شوقٌ تضرّمَ، فاسقِ الشّوق أشواقا
وأحْرِق الغيهبَ اللجّي إحراقا
وبثّه لصهيلِ الخيلِ قافيةً
وانثرهُ مثلَ نجومِ الليّل أحداقا
وطفْ به كلَّ ربْع هبّ في قلقٍ
وكلّ رسمٍ طوى سُوقاً وأعناقا
وخطّه في جبين المجدِ ملحمةً
غرّاءَ تعلو بها الآفاقُ.. آفاقا
أسكنه هذي النفوسَ الشمَّ شامخةً
وامنحه هذا الفؤادَ الحُرَّ خفاقا
وعانق الأَرق المنحوت من ألمٍ
حتى تقيمَ صباحَ الحقِّ براقا
هل يستريحُ الضُّحى والظِّل يطلبه
وهل يَهشُّ الدُّجى للفجر منساقا؟!
تلك الليالي التي أيقظْتَها انطفأتْ
وأطبقت في كُهوف الصمَّت إطباقا
وهذه الريِّح بعدَ المورِ صاخبةً
غدتْ صدى.. خامدَ الأطراف رقراقا
لم ترسلِ اليم أفلاكاً وأشرعةً
أو تشعلِ البيدَ إرعادا وإبراقا
بل هدأةً مثلَ طيف الظل باهتة
ووحشةً تُتْبِعُ الإخفاق إخفاقا
تناثرتْ في فيافي الخوفِ ضامرةً
تنهلُّ دمعاً على الأطلال مُهراقا
وتوردُ الغافلَ اللاهي غَوَايته
عَمايةً مثلَ ليل القهر أطباقا
تذَّكرِ الأمس فالذكرى تُذيب أسى
طغى وطوّف بالآمال إزهاقا
وبُثّ صبحك تحيي الكونَ طلعتُه
كم اشتكتْ هذه الأجفانُ إغساقا
وألهبِ الجمرَ في كفّيك، ألق به
يُذْكي فؤاداً إلى المجهول مشتاقا
ويبْعثُ اليقْظَةَ الكبرى مشعشِةً
تقيم في الناس آداباً وأذواقا
تزاحمتْ حولك الأشباحُ كالحةً
والبيدُ حالكةً.. والوهم آفّاقا
وأحكمت بنياط القهر موثقها
ومزقت بسياط الغدر ميثاقا
حتى تراءتْ لك الدنيا وقد وقفتْ
عن سيرها، واستحال اليأسُ أنساقا