Friday 19th december,200311404العددالجمعة 25 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رياض الفكر رياض الفكر
حينما يطلب المسؤول الرأي؟!
سلمان بن محمد العُمري

يتحرج البعض من سماع النصيحة ناهيك عن طلبها، فالبعض يضيق تفكيرهم واستيعابهم ورحابة صدورهم حتى بأعز الناس لديهم، وحتى بأجل الفكر وأحلاها وأروعها، وهؤلاء لا بد أنهم في النهاية يسكنون قواقعهم، ويصدرون قراراتهم التي قد تصيب وقد تخطئ، وربما تكون في المجال الصحيح وربما تبتعد عنه.
أما البعض - وهم للأسف قلة - عكس الصنف الأول، فإنهم لا يكتفون بالاستماع للنصيحة، والاصغاء للناصح، بل يطلبون النصيحة بين فينة وأخرى، يبحثون عمن ينصحهم، ويقدم لهم المشورة والرأي، وبطبيعة الحال هؤلاء لا ينطلقون في ذلك من مواقع ضعف بل على العكس هم الأقوى، فالمرحلة التي وصلوا إليها هي الاسمى، وهم الاجدر بالوصول للرأي الصواب، والقرار العادل، وهؤلاء نجوم في عالم المهنة والعمل.
لا عيب على الاطلاق لمسؤول يطلب النصيحة والرأي، بل العيب كل العيب باستصدار قرار طائش، والظلم كل الظلم في تنفيذ عمل ارتجالي، وهذه هي النقطة الجوهرية التي يجب التنبيه لها على مختلف المستويات، فهذه الصورة الايجابية الناصعة البياض هي السماح والتسامح متمثلا بطلب المشورة، والمؤمن كثير باخوانه،قليل بنفسه، والكمال لله وحده.
وما دام الأمر هكذا فلماذا يتحرج البعض من هذه القضية؟ لذلك أسباب متعددة فالبعض يشعر بأنه الكل في الكل، والبعض يشعر بأنه أعلم وأفهم وأقدر من غيره، والبعض يشعر بأن آراء الآخرين خاطئة أو لا ترقى لما يريد، والبعض يشعر بعزة النفس، والبعض يشعر بأن الآخرين سيستصغرونه إذا فعل ذلك، ولن يحترموه بعدها، والبعض يريد أن يكون الاول والأوحد في عمله، والبعض يسخر من غيره، وهكذا تعددت الاسباب والنتيجة واحدة، والخسارة تصيب العمل، وتصيب الشخص نفسه، وتصيب الكل بالتالي، وما هي إلا خسارة للمجتمع كاملا وذلك باجتماع أخطاء أفراده.
بينما الحالة البيضاء الثانية عندما يطلب المسؤول الرأي والمشورة الحقة فإن المستفيد هو الجميع وبلا استثناء، ناهيك عن ازدياد مشاعر الحب، والتعاطف والمودة والثقة بين الرئيس ومرؤسيه، بين رب العمل وموظفيه، بين المدير وطاقم العمل عنده.
إن مما يجدر ذكره في هذا السياق ان هناك انتهازيين ومسيئين ومجرِّحين، وكل هؤلاء يحاولون تثبيط العزائم، وثني الناس عن قول الحق، وابعاد البشر عن طريق الصواب، وهؤلاء يجب الانتباه لهم والحذر منهم وتجنبهم، وعدم الوقوع في افخاخهم ومكائدهم.
كماأن هناك من سيهزأ بالفعل، وهناك من سيسخر، وهناك... وهناك.. ولكن طريق الحق والفعل الطيب المبارك لا ينبغي اجتنابه ارضاء لهؤلاء أو تجنبا لتصرفاتهم، بل على العكس بجب ان يكون هذا حافزاً للاستمرار في طريق كله ورود بإذن الله.
وبعد ان يستحصل المسؤول الرأي الأمثل عليه التنفيذ وبكل عزيمة وحزم، فهذا فعل الرجال، وهذا المطلوب، والكل ينتظر هذا.. يقول الشاعر:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا
والعزيمة التي تنبع من النفس المؤمنة هي عزيمة لا تثنيها الجبال، هي عزيمة ترى الخير وتسعى إليه، وما توفيقها إلا من عند الله.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved