* تقرير - قبلان الحزيمي - وادي الدواسر:
على الرغم مما يشهده العالم كافة من تطور وحداثة وتكنولوجيا في كافة المجالات إلا ان مكانة سفينة الصحراء في قلوب أبناء الجزيرة العربية لم يتغير أو يتبدل بل زاد هواتها ومحبوها فيها شغفاً حتى حظيت باهتمام خاص من حكومتنا الرشيدة حيث خصصت لها جوائر مالية وعينية سنوية سميت باسم المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه مما زاد معه من قيمتها وتمسك أصحابها بها وإن من يسمع ليس كمن يشاهد وما يدور من حركة تجارية كبيرة جداً في أكبر أسواق الجزيرة العربية بل والشرق الأوسط بأسره «بعد سوق الجنادرية» وهو سوق الإبل بوادي الدواسر هو غاية في الروعة ففيه التجارة والسياحة حيث يتوافد اليه تجار الإبل من كافة أنحاء المملكة ودول الخليج العربي كما يتوافد اليه أصحاب ومربي الجمال من كافة أنحاء المناطق المجاورة أيضا لتسويق انتاجهم من الإبل. وقد رشح فريق من الهيئة العليا للسياحة كان في زيارة للمحافظة في العام الماضي هذا السوق لأن يكون أحد المواقع السياحية الهامة بالمملكة. وحتى ننقل للقارئ الكريم ما يدور هناك قامت شواطئ الجزيرة بجولة في هذا السوق العملاق الذي لم يحظ بأي اهتمام اعلامي برغم سعة مساحته التي تتجاوز مليون متر مربع وبرغم البورصة اليومية الكبيرة التي أصبحت تشكل أحد الموارد الأساسية للكثير من تجار ومربي الإبل في بلادنا. ولعل للموقع المتميز لمحافظة وادي الدواسر دور في ذلك من حيث توسطه بين عدد من المناطق الرعوية التي تضم مئات الآلاف بل الملايين من الإبل وكذلك الاهتمام الأزلي من أبناء المحافظة بتربيتها وتحسين سلالتها. ففي بداية جولتنا استوقفتنا تلك الأعداد المهولة من الإبل في أحواش غير منظمة فلم نعلم من أين ندخل السوق ولا من أين سيكون مخرجنا حتى سألنا عن كبار التجار بالسوق فكان لنا لقاء مع المواطن شثين بن مبارك بن فالح الدوسري والذي صحبنا في جولة عامة على السوق شاهدنا من خلالها في كل جانب منه حركة تجارية وبورصة خاصة للبيع والشراء فسألناه عن تلك البورصة اليومية التي تبدأ منذ الصباح الباكر كل يوم وحتى غروب شمس اليوم نفسه فقال: كما ترى فهذا السوق هو من أهم وأكبر أسواق الجزيرة العربية في بيع وشراء الجمال بمختلف أنواعها ومسمياتها حيث نقوم بالشراء من هذا السوق ومن ثم تسويقها في بعض الأسواق المحلية الأخرى بالرياض والقصيم ونجران وشرورة وبيشة والأحساء بل ونتجاوزها الى بعض الدول الخليجية المجاورة كالامارات العربية المتحدة ويأتي الى هذا السوق كبار تجار الإبل من بعض الدول العربية ليشتروا بأنفسهم ما يناسبهم من أصناف ومواصفات. وعن أسعار الجمال في هذا السوق قال الدوسري هناك عدة أصناف من الإبل فمن المزايين وهي التي تحظى بصفات جمالية فائقة معروفة عند أصحاب الصنف وهذه الحديث عنها بمئات الألوف بل بالملايين وقد بيع منها في وادي الدواسر ما حصل على جائزة المركز الأول على مستوى الجزيرة العربية سواء من الفحول ومن ذلك الجمل «مشعوفان» لمالكه الشيخ عبدالله الفصام والذي تجاوزت قيمته 12 مليون ريال أو من الإبل ومن ذلك الناقة المعروفة «بالشيخة» والتي تجاوزت قيمتها 18 مليون ريال وتعود ملكيتها الآن للشيخ محمد بن بطي من الامارات العربية المتحدة وقد بيعت قبل أيام حوارة لم يتجاوز عمرها شهر واحد بمبلغ 200 ألف ريال أما سائر الإبل ومنها الخلفات التي تتراوح أقيامها ما بين 8 آلاف و30 ألف ريال حسب سنها ولونها وكمية اللبن التي تدرها ومنها المعاشير وهي التي ليس بها لبن والتي تقل عن الخلفات في القيمة وكذلك حشوان المقصب وهي ما خصصت للذبح وعموما فحركة السوق التجارية مستمرة وكبيرة جدا وعن كمية ما يصدر من هذا السوق سنويا للأسواق المجاورة قال يتجاوز 80 ألف رأس برأس مال سنوي لا يقل عن مجمله عن 500 مليون ريال.
كما التقينا خلال جولتنا أحد تجار الإبل في السوق أيضا عبدالله بن ناصر بن طامي الدوسري والذي ضم صوته الى ما ذكره زميله من حيث أهمية السوق والحركة التجارية الضخمة به مشير الى ان السوق يستقبل كافة أنواع الإبل إلا ان المجاهيم «ذات اللون الأسود» لها الغلبة وعن أكثر مواسم البيع والشراء قال أما فيما يخص المزايين فليس لها وقت محدد بل مستمر طوال العام وكذلك الحشوان والبكار أما الخلفات فيكثر بيعها مع توالد الإبل مع بداية فصل الشتاء وعن صفات الإبل المزايين التي تدخل عادة في المسابقات وتحظى باهتمام خاص جعل التجار يتوافدون الى هذا السوق للبحث عنها.
فقد حدثنا عن ذلك الأخ عقاب بن فالح المخاريم وقال يتفق الجميع على المواصفات الفائقة للإبل المزايين وهي كثيرة من أهمها الناقة النوال الظهير، والرقبة مارق المرتفعة، والسنام المنفهق، والغارب السناد، والأذان الحداد، والعرنون القائم، والإسبال الضافية، والخدة العريضة مع زين الأعضاء وكبير الخفاف للمجاهيم والفقار العريض مبينا أن أصحاب الصنف يعرفون الحيران منذ ولادتها فيشترون الناقة من أجل حوارها أو حواراتها. ثم أضاف وقال أما عن حركة البيع والشراء في هذا الوقت فلقد قمت بزيارة عدد من الأسواق المحلية والخليجية ولم أجد ما يضاهي سوق وادي الدواسر سوى سوق الجنادرية لا من حيث الحجم ولا من حيث حركة البيع والشراء وهو بحق من أكبر أسواق الشرق الأوسط في بيع وشراء الجمال رغم التغطية الاعلامية الرديئة جدا لهذا السوق سواء ما كان منها مشاهد أو مسموع أو مقروء.
وعن رؤيته المستقبلية لهذا السوق قال: رؤية خير إن شاء الله فالإبل لها أهلها وعشاقها حتى ان بعض أبناء البادية يشتري ويقدم ما تحتاجه نياقه على ما يحتاجه أبناؤه وما دام الأمر كذلك مع الدعم والتشجيع من قبل حكومتنا الرشيدة فسيبقى هذ السوق وأمثاله عامراً برموز الحياة والأصالة العربية في بلادنا سائلا الله أن يحفظ لبلادنا أمنها واستقرارها.
مشاهدات من الجولة
* يقع السوق جنوب اللدام بمحافظة وادي الدواسر بحوالي 3 كيلومترات ويقع بالقرب منه سوق الأعلاف بالمحافظة ويربطهما بوسط المحافظة طريق معبد ولكنه ضيق ومزدحم وبه حفر ومطبات كثيرة ويحتاج الى ازدواج وعناية خاصة من قبل بلدية المحافظة.
* شاهدنا أعدادا كبيرة من المواطنين بين بائع وشاري ومتفرج في نزهة جميلة على أعرق الموروثات الشعبية في بلادنا.
* شاهدنا في الجزء الشمالي الغربي من السوق حلقة محاطة بسياج حديدي متهالك خصصت للحراج اليومي ويقع بجوارها من الغرب حوض ماء السقيا ترده كافة جمال السوق.
* استوقفنا خلال جولتنا عدد من أصحاب الإبل معتقدين أننا من الشرايه والتجار القادمين من خارج المحافظة فلما علموا بمهمتنا دعونا للحليب والتصوير مع جمالهم.
* شاهدنا مدير إدارة الدفاع المدني المقدم/ محمد بن عبدالله الدوسري مع بعض أفراده في جولة تفقدية على السوق.
|