الخطابة قبل أن تكون فناً أدبياً او منبراً سياسياً او حتى نشاطاً مدرسياً!! فهي شعيرة دينية تتكرر على اسماعنا ظهيرة كل جمعة وعلى الخطيب ان يتصف بصفات خاصة ليصبح خطيباً بارعاً مؤثراً.. ومجرد وقوف الخطيب امام الجماهير يعتبر نجاحاً بحد ذاته ومن صفات الخطيب الجيد ان يكون جهوري الصوت، والا تكون خطبته كلها على وتيرة صوتية واحدة، بل يرتفع صوته وينخفض حسب مقام الحديث.
والخطأ الذي يقع فيه بعض الخطباء - والذي يصدر عن سوء فهم لبعض صفات الخطيب - هذا الخطأ يؤثر سلباً على خطبته وتأثيرها واقبال الناس على الاستماع له. تعودت ان اصلي الجمعة في جامع احسب ان خطيبه يمتاز بالايمان والصدق - والله حسيبه - يدلك على هذا اتزانه في تناول القضايا، وبعده عن التشهير والنقاش في قضايا لا تحسمها خطبة نصف الساعة!!
ولا يلجأ الى البكاء.. بل البكاء يلجأ اليه.. ولا يعد الصراخ والزعيق من اركان الخطبة كما هو عند بعض الخطباء - هداهم الله -!!
ولكن.. في احدى الجمع اناب خطيبنا هذا خطيباً مكانه.. فجاء ذلك الخطيب المتحمس المندفع.. واخذ بالصياح والصراخ والزعيق طوال الخطبة.. وحاول التباكي.. فتسمع «شهقاته» بين كل كلمة واخرى!! حتى اذا قسم الله له الا يبكي في الخطبة - ابى الا البكاء في الصلاة.. وكان له ما اراد!!.
ان مثل هذه «الصواريخ» التي يطلقها بعض الخطباء يرونها في قرارة انفسهم تميزاً وابداعاً!! لانها تشد الانتباه وتؤثر في النفوس كما زعموا!!.. وفي نظر اغلب من يسمعهم عكس ذلك!!.. فمع صراخ الخطيب ومكبرات الصوت تكبر اربعاً على اذنيك!!
وليس هذا رأيي وحدي.. وانما هو رأي اكثر من سألتهم عن مثل هذه الخطب وهؤلاء الخطباء..
ترتيل غير التنزيل!!
وهناك من الخطباء - ومن ضمنهم خطيبنا هذا!.. من ينزل الاحكام التجويدية التي تختص بقول الرحمن على قولهم قول الانسان!! فيمدون ست حركات.. ويدغمون.. ويرققون الصوت!!.. وهذا لامكان له في الدين وقال صلى الله عليه وسلم «من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد» اي مردود على صاحبه..
التعقيب على الخطيب!!
لا ادري من اين شرع اولئك المتحمسون لانفسهم خطبة فوق خطبة الجمعة المشروعة من ربهم؟!! فيأتون بعد انتهاء الخطبة والصلاة ويزلزلون الجامع بكلماتهم المحفوظة واسجاعهم الممضوضة!!..
وفي نفس هذه الجمعة!!.. وبعد انتهاء الخطبة والصلاة.. قام ذلك الواعظ - وكأنه لم يكفنا ما أصاب آذاننا من صراخ الخطيب الاول!! - واخذ يصرخ ويدعو بالويل والثبور وعذاب القبور للعصاة!!.. وكأنه لم يسمع قول الله سبحانه {ادًعٍ إلّى" سّبٌيلٌ رّبٌَكّ بٌالًحٌكًمّةٌ وّالًمّوًعٌظّةٌ الحّسّنّةٌ} وقوله {فّقٍولا لّهٍ قّوًلاْ لَّيٌَنْا} ..
وقبل ان يتحدث ذلك الواعظ اسررت الى صديق بجانبي وقلت له بأن هذا الرجل سيقول المقدمة الآتية: «شكر الله لخطيبنا ما قاله.. ولا ازيد كماله!!.. بل انه شفى وكفى!!.. بل اعقب شيئاً يسيراً!!»..
وفعلاً.. قال مضمون ما قلته لصديقي!!..
ياهذا!!.. وهل بعد الكمال الذي ادعيته لخطