سيكون النجاح ثمنا للجرأة في معظم الأحوال والمواقف فلحظات الانعطاف الفارقة على مدى التاريخ كان روادها ممن أمدتهم التجارب بخبرات وإرادات متيقظة كافية لصوغ الحاضر واستشراف المستقبل على النحو الأمثل دائما.
وقد حظيت المملكة وعلى نحو مستمر بنماذج لأفراد تحلوا دائما بالجرأة والنباهة، والقدرة على فعل الممكن بمزيد من التميز والجاهزية وما فتئت حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله تقدم أتم رعايتها وأكمل دعمها لأبناء الوطن صوناً لحقوقهم وتحفيزاً متجدداً لمبادراتهم ومشروعاتهم.
وفي مثل هذه الأريحية وسواها أمكن لقطاعاتنا الاقتصادية المختلفة المساهمة بالفاعلية في تنمية وطنهم والعمل على الازدهار والرقي بانسانه الى المستوى الذي يستأهله، وذلك من خلال العمل المستمر في جميع الميادين.
وقد كان للقطاع العقاري الحظ الأوفر من بين مجالات الاستثمار المختلفة، وهو يشهد الآن ما يشبه الوثبة العملاقة ازدهاراً ومردوداً ربما يكون عديم النظير، إذ بخلاف القطاعات الانتاجية الأخرى ظلت السوق العقارية في المملكة تحرز التطور تلو الآخر. وربما كان للمتغيرات السياسية والاقتصادية العديدة اقليميا ودوليا أثرها الواضح في عودة كثير من الرساميل الوطنية المهاجرة التي وجدت في سوق العقار الحصن الآمن.
وقدرت بعض التقارير والدراسات حجم الأموال المتداولة في هذا القطاع الى ما يزيد على ثمانمائة مليار ريال. ومما يلفت النظر هنا ان أغلب الاستثمارات ترتكز على النظرة التقليدية للعقار من خلال تداول أصول موجودة أصلا قد يستفيد منها الفرد ولكن على حساب المجتمع الذي يحتاج الى الاستثمار في أصول انتاجية تساعد الاقتصاد الكلي على زيادة الانتاج والنمو ومن ثم الازدهار الاقتصادي وتحقيق الرخاء.
ومن بين الطرز الرفيعة والقليلة من المطورين في بلادهم الذين عانقوا الاقتصاد الكلي وتجاوزوا النظرة التقليدية والضيقة للاستثمار، سجل الأستاذ خالد بن سعود الشبيلي نجاحات معتبرة على صعيد هيكلة العمل في القطاع العقاري. فمن خلال الاطلاع على مخططاته في أنحاء المملكة على أرض الواقع نلاحظ انها اصابت نجاحا ليس من وجهة نظر المستثمرين فحسب فهذا قد لا يعنينا هنا، وإنما من خلال بعدين اجتماعيين مهمين: البعد الأول هو الاستثمار في الجودة والبيئة معا وهذا ما يُعرف في أدبيات الادارة الحديثة بالجودة الشاملة التي تطورت في العشرين سنة الماضية تطوراً كبيراً. فلم تعد الجودة ميزة تنافسية طبقاً لهذه الأدبيات وإنما أصبح الواقع يتطلب ايجاد استراتيجيات جديدة للمنافسة مثل مدى العناية بالبيئة والمسؤولية الاجتماعية والسمعة.
وفي هذا الجانب تكمن أصالة خالد الشبيلي واسهاماته الابداعية كمطور له رؤية انعكست على مشاريعه التطويرية في البلاد وذلك من خلال تتبعه ورصده الدقيق لأبعاد التطوير العقاري كمعالم ومراكز حضارية تخدم المجتمع وليس المستثمر فقط مما يذكرنا بكبار المطورين في دول العالم المتقدمة الذين يستثمرون في الجودة والبيئة معاً.
فالجودة التي نقصدها هنا ليست جودة المنتج النهائي فقط، وإنما تمثلت هذه الاسهامات في انشاء أحياء ومدن جديدة وتوفير كافة الخدمات من بنية تحتية وعلوية والاهتمام بجميع جوانب البيئة العمرانية المحيطة من طرق وغيرها والمشاركة مع المستثمرين في النهوض وتطوير هذه الأحياء وهذه المدن الجديدة كمراكز استثمارية واقتصادية وترفيهية وسياحية. وعلاوة على ذلك ما نشاهده من الاهتمام بالنواحي الجمالية والتراثية والتاريخية في لغة عصرية لهذه الأعمال التطويرية مما انعكس في أشكال ومجسمات تتميز بالرفاهية المعمارية والحس الفني مع المحافظة على طابع وتراث كل منطقة. وهذا ما يعتبر بحق نقلة نوعية في مفهوم الاستثمار والتطوير لم نشهده من قبل ونتمنى أن يكون نموذجاً للآخرين الذين يستثمرون في بلادهم ولبلادهم.
والجانب أو البعد الثاني الهام والذي يعنينا على المستوى المجتمعي هو ما يعرف في دوائر فلسفة العلاقات العامة الحديثة بخدمة المجتمع «المسؤولية الاجتماعية».
فلسفة خدمة المجتمع أو المسؤولية الاجتماعية تعني أنه بقدر ما تأخذ المؤسسات والشركات من تسهيلات في المجتمع فعليها مسؤوليات اجتماعية نحوه مثل تخصيص جزء من العائد لبناء طريق أو مستشفى أو مدرسة. فالاستثمارات التي تصل الى عشرات الملايين التي ينفقها الأستاذ خالد الشبيلي في بناء وتطوير الطرق العامة وتشجيرها والعناية بها في هذه الأحياء والمدن التي يطورها تمثل مردوداً اقتصادياً واجتماعياً لأبناء المجتمع نتمنى أن تكون نموذجاً لرجال الأعمال وجزءاً من فلسفة ادارة المشاريع الحديثة في مجتمعنا.
ما قصدته من هذ المقالة ليست الدعاية لشخصية هذا المطور فأخباره ومشاريعه تملأ الصحف.. وإنما اعطاء النماذج الوطنية التي تستثمر في بلادها حقها من الاهتمام وابراز دورها كمدرسة حديثة في الاستثمار والتطوير نأمل أن تكون نموذجاً لجميع المستثمرين سواء في القطاع العقاري أو التجاري أو الصناعي أو غيرها من مجالات العمل.
|