يمكن أن تنتج الإصابة بالتهاب الكبد عن فيروسات معينة منها فيروس التهاب الكبد أ HAV، وفيروس التهاب الكبد ب HBV، وفيروس التهاب الكبد سي HCV، وفيروس التهاب الكبد د HDV، وهو مرتبط بفيروس التهاب الكبد ب، وفيروس التهاب الكبد هـ HEV أيضاً.
وقد تم التعرف على فيروسات أخرى تنتقل عن طريق نقل الدم، ومنها على سبيل المثال فيروس التهاب الكبد زHGV ، وفيروس تي تي TTK ، بيد أن هذه الفيروسات لا تسبب التهاب الكبد.
- ينتمي فيروس التهاب الكبد أ HAV إلى فصيلة الفيروسات البيكورنوية picornaviridae وفيروسات آر إن إيه RNA . وهو ينتقل عن طريق البراز والفم، ويمكن أن ينتقل عن طريق الجنس. بيد أنه نادراً ما ينتقل عن طريق الدم، كما أنه لا يسبب التهاباً مزمناً.
- ينتمي فيروس التهاب الكبد ب HBV إلى فصيلة الفيروسات الهيبادنوية hepadnaviridae وفيروسات دي إن إيه DNA، وهو ينتقل عن طريق الدم والجنس. وينتج العديد من الحالات عن أنماط أقل وضوحاً لا تنتقل من خلال الجلد، بما في ذلك الاتصال الحميم «لاسيما الجنسي» والانتقال أثناء الحمل، مع العلم بأن هذا النوع من الفيروسات ربما يسبب التهاباً مزمناً.
- ينتمي فيروس التهاب الكبد سي إلى الفصيلة الفلافيرية fllaviviridae، وفيروسات آر إن إيه RNA . وينتقل هذا الفيروس عن طريق نقل الدم وطرق أخرى من خلال الجلد، مثل الحقن الذاتي للعقاقير عن طريق الوريد، كما أنه قد ينتقل عن طريق الجنس.وهذا الفيروس لا ينتقل في العادة عن طريق الفم. بيد أنه يمكن أن يسبب التهاب مزمناً.- ينتمي فيروس التهاب الكبد د HDV، إلى فيروسات الدلتا DELTA وفيروسات آر إن إيه RNA، وهو يستوطن في الأشخاص الذي يعانون من التهاب الكبد ب، وينتقل عن طريق التعرض للدم ومشتقاته، وبطرق أخرى من خلال الجلد مثلاً، وعن طريق الجنس وأثناء الحمل. وقد يسبب هذا الفيروس التهاباً مزمناً.
- ينتمي فيروس التهاب الكبد هـ HEV إلى الفصيلة الكالسفية calcivirus، وفيروسات آر إن إيه RNA، وهو ينتقل عن طريق الفم والبراز، بيد أنه لا يسبب التهاباً مزمناً.
جدير بالذكر أن قسماً كبيراً من الالتهابات التي تسببها فيروسات التهاب الكبد من مختلف الأنواع لا تسبب أية أعراض، وتحديداً الصفار «تلون الجلد باللون الأصفر» الذي يمكن أن لا يتم تشخيصه بأنه التهاب في الكبد. مثلاً، يسبب فيروس التهاب الكبد أ HAV مرضاً ثانوياً في مرحلة الطفولة، مع العلم بأن أعراض الإصابة لا تظهر فيما يزيد عن 80% من الحالات.
أما في البالغين، فإن من المرجح أن يسبب الالتهاب أعراضاً سريرية، هذا بالرغم من أن الصفار يظهر فقط لدى ثلث المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد أ الحاد.
أما الالتهابات التي يسببها فيروس التهاب الكبد ب HBV وفيروس التهاب الكبد سي HCV فإنها عادة ما تكون خالية من الأعراض إلا في الأشخاص الذين يحقنون العقاقير عن طريق الوريد، حيث يظهر الصفار لدى ما نسبته 30% من المصابين بالتهاب الكبد ب.
