Wednesday 17th december,200311402العددالاربعاء 23 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
سيف الوقت
د.فؤاد اليافي *

ذات صباح رن جرس الهاتف في عيادتي كان المتصل مواطناً غربياً يود الاستفسار عن صحة أحد موظفيه الذي يعاني من العديد من المشكلات الصحية، بعد تبادل الأسئلة والأجوبة جاءت نهاية المكالمة الهاتفية وجاء مع نهايتها عرض ذلك المدير لإعطائي رقم بطاقته الائتمانية لأسجل رسوم هذه الاستشارة الهاتفية التي أخذت من وقتي المهني، أعلمته أننا نقدم هذه الخدمة الهاتفية لمرضانا وذويهم بدون مقابل.
قضية أخرى أكاد أواجهها كل يوم، فنظام المراجعات الطبية لدينا يعتمد المواعيد المسبقة، أكاد أجزم أن مرضاي من رعايا الدول الغربية لا يتأخرون عن الحضور في الموعد المحدد بل وقبل الموعد بعشر أو خمس عشرة دقيقة تفادياً للمفاجآت التي قد تؤخرهم عن موعدهم، تراهم في صالات الانتظار وكأنهم في مكتبة أو قاعة مطالعة ينهمون من كتاب يحملونه كي لا تضيع الدقائق دون فائدة.
هذا حالهم أما حالنا فمختلف تماماً فإننا ولا شك فنانون ومبدعون في خرق المواعيد وعدم احترامها بل وقتل الوقت وإضاعته ونتفوق على من سوانا في اختلاق الأعذار والحجج لتبرير عدم محافظتنا على مواعيدنا وهدرنا للوقت وكأننا نعيش في كوكب آخر وهذا ولا شك يعكس أحد الأمراض الاجتماعية التي نعاني منها.
(والضحى)(1) )وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) (2) ويقول {والفجر(1)وّلّيّالُ عّشًرُ} كما أقسم الله تعالى بالوقت حين قال:{وّالًعّصًرٌ (1) إنَّ الإنسّانّ لّفٌي خٍسًرُ }.
أما رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام فقد ربانا من خلال سنته وسيرته كيف نحترم الوقت ونستفيد منه فقد روي عنه قوله: «لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، وذكر منها عن عمره، فيما أفناه».
وتاريخنا يروي لنا كيف كان أسلافنا يعطون الوقت والزمن حقه من الاحترام ويدركون قيمته وبذلك بنوا حضارة سادت العالم عبر قرون وأزمنة مديدة.
لقد عرف بناة الحضارات العظيمة قيمة الوقت وأجادوا فن إدارته والاستفادة منه فكان ذلك من أسباب نجاحهم وانتصارهم.
ونحن الآن في أمس الحاجة إلى أن ننشر بيننا ثقافة تساعد على بناء مجد جديد طال انتظاره لهذه الأمة، ولا شك أن من أهم مقومات هذه الثقافة احترام الوقت والمحافظة على آليات الاستفادة من الزمن مدركين أنه كلما ذهب يوم ذهب بعضنا وأن الوقت هو الحياة.
يقول الشاعر الوزير يحيى بن غبيرة:


والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع

ويقول أبو العلاء المعري:


ثلاثة ليس لها إياب
الوقت والجمال والشباب

لقد صدق من قال: «إضاعة الوقت من علامات المقت»..
* رئيس قسم الأمراض الباطنية/مستشفى المملكة/ العيادات الاستشارية

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved