|
|
قرأت ما كتبه الأخ الفاضل عبدالله المكاوني في عدد «الجزيرة» 11394 وتاريخ 15 شوال 1424هـ.. وكان تعقيبا على موضوعي الذي كان بعنوان نعم نريد صفحاتنا لنا فقط.. يقول الأخ العزيز بأنني قلت لا نريد كلمات بلاغية منمقة وكلاماً مرصوصاً لاستعراض الثقافة الشخصية فقط.. ويعلق الأخ بأن هذا الكلام مُحال ولا تقوم اللغة العربية التي هي لغة القرآن إلا بهذه البلاغة والبلاغة جاءت في القرآن الكريم لكي تدل على الإعجاز لهذا الكتاب العظيم.. أقول شتان ما بين بلاغة القرآن الكريم المنزلة من رب العالمين وبين بلاغة الإنسان وشتان ما بين اعجاب إلهي وبين ثقافة شخصية مهما بلغت لن تصل إلى ذلك الاعجاز وتلك البلاغة مهما أو في الإنسان من جوامع الكلم وصنوف البلاغة.. وفرق كبير اخي الفاضل ان تصل إلى هدفك المنشود من خلال سطرين او ان تصل إليه من خلال صفحات كاملة.. القرآن الكريم من لدن حكيم خبير وبلاغة القرآن من رب العزة والجلال وهي انما كانت لتحدي أولئك المتشدقين ببلاغتهم وانهم لا يضاهيهم فيها احد من الناس.. وقد عجزوا بالرغم ما اوتوا من بلاغة ان يأتوا ولو بحرف واحد مثله.. البلاغة هي كيف تصل إلى فكر وذهن وعقل المتلقي بأيسر وأسرع الطرق واسهلها.. والبلاغة هي الانجاز الجميل والوصول إلى الهدف بسرعة وهذا ما كنت أرمي إليه.. لا مانع ان تضمن كلامك وان تستعمل كل المفردات البلاغية الجميلة التي تطرب لها الاذان من جناس وطباق ومقابلة وسجع وبديع وغير ذلك من فنون البلاغة شريطة ان تكون في سياقها الصحيح وان لا تخل بالمعنى أو تشوهه أو ان تبعد بك كثيرا عن الفكرة الأساسية للموضوع وتشتت ذهن القارئ فلا يعرف ما تريد.. البلاغة ان لا يمل القارئ قبل ان يصل إلى ما تريد وما يريد وليس البلاغة التلاعب بالألفاظ وخلط الأمور والخروج من الموضوع والعودة إليه مرة أخرى لحاجة في النفس فقط.. دعني أضرب لك مثلا وللقارئ العزيز وأتمنى ان أصل إلى ما أريد ان تفهمه ويفهمه القارئ الكريم.. خذ مثلا هذه مقدمة لكتاب احد المواضيع على صدر هذه العزيزة «في عتمة الليل البهيم وعلى ضوء القمر وخيوط أشعته الكستنائية امتطيت صهوة جوادي وامتشقت سيف قلمي وركبت موج العزيزة الهادر لأكتب على صدر صفحتها الذهبية والمتوشحة بعقود من الفل والعقيق الأحمر.. أردت ان اكتب عن قضية تجيش في صدري منذ الزمن الغابر الذي يضرب بجذوره في عمق التاريخ لكي أُخرجها من رحم النسيان لترى النور المنبثق من عيون هذا الزمن وحتى استطيع ان اخرجها على سطح الأرض اللا زوردي.. الخ.. ما رأيك هل فهمت شيئاً؟ ربما هي بالتأكيد عبارات جميلة ومنمقة وتطرق لها الاذن وترتاح لها النفس ولكن للأسف لا فائدة فيها ولا تخدم الفكرة أو القضية التي سيتناولها الكاتب.. فكل هذه المقدمة يمكن ان تكون هكذا: اكتب في هذه العزيزة عن قضية اجتماعية مهمة وهي.. وهنا وصلت ما أريد في أقل من سطر.. يقول الأخ ايضا بأنني قلت بان ينسحب بهدوء تام ودون ضجيج وقد علق قائلاً: إن انسحاب الكاتب ليس بصحيح بل العكس على الإنسان ان يكافح.. الخ.. والغريب في هذه النقطة أو هذا التعليق ان الأخ الفاضل اخذ ما يريد فقط وما له وترك الباقي فأنا قد قلت في موضوعي السابق بأن الإنسان الذي يريد ان يستمر يجب ان يصبر ويكافح بل ويحفر في الصخر حتى يصل، اذن نحن متفقون في هذه النقطة.. وقلت ايضا بأن الإنسان الذي ليس لديه صبر او مثابرة، عليه الانسحاب بهدوء لأنه لن يستفيد شيئاً مهما أوتي من حجة لسبب بسيط وهو لأن امره ليس في يده بل في يد غيره بعد المولى سبحانه.. فعالم الصحافة فيه الكثير من المتناقضات وبصراحة أكثر يعتمد على أشياء كثيرة غير جودة الموضوع أو الأسلوب.. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |