متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
يمثل مخطط استعمالات الأراضي إحدى الآليات التنفيذية لاستراتيجية التطوير الحضري لمدينة الرياض الذي تقوم عليه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، التي تتضمن الرؤية المستقبلية والأهداف والغايات، وما انبثق عنها من سياسات حضرية، ومخططات هيكلية تم إعدادها في المرحلتين الأولى والثانية من مشروع الاستراتيجية. ويستخدم هذا المخطط كحلقة وصل بين الغايات المعلنة لعملية التخطيط ووسائل تنفيذها، وكوثيقة ومرجع للمرحلة الأكثر تفصيلاً لعملية التخطيط، وذلك على المستوى المحلي وخاصة المتعلقة بنظام تقسيمات المناطق وقوانين التحكم في التنمية والمخططات المحلية التي تشكل في مجموعها التخطيط الشامل للمنطقة الحضرية.
أنواع وأحجام!!
يحدد مخطط استعمالات الأراضي أنواع وأحجام الاستعمالات الحالية والمستقبلية بما فيها الأنشطة الإسكانية والتجارية والخدمات العامة والمرافق العامة والنقل والأنشطة الأخرى الخاصة وتوزيعها مكانياً على مستوى المدينة.
كما يوضح توزيع الكثافات السكانية في المدينة المطلوبة لتحقيق التوزيع المتوازن للسكان وفرص العمل على قطاعات المدينة المختلفة.
ويصف مخطط استعمالات الأراضي التنظيم المستقبلي للمنطقة الحضرية من حيث مكان وحجم وكثافة الاستعمالات المتعلقة بالتطوير والمحافظة والتغيير آخذاً في الاعتبار محددات التنمية الطبيعية وغير الطبيعية داخل وخارج المنطقة الحضرية.
تقسيم المدينة
يغطي مخطط استعمالات الأراضي جميع الأراضي الواقعة داخل حدود حماية التنمية التي تبلغ مساحتها حوالي 000 ،5 كم2، ولعدد من السكان يتوقع أن يبلغ 5 ،10 ملايين نسمة في عام 1442هـ.
ونظراً لكبر حجم ومساحة المدينة ولصعوبة عمل مخطط استعمالات أراض بشكل كامل، وفي آن واحد يغطي هذه المساحة فقد تم تقسيم المدينة إلى ستة قطاعات وتطوير مخطط لكل قطاع على حدة ثم دمجها مع بعض لتشكل مخططا كاملا للمدينة.
وهذا التوجه ينسجم مع تقسيم المدينة إلى ست مناطق جغرافية خلال المرحلة الثانية من المشروع التي تتضمن المنطقة الشمالية، الشرقية، الجنوبية، الغربية، الشمالية الغربية، بالإضافة إلى منطقة وسط المدينة.
ويحدد مخطط استعمالات الأراضي الخدمات متوسطة وعالية المستوى التي تخدم على مستوى أعلى من مستوى المجاورة السكنية، وتشمل مجموعات الأحياء السكنية ومستوى قطاعات المدينة على مستوى المدينة وهناك خدمات.
أما الخدمات المتعلقة بالمجاورة السكنية فسيتم تغطيتها في مهام أخرى وخاصة المتعلقة بالمخططات الهيكلية المحلية والمخططات التفصيلية للأحياء السكنية.
ضواح جديدة
مدينتان!!
تم إعداد المخطط الهيكلي لمدينة الرياض خلال المرحلة الثانية من المخطط الاستراتيجي الشامل لاستيعاب حوالي 5 ،10 ملايين نسمة خلال الفترة المخطط «عام 1442هـ» ويوفر المخطط الهيكلي قاعدة للأعمال التخطيطية المحددة للمرحلة الثانية من المخطط الاستراتيجية وخاصة المتعلقة بمخطط استعمالات الأراضي وبنظام تقسيمات المناطق والأنظمة الحضرية.
ويمثل الإطار الاستراتيجي للمخطط الوثيقة الرئيسة لأعمال المرحلة الثالثة من المخطط الاستراتيجي، كإطار لصناعة القرارات والمشروعات العمرانية ومرشد لعملية التخطيط المستمرة في المستقبل بحيث يمكن تعديله بناء على المتغيرات و المستجدات المستقبلية لعملية التنمية ويتمثل ذلك في كل من الشكل والهيكل العمراني للمدينة نفسها، وتحديداً بإيجاد ضاحيتين «مدينتين» كمناطق محجوزة لا يتم تطويرهما حتى يكون هناك حاجة إليهما من خلال خطة التنمية المرحلية للمدينة.
وتتلخص الملامح الرئيسة للمخطط الهيكلي للمدينة في تحسين صورة المدينة وهويتها كعاصمة للمملكة العربية السعودية. وإيجاد نظام متعدد المراكز للمدينة بدلاً عن المركز الأحادي الحالي، وذلك من خلال تطوير مراكز توظيف وخدمات جديدة في مناطق التطوير الجديدة.
والتطوير المنظم لمناطق النمو الجديدة بخيارات متعددة من الكثافات السكانية واستغلال الأراضي البيضاء القابلة للتطوير مع تحديد المناطق القديمة. وربط مناطق السكن مع مناطق العمل لتخفيض مسافات وزمن رحلات العمل. وتوسعة طاقة شبكة الطرق الرئيسة مع التركيز على تصميم الشوارع السكنية. وإيجاد هيكل عام لاستعمالات الأراضي/ النقل لدعم نظام النقل العام في المستقبل.
وإنشاء شبكة مناطق مفتوحة جديدة وربطها مع وادي حنيفة وتبني أسلوب جديد في إدارة التطوير الحضري بإيجاد ضاحيتين جديدتين في محاور النمو الشمالية والشرقية.
تطور المدينة
تطورت مدينة الرياض منذ الثلاثينيات من هذا القرن من مستوطنة صغيرة تبلغ مساحتها كيلو متراً مربعاً إلى مدينة «منطقة حضرية مطورة تبلغ مساحتها المطورة حوالي 950 كيلو متراً مربعاً.. ولقد بدأت المدينة بعد توحيد المملكة واختيارها كعاصمة في بداية الخمسينيات الهجرية في النمو الفعلي محتفظة بنمطها العمراني السابق ولكن بامتداد واضح باتجاه المقر الجديد للحكم الذي أقامه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في الجهة الشمالية للمدينة.
وفي العقد التالي تسارعت عملية التنمية العمرانية للمدينة على مختلف الجهات، وذلك بظهور أحياء جديدة ارتبطت أسماؤها بالسكان المقيمين والمهاجرين الجدد إلى المدينة وبلغت مساحة المدينة في تلك المرحلة حوالي 5 ،8 كم2 وقدر عدد السكان بحوالي 000 ،82 نسمة.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت المدينة في التحول إلى نمط المدن العصرية من حيث توفير الخدمات والمرافق الحديثة واستخدام الطرز العمرانية الحديثة في مجال التصميم والبناء. وبنهاية الثمانينيات الهجرية تجاوزت مساحة المدينة 75 كم2 وقدر عدد سكانها بحوالي 000 ،350 نسمة.
أهم مرحلة!!
وكانت فترة التسعينيات الهجرية أهم مرحلة في تاريخ المدينة إذ بدأ التخطيط المنظم للمدينة عن طريق إعداد مخطط توجيهي للمدينة. وتم إنشاء الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لمتابعة تنفيذ المخطط ورسم السياسات العليا لتطوير المدينة.
وفي بداية القرن الهجري الحالي تم إنشاء مركز المشاريع والتخطيط ليكون الجهاز التنفيذي والإداري للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وذلك للتعامل مع القضايا التخطيطية بمفهوم شامل وكعملية مستمرة لا ترتبط بالمخططات الرئيسة ذات المنظور الزمني الثابت.
حتى نهاية الثمانينيات الهجرية «الستينيات الميلادية» لم يكن هناك مخطط ينظم عملية التنمية في مدينة الرياض. وكانت التنمية الحضرية هي انعكاس مباشر للقرارات الحضرية التي تم اتخاذها في ذلك الحين «الملز، المطار القديم.. إلخ» إلا أن الجهات التخطيطية أدركت أهمية وضع ضوابط لعملية التنمية الحضرية عن طريق إعداد مخططات توجيهية للمدينة.
مفهوم آخر!!
تم إعداد المخطط الرئيس الأول لمدينة الرياض في عام 1391هـ/1971م بواسطة إحدى الشركات الأجنبية وتم اعتماده في عام 1394هـ والذي حدد نمو المدينة في اتجاه شمال مواز لوادي حنيفة، وقد تضمن هذا المخطط مفهوم نمو خطي على طول العصب الممتد في اتجاه شمال - جنوب خلافاً لمحور التطوير التقليدي الذي يتبع اتجاه شرق - غرب، وبهذا تم تجنب توجيه نمو المدينة باتجاه وادي حنيفة.
وقد اقترح المخطط مساحة حضرية محددة مساحتها 300كم مربع، خصص منها 150 كم مربع للاستعمالات السكنية وذلك لاستيعاب 000 ،760 نسمة حتى عام 1405هـ/1985م، و4 ،1 مليون نسمة حتى عام 1420هـ/2000م، كما تم إنشاء شبكة للطرق بمساحة 2x2 كم كوحدة تخطيط أساسية للمدينة غطت كافة أجزاء المخطط.
لا مثيل لها!!
لم يكن النمو السكاني السريع لمدينة الرياض الذي حدث بين عامي 1395 و1410هـ متوقعاً، ومن ثم لم يتم على الإطلاق تحقيق نمط النمو المحكم للمدينة، وقد أدت الطفرة الاقتصادية إلى زيادات عالية في الإنفاق الحكومي، وبلغ معدل التطوير الحضري مستويات لا مثيل لها حيث تم تخطيط مساحات كبيرة خارج حدود المدينة بشكل يتجاوز حدود هذا المخطط.
وبعكس مفهوم المراكز المقترحة في المخطط الرئيس الأول فقد تطورت الاستعمالات التجارية على طول الشوارع الرئيسة ولم يتم تنفيذ مراكز الأحياء الداخلية التي وضعت في المخطط الرئيس. وقد ألغت ضغوط التطوير القوية باتجاه شرق - غرب على طول المحاور التقليدية مفهوم التطوير باتجاه شمال جنوب.
غير إن شبكة التخطيط بمساحة 2كم x 2كم تم تكرارها خارج المساحات التي حددها المخطط الرئيس ومن ثم فقد تغيرت المدينة من شكل مصغر إلى تمدد حضري مكرر للمناطق الأخرى في كافة الاتجاهات.
تنقيح وتحديث!!
تم تنقيح وتحديث المخطط الرئيس الأول في عام 1396هـ/1976م بواسطة شركة أجنبية.. وتم الانتهاء من إعداده في عام 1402هـ حيث تم تخصيص ما مساحته 850 كم مربع للتنمية حتى عام 1410هـ/1990م وذلك لاستيعاب 6 ،1 مليون نسمة.
الجدير بالذكر أنه لم يتم اعتماد هذا المخطط بشكل رسمي، لكن تم تطبيق مبادئه على مناطق تقع أصلاً خارج تغطية المخطط. حيث تم الاحتفاظ بشبكة التخطيط للأحياء 2x2كم، وصنفت الطرق الرئيسة كشوارع تجارية وخصصت قطع الأراضي المحاذية لتلك الشوارع كاستعمال تجاري أو استعمال مختلط.
وقد تأثر نمو المدينة بالموقع الاستراتيجي للمشاريع المتخمة التي أُدمجت بشكل غير ملائم في نسيج المدينة غير إنه لم يتم تنفيذ كل من التطوير المقترح لوادي حنيفة كحزام أخضر رئيس لكي يندمج في نظام المنتزهات على نطاق المدينة، وكذلك تطوير موقع المطار القديم كمنتزه رئيس للمدينة.
سياسات و ضوابط النطاق العمراني للمدينة
قامت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بإعداد دراسات النطاق العمراني لمدينة الرياض التي اعتمدت من مجلس الوزراء في عام 1409هـ وفي عام 1414هـ اعتمدت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض سياسات وضوابط للأراضي الواقعة بين حدود حماية التنمية وحدود المرحلة الثانية من النطاق العمراني بالإضافة إلى تقسيم المرحلة الثانية من النطاق العمراني إلى مرحلتين إحداهما لاستيعاب النمو من عام 1415هـ إلى عام 1420هـ، والأخرى لاستيعاب النمو من عام 1420هـ إلى عام 1425هـ.
وبنهاية المرحلة الزمنية الأولى للنطاق العمراني «1415هجرية» كانت التنمية العمرانية في المدينة قد غطت معظم أجزاء المرحلة الأولى من النطاق العمراني الذي تتجاوز مساحة 632كم2 مع تقليص لنسبة الأراضي الفضاء داخل تلك المرحلة من نحو 50% إلى أقل من 30%. وما زالت العملية التخطيطية في المدينة ترتبط بصورة مباشرة بسياسات النطاق العمراني في محاولة لحصر التنمية في إطار جغرافي محدد للحد من مشكلة النمو العشوائي والتشتت العمراني للمدينة.
|