في المرحلة التي تسبق ظهور الصفار preicteric phase، يعاني المرضى من أعراض متعممة غير محددة يصاحبها عدم ارتياح في الربع العلوي الأيمن من البطن، وربما طفح جلدي بقعي حطاطي وألم مفصلي يؤثر في الرسغ، والركبة، والمرفق، والكاحل.ويحدث التضخم في الكبد في حوالي 10% من المرضى، كما يحدث التضخم في الطحال، واعتلال الغدد اللمفاوية في 5% من المرضى.
أما أكثر الأعراض التي تشيع عند الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد فتشمل الألم العضلي، والغثيان والتقيؤ، والتعب، والتوعك، وتغير في حاسة الشم أو التذوق، وألم في الناحية العلوية اليمنى من البطن، وألم شبيه بالأنفلونزا، ورهاب الضوء «الشعور بعدم الارتياح عند النظر إلى الضوء»، والصداع والإسهال أيضاً.ومما تجدر الإشارة إليه أن نسبة ضئيلة من المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد الفيروسي الحاد يصابون بصفار عميق يمكن أن يستمر لمدة تصل إلى ثمانية أشهر.
القصور «الفشل» الحاد في الكبد:
عادة ما تنتج الوفاة بسبب التهاب الكبد الفيروسي الحاد عن تطور الإصابة إلى التهاب الكبد الصاعق الذي يعرف بأنه اعتلال الدماغ الكبدي «تشوش الذهن والنعاس».
ويمكن ملاحظة وجود الصفار، وتخثر الدم لفترة طويلة، ونقص مستوى السكر في الدم لدى المريض.
كيف يتم تشخيص حالة التهاب الكبد الحاد؟
التهاب الكبد أ: عادة ما يتميز بوجود أجسام مضادة للفيروس في الدم، ويطلق عليها اسم الغلوبلين المناعي إم Igm .
التهاب الكبد ب: يتميز بوجود واسمات للدم مثل المستضد السطحي لالتهاب الكبد ب ومستضد التهاب الكبد ب، والأجسام المضادة اللبية لالتهاب الكبد ب « Igm»، و دي إن إيه DNA الفيروسي لالتهاب الكبد ب في الدم.
التهاب الكبد سي:
لا تتكون الأجسام المضادة لالتهاب الكبد سي قبل 10 أسابيع إلى 12 أسبوعاً من بداية الالتهاب. ولذلك، فإن اختبارات الأجسام المضادة لا تعطي في الأحوال الاعتيادية نتائج إيجابية خلال هذه الفترة.
وإذا ما كان نسبة الاشتباه السريري مرتفعة، فينبغي فحص مصل المريض لتقصي وجود آر إن إيه RNA التهاب الكبد سي من أجل تشخيص الحالة.
- يمكن أن تسبب الفيروسات الأخرى التهاب الكبد الحاد مثل فيروس إبشتين - بار Epstein - Barr، الذي يسبب مرض كثرة وحيدات النواة في الدم، المعدي Mononucleosis «داء كيسينغ» Kissing disease . في هذه الحالة ترتفع إنظيمات الكبد، ولكن الصفار قد لا يحدث إلا في الحالات الشديدة، مع العلم بأن الفحوص المصلية عادة ما تعطي نتائج إيجابية.
الحمى المضخمة للخلايا يمكن أيضاً أن تسبب التهاب الكبد الحاد، وهو أمر غير طبيعي ونادراً ما يكون شديداً، مع العلم بأن سبب ما يقرب من 7% من حالات التهاب الكبد الحاد يظل غير معروف.
علاج التهاب الكبد الفيروسي الحاد:
1- التهاب الكبد أ
التهاب الكبد أ مرض يختفي من تلقاء نفسه، ويتخذ شكله النهائي خلال بضعة أسابيع. ولا يحتاج هذا الالتهاب إلى علاج محدد عموماً. ولكن قد يقتضي الأمر إدخال المريض إلى المستشفى إذا ما كانت حالته شديدة من ناحية سريرية. وسيشعر العديد من المرضى بأنهم في حالة أفضل عند الخلود للراحة، والحد من نشاطاتهم البدنية- من المستحسن أن يتناول المريض مأكولات غنية بالسعرات الحرارية. وإذا ما ظل المريض يعاني من تقيؤ مستمر، فإنه يحتاج إلى إعطائه سوائل عن طريق الوريد. وينبغي تجنب العقاقير التي يتم استقلابها في الكبد. ويخفف دواء يسمى الكولسترامين Cholesteramin الحكة الشديدة في حالة وجودها.
- من النادر أن تقتضي الضرورة عزل المرضى، ولكن من المهم اتخاذ تدابير صحية بسيطة مثل غسل اليدين.
2- التهاب الكبد ب:
- التهاب الكبد ب مرض محدود ذاتياً.- تتم معالجة هذا الالتهاب علاجاً تحفظياً مثله في ذلك مثل التهاب الكبد أ.
- يتعافى معظم المرضى بصورة كاملة دون تلقي أية أدوية. وقد يتم في حالات نادرة للإصابة بالتهاب الكبد الحاد والشديد، استخدام دواء يسمى لاميفودين Lamivudine، أقراص 100 ملغم، مرة واحدة يومياً.
- ينبغي فحص الزوجة وأفراد الأسرة لتقصي إصابتهم بالالتهاب وإعطائهم اللقاح المناسب.
- تقتضي الضرورة وضع المريض تحت المراقبة السريرية والمصلية بصورة منتظمة للتأكد من اختفاء الفيروس من الدم.- يظل حوالي 5% - 10% من المرضى حاملين للواسمات الفيروسية التي تسمى المستضد السطحي لالتهاب الكبد بHBsAg بعد ستة أشهر من الإصابة، وسيعاني عدد قليل منهم من معاودة الالتهاب والذي يتميز بوجود الواسمة الفيروسية التي تسمى المستضد إي لالتهاب الكبد ب HBEAg .
- تقتضي الضرورة متابعة حالة المريض لدى طبيب متمرس.
3- التهاب الكبد سي يعتبر الاكتشاف المبكر للالتهاب أمراً مهماً، لأن العلاج المبكر بدواء يسمى إنترفيرون ألفا Interferon Alfa سيقلل والعلم عند الله من مخاطر الإصابة بالتهاب مزمن إلى ما يقل عن 5% بالنسبة للمرضى الذين يعانون من التهاب الكبد ب والتهاب الكبد سي. ومن المهم والضروري اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب ملامسة الدم وسوائل الجسم الأخرى بصورة مباشرة باليد دون ارتداء قفازات.
- في حالة الإصابة بالتهاب الكبد الصاعق من أي نوع، يجب اتخاذ التدابير المساندة.
وفي حالة فشل المعالجة لا قدر الله، فإنه يتم اللجوء إلى إجراء عملية زراعة كبد، وهذه العملية تجرى بأعداد متزايدة، وهي تحقق نتائج ممتازة.
الملخص:
- إن أعراض التهاب الكبد الفيروسي الحاد غير محددة، وغالباً ما تحدث دون صفار.
- تعتبر فحوص الدم أكثر الفحوص المفيدة لتقصي الإصابة بالالتهاب «فحوص وظائف الكبد».
- نادراً ما يسبب التهاب الكبد أ الحاد داء حاداً وصاعقاً في الكبد.
- تختفي معظم التهابات الكبد ب بصورة تلقائية، ويتلاشى الفيروس لدى ما نسبته 90% من الحالات، ولا تحدث الإصابة بداء الكبد المزمن إلا في عدد قليل من المرضى.
أيمن عرنوس
استشاري الأمراض الباطنية والهضمية |