ثامر.. طالب جامعي يدرس أحد التخصصات الجامعية بجامعة الملك سعود.. وهو في الفصل الأخير من دراساته في مجال الإعلام.. وثامر هو احد الطلاب الذين يمثلون جيلاً واعياً بمسؤولية المرحلة وثقافة الواقع.
وعبر تكليفات التخصص وعلاقات المجتمع تتطلب الظروف الدراسية أن يكون حاضراً في كثير من المناسبات، التي تستوجبها مقررات المرحلة الدراسية من تطبيقات علمية واستجماع خبرات مهنية وعلاقات اعلامية متعددة.. ولكن ثامر عانى ويعاني في كل هذه الأمور...
ثامر شخصية ملتزمة في مضمونها وشكلها، ومعتدل في كل أموره الخاصة والعامة حسب ما يستنتجه الشخص من فكره وحواراته وسلوكياته.. وحسب ما يشير إلى ذلك زملاؤه.. وليد وصالح ومحمد ونايف.. وغيرهم.. وهنا تكمن المشكلة.. لقد قال لي بالحرف الواحد.. انني «أعاني.. وأعاني كثيراً.. فأجد في نظرات الناس ريبة.. وفي تفكيرهم شكاً.. وفي معاملاتهم معي عدم ثقة».. ويقصد ثامر بعض الناس وليس كل الناس.. ويقصد بعض المؤسسات وليس كل المؤسسات .. ويقصد شرائح في المجتمع وليس كل المجتمع...
ثامر يرى ان الأحداث التي مر ويمر بها المجتمع شرخت الثقة التي كانت هي الأساس الذي تبني علاقات المجتمع، وصدعت الألفة التي سادت بين كل الناس، وشتت الاجماع الذي كان من أهم سمات المجتمع.. ثامر يرى أن هذه الأحداث عكرت صفاء القلوب.. وبعثرت نقاء السريرة.. وشوشت على صورته كانسان ملتزم.. يؤمن بمبادئ الأخلاق الاسلامية والأصالة السعودية.. ويؤمن برسالة المواطن، أن يكون عوناً لوطنه لا معول هدم له.. ويكون داعماً لرسالة الأمة لا مفرقاً لاجماعها.. ثامر طالب مجتهد ولكن هذا الاجتهاد يتعثر أمام نظرات الشك والريبة.. لا لسبب إلا لكونه ملتزماً في شكله ومظهره والتزاماته الشرعية.
ثامر يوجه رسالة احتجاج صارخ على كل ما حدث من تشويهات في مجتمعنا، وكل ما رسبته الأحداث من تصدعات غريبة.. ثامر يرى ان هذه الأحداث غريبة تماماً عنا، بعيدة عن توقعاتنا، مخالفة لخصوصية مجتمعنا، هذه الاحداث تكرس الفرقة.. وتهدم البناءات الشامخة.. ثامر يرى أن المرحلة الشكية التي لاحظناها في الفترات الماضية لم نكن لنلوم الناس فيها.. فهذا إفراز طبيعي لأحداث دامية عانينا منها.. ولم نكن لنلوم الأجهزة الأمنية فيها لأنها تقوم بدور حيوي يحمي انسان هذه الأرض ويصون أمانة هذه الأمة ويحافظ على المقدرات الحضارية لهذه البلاد...
فماذا نريد من ثامر؟ وماذا يريد ثامر من الناس؟ وماذا نريد من المؤسسات المجتمعية؟
ثامر هو حريص ان يواصل اجتهاده في استكمال دراسته دون تغيير في شخصيته التي بناها في حياته.. وهو لا يعتب على عيون الشك، وارتيابات الناس، وتدقيقات المؤسسات.. ولكنه يلوم من تسبب في كل أشكال هذه المعاناة التي تولدت من فكر متطرف.. ومن سلوك غير مألوف.. ومن غلو في الفهم.. وقصور في الإدراك..
ثامر يريد ان يكون مجتمعنا آمناً، وفكرنا مستقيماً، وأفراده وحدة واحدة..
ونريد من ثامر أن يدرك أن هذه المرحلة الشكية في علاقات بعض أفراد المجتمع هي غريبة عنا، ولا نريدها ان تكون إلا مرحلة ظرفية ذات سياقات مؤقتة ولمبررات جميعنا يعرفها.. وجميعا يتمنى زوالها الى غير رجعة..
وما نريد من المؤسسات الاجتماعية أن يظل حسن الظن هو الأساس وعلاقات الحب والتآلف هي الأساس الذي نعتمد عليه والقاعدة التي نرتكز عليها.. ونريد أن تتبدد كل هذه الغيوم وتنقشع تكدرات المرحلة الوقتية..
وأخيراً
ثامر الطالب الجامعي .. الذي يعتز بمظهره وبقناعاته.. يرى أن دوره حيوي في المجتمع.. واسهاماته يقدرها ابناء هذا المجتمع.. وهو على الرغم من المضايقات التي يواجهها بين الحين والآخر إلى أنه أشد الحرص لأن يكون - كما اعتاد أن يكون - مسلماً عربياً يحب هذا الوطن الذي عاش فيه أجداده وآباؤه.. وترعرع في كنفه وتربى في مدارسه.. وتتلمذ على أيدي مشايخه الأفاضل.. واساتذة في الجامعات.. ثامر حريص أن يكون نموذجاً لهذا النوع من الشباب الذي يفرز الطيب من الخبيث.. ويرفض الغلو والتطرف.. ويحتضن كل أبناء جلدته وعموم أفراد مجتمعه دون تمييز أو تعالٍ أو تطرف.
ثامر هو صديق نايف.. وكلاهما بهذه الخصال الرائعة، أصدقاء لوليد وصالح.. ومحمد.. وجميعهم أصدقاء وأحباء لزملائهم في الدراسة والعمل.. وفي النشاط الجامعي المتنوع.
( * ) رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال/أستاذ الإعلام المساعد بجامعة الملك سعود
|