* بيروت - «الجزيرة»:
اختتم المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف في دول العالم الإسلامي في دورته الثامنة أعماله في العاصمة اللبنانية بيروت مؤخراً برئاسة معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ.
وقد رفض رئيس وأعضاء المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في الدول الإسلامية- في تصريحات لهم- وصف الدين الإسلامي بدين الإرهاب والقتل، كما تحدثوا عن عدد من موضوعات الساعة التي تهم المسلم اليوم، ويتطلعون فيها إلى موقف وكلمة واحدة من وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية.
برنامج علاجي
وقد نبه معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ من أن الإرهاب تولد من أناس يريدون نصرة الدين والجهاد بمفهوم ليس خاطئاً فحسب، ولكن بمفهوم هو منحرف إلى درجة إنه يهاجم الإسلام في نفسه، ويقضي على الإسلام في نفسه، مؤكدين أن هؤلاء المنحرفين لا يقبلون أي فكرة تخالفهم، ومن خالفهم يكفرونه، ومن ضادهم في اتجاههم صنفوه ضدهم بكل حال، ولا يقبلون الحق ولا يختلطون ولا يحاورون في ذلك.
وطالب معاليه أن يكون هناك توجه إلى الاستفادة من كل الإمكانات التي لدينا، منها الإمكانات الإعلامية، والمساجد، والدعاة، والعلماء في توعية الناس أولاً، ثم في وضع برنامج وقائي حتى لا ينتشر هذا الخطر وهذا الفكر، ثانياً في وضع برنامج علاجي لمن عرف أنه دخل مع هؤلاء، أو تأثر ببعض أفكارهم التكفيرية الخطرة، كذلك يجب أن يكون هناك قوة في الإنكار، إنكار هذه الأعمال حتى لا يظن البعض أن هذه قابلة للاجتهاد كما يحلو للبعض أن ينظر إلى أن واقع الأمة الإسلامية مادام فيه اعتلال ففيه ضعف، وهناك تسلط للأعداء في أكثر من بلد إسلامي، فبالتالي يعمل أي شيء، ويرى أن الغاية تبرر الوسيلة، ولابد أن تكون الغاية صحيحة شرعاً، وأن تكون الوسيلة أيضاً صحيحة شرعاً، حتى تحصل النتائج، وإلا لم يكن هناك معنى للصبر، فالأنبياء صبروا وواجهوا أعداءهم سنين طويلة.
وشدد معاليه على أهمية ما يطرح من حوارات في القنوات الفضائية والمجلات والصحف وبين فئات من المسلمين، وممن يدعون إلى الطرح الإسلامي، وممن يدعون إلى الطرح غير الديني للدولة والمجتمعات المدنية بشكل عام، هي قضية ملحة يجب أن يوضع لها أطر وأهداف وآداب، حتى يكون العالم أو الداعية المشارك في هذه الحوارات على رؤية فيما ينبغي عليه أن يكون أدب البحث والمناظرة والحوار حتى نصل إلى النتيجة، محذراً من أن لا ينسب خطأ أناس في هذه الحوارات إلى أنه خطأ المسلمين.
وأوضح معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ أن موضوعات الساعة التي تهم المسلم اليوم، ويتطلع فيها إلى موقف وكلمة من وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية ومن أصحاب السماحة المفتين نجد أنها ملحة ويجب أن تطرق الموضوعات الحية برؤية إسلامية ناضجة، وقال: لا شك في أن علماء الإسلام والمسؤولين عن وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي مطلوب منهم أن يمثلوا النظرة الإسلامية الصحيحة الحرة الواضحة لأننا نحن اليوم في واقع لا مجال فيه إلى المهادنة بالكلمة، بل لابد فيه من الوضوح والصراحة، ومناقشة الأمور بكل جد للنهوض بهذه الأمة، لافتاً النظر إلى أن أمامنا واقعا هزيلا، وأمامنا تحديات كبيرة جداً فلا يمكن أن تعالج بما لا يقابلها من جد، أو بألفاظ ضعيفة، أو بخطط مريضة.
التسلح بالعلم والمعرفة
ومن جهته، دعا معالي وزير الأوقاف بجمهورية مصر العربية الدكتور محمود حمدي زقزوق الدول الإسلامية إلى إحياء التضامن الإسلامي، وتقوية الوحدة الإسلامية ما بين الدول والشعوب المسلمة في جميع قارات العالم، وزيادة تفعيل مجالات التعاون في كافة المجالات، لمواجهة الظروف الصعبة والقاسية والمؤلمة التي تواجهها الدول الإسلامية حالياً والمتمثلة في المشكلات والقضايا التي تعيشها حالياً.
وابان الدكتور زقزوق - في تصريحه- أن العالم اليوم لا يحترم إلا القوة، المتمثلة في التسلح بالعلم والمعرفة، مطالباً الدول الإسلامية بالنهوض، وتطوير نفسها إلى الأفضل لتحظى باحترام وتقدير دول العالم، وقال: إن الذي يملك العلم هذه الأيام يملك القوة، ويحظى بالاحترام، والقرآن الكريم نزل في البداية على رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:
{اقًرأً بٌاسًمٌ رّبٌَكّ الّذٌي خّلّقّ }
وبالتالي لابد أن يكون لنا إسهام وتقدم في المجال العلمي والتقني والحضاري حتى تستعيد الأمة الإسلامية أمجادها السالفة، وتجد لها مكانا في خريطة العالم المعاصر.
نبذ الغلو والتطرف
وبالنسبة لمعالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتي د. عبدالله المعتوق، فقد أكد أن لصق الإرهاب بالإسلام هو جريمة بحد ذاته، وأن الإسلام بريء من هذه الأمور، داعياً إلى استئصال جذور الإرهاب والتطرف من خلال «تطوير مناهج المسلمين بما يتماشى مع واقعهم بحيث لا يحيد المسلم عن ثوابته العقدية، مشدداً على ضرورة نبذ الغلو والتطرف في الدين، قائلاً: ليس للإرهاب دين أو موطن فهو موجود في جميع الملل والديانات، مطالباً الأمة الإسلامية بمجابهة المتطرفين في الإسلام من خلال الحوار أولاً.
خدمة المملكة للمسلمين
ومن ناحيته عبر معالي وزير الداخلية والشؤون الدينية بجمهورية غامبيا الأستاذ سليمان مغانيه سيفي عن فخره بما صدر عن المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في الدول الإسلامية في دورته الثامنة من توصيات وقرارات كانت شافية وشاملة ومعالجة للقضايا والمسائل المطروحة في جدول أعماله بما يعود بالفائدة على المسلمين في كافة أنحاء العالم، مؤكداً أهمية ما جاء في قرارات وتوصيات المجلس التنفيذي ومطالبا - في ذات الوقت- الدول الإسلامية المعنية التي كلفها المجلس بتنفيذ المشروعات الإسلامية التي تعنى بأمور وقضايا المسلمين التي كلفت بها.
وأشاد سيفي بالجهود الكبيرة التي بذلتها وتبذلها المملكة العربية السعودية بتوجيهات ولاة الأمر فيها - حفظهم الله- لخدمة ضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين والمتمثلة في تنفيذ توسعة الحرمين الشريفين وإقامة المشروعات الخدمية في منطقة المشاعر المقدسة بهدف تيسير أداء مناسك الحج والعمرة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة مثنيا معاليه على الدعم الذي تقدمه المملكة لبلاده في مجال العمل الدعوي الإسلامي وتقديم المساندة للمسلمين في غامبيا وإيصال المصاحف من إصدار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة وترجمات معاني القرآن إلى أيدي المسلمين في غامبيا ليكونوا على صلة دائمة بكلام الله العزيز والعمل بما جاء فيه.
وأكد معالي الأستاذ سيفي أن ما شهده الحرمان الشريفان والمشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة من توسعة وتطوير تقوم بها حكومة المملكة تجسد المنهج القويم الذي انتهجته وتنتهجه المملكة، واصفا العلاقات التي تربط بين البلدين وغامبيا بأنه ممتازة وقوية ولها جذور عتيقة ومبنية على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك في جميع المجالات وخاصة في المجال الإسلامي والعمل الدعوي الإسلامي والمتمثلة بما تقدمه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة من جهود من شأنها توسيع أطر التعاون في مجال الدعوة الإسلامية بين البلدين.
الاتهامات الباطلة
ومن جانبه وصف معالي وزير الشؤون الدينية في إندونيسيا الدكتور عقيل حسن منور الاتهامات والافتراءات التي يوجهها أعداء الإسلام للإسلام والمسلمين بأنها اتهامات فاسدة وباطلة لا أصل لها، مبيناً أن في إندونيسيا سبعمائة ألف مسجد حكومي وأهلي، وقد أنشأت الحكومة الإندونيسية إدارة خاصة بالمساجد تابعة لوزارة الشؤون الدينية، حيث تم ترتيب جميع ما تحتاجها للحفاظ على رسالة المسجد عامة، وتقوم بتدريب الأئمة والخطباء للوصول إلى أفضل أداء ممكن تقديمه.
وفي السياق نفسه، أوضح معالي الوزير الإندونيسي أنه من خلال هذه الدورات التدريبية تقوم الوزارة بالاطلاع على الأئمة والخطباء والدعاة على كل تطورات الوسائل الإعلامية والاتصالات كالأنترنت، والحاسب الآلي وغيرها منا لأمور التي تخدم الدعوة الإسلامية والوصول بها إلى أكبر عدد ممكن بالأسلوب الإسلامي الصحيح القائم على الحوار الهادئ والموعظة الحسنة.
|