
مصطلح «فضيلة الشيخ»! له معان سامية «ودلالات عالية» نبعت من المجتمع تقديراً وتشريفاً لمن يحمله.. ولكن أصبح في هذا الوقت يطلق على كل من هب ودب دون ضوابط وأطر تحدد أصحابه الحقيقيين..
والسؤال الجوهري.. مَنْ يستحق هذا المصطلح؟
ومن قلب هذا السؤال تتفرع أسئلة عديدة..
ما معناه؟ وما مؤهلاته؟ وما مسوغاته؟ أسئلة يجيب عنها مجموعة من أصحاب الفضيلة وأهل الاختصاص في الشؤون الإسلامية عبر السطور التالية:
في البداية تحدث وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للشؤون الإسلامية فضيلة الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري وقال: إن مصطلح «فضيلة الشيخ» استقر العرف في المملكة بشكل خاص والعالم الإسلامي بشكل عام على أن يطلق على الإنسان المتخصص بالعلوم الشرعية أي الشخص المؤهل تأهيلاً علمياً شرعياً في إحدى الكليات المتخصصة في العلوم الشرعية وفي المملكة بالذات لقب فضيلة الشيخ يطلق على أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العلماء والقضاة وأساتذة كليات العلوم الشرعية وكذلك على المتخصصين المؤهلين الأكاديميين في العلوم الشرعية الذين يعملون في بعض الأجهزة الدينية كوزارة الشؤون الإسلامية وهيئات الأمر بالمعروف ووزارة العدل وما شابهها، وإطلاق كلمة «فضيلة الشيخ» يعكس تقدير المجتمع للشخص المؤهل تأهيلاً شرعياً وهذا يشف عن أن هذا المجتمع مجتمع متدين ويقدر حملة العلوم الدينية.
وإطلاق اللقب على من هب ودب يفقد هذا اللقب معناه ومضمونه التشريفي ولا يؤدي بالتالي إلى الهدف الذي رمى إليه المجتمع من إطلاق هذا اللقب على من يستحقه، وأشار الدكتور السديري إلى أن حامل العلم الشرعي من سماته التواضع والبعد عن الألقاب وعدم حب الظهور والبروز وبالتالي فإن الشخص الذي يطلب من الناس أن يلقبوه بهذا اللقب أو بغيره أو يستشرف مثل هذه الألقاب ويبحث عنها يبدو لي أنه شخص لديه خلل في الشخصية ويدل كذلك على وجود نقص لديه سواء في التأهيل العلمي أو القدرات الذاتية يريد أن يكمله بالألقاب وبالتالي على الناس أن يتبينوا في كل أمورهم ومن ذلك موضوع الألقاب بحيث لا يطلق على الإنسان إلا اللقب الذي يستحقه.
وفي هذا السياق يقول عميد كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فضيلة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الشثري إن المصطلح هنا وأمثاله من المصطلحات الأخرى، «فضيلة الشيخ» الذي هو متعارف عليه أنه يطلق ويكتب للعالم الكبير وعرف اطلاقه وجرى عند أهل العلم على الذين تميزوا بالعلم والتعليم والدعوة والقضاء ولكن الملاحظ على الواقع أن هذا المصطلح قد استعمل في غير محله فرأينا أنه يساوى به العلماء الكبار فيطلقه بعضهم على العالم الكبير وعلى طالب العلم الصغير وربما يكون هناك طبيب يلقي محاضرة يقال له «فضيلة الشيخ» أو مهندس تعلم علماً شرعياً قليلاً وتكلم كلاماً يخص علوم الشريعة فيقال له «فضيلة الشيخ» وهذا في الحقيقة لا يصح فهو خلط في المصطلحات ولا يكون هذا وقد يطلق أيضاً لفظ «الشيخ» وليس «فضيلة الشيخ» كما هو معروف في لغة العرب على كبير السن كما في قوله تعالى عن المرأتين اللتين جاءتا إلى موسى عليه السلام قالتا {$ّأّبٍونّا شّيًخِ كّبٌيرِ} وبعضهم يتوسع في إطلاق لفظ «الشيخ» على الإنسان الذي له مساهمات في مشاريع الخير فهو يتبرع بماله أو يكتب بقلمه أو يتكلم بلسانه فيقال له الشيخ احتراماً وتأدباً لكن إطلاق كلمة «فضيلة الشيخ» على كل الناس فهذا ينبغي التوقف عنه ولا يكون لأن فيه خلطا بين المصطلحات المتعارف عليها عند أهل العلم لكن خلاصة الكلام أن العرف الجاري عند أهل العلم أنه لا يطلق إلا على علماء الشريعة الذين تميزوا بالعلم والتعليم والدعوة والقضاء.
من جهته يقول رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود فضيلة الدكتور محمد بن عبدالله الوهيبي أن مصطلح «فضيلة الشيخ» في نظري يطلق على من عنده نسبة كبيرة من الرسوخ في العلم وشهادة شرعية أو خلفية شرعية جيدة حيث يشهد له أهل العلم والاختصاص بذلك ويكون قدوة في سلوكه وفي عمله وعلمه وليس كل من أفتى أو حصل على شهادة وحفظ آيات من الذكر الحفيظ أو أن يكون مظهره إسلامياً وتكون خلفيته الشرعية ضعيفة فهذا لا يقال عنه «فضيلة الشيخ» والمشكلة أن الناس يطالبون باحترام التخصصات في قضايا الطب فتروح للطبيب والصيدلة فتذهب للصيدلي واللغة تذهب للغوي ولكن الدراسات الإسلامية هذه أصبح كل واحد يفتي ويتكلم والكل أصبح يحق له أن يعطي رأيه في أي قضية من قضايا النوازل التي يجتمع عليها كبار العلماء ولكن هذا يفتي بكل بساطة وهذا لا يجوز ولكن ينبغي أن يكون لها جدية ولا بد من مواصفات العلم والعمل ونسبة من الرسوخ والخلفية الشرعية وينبغي أن يكون هناك توازن لأن أحياناً قد تعطي مواصفات شديدة أحياناً قد لا تنطبق على كبار الصحابة وفي كبار البلدان تنطبق على ثلاثة أو أربعة وينبغي التوسط ولكن يفرق في هذا بين الأسئلة الفقهية المعروفة العادية خلاف الصوم والصلاة وغيرهما وبين الأسئلة التي تعد من النوازل الكبرى كقضايا فقهية مستجدة تحتاج إلى اجتهاد جماعي أو قضايا ترتبط بحقوق الغير من حقوق مالية أو طلاق أو غيرها فهي تحتاج إلى رسوخ أكثر فالمسائل تتفاوت وحول معنى مصطلح «فضيلة الشيخ» يقول الدكتور الوهيبي إن أصلها «صاحب الفضيلة» يعني صاحب فضائل ومحاسن من جهة مكانته ومنزلته العلمية ونحو ذلك.
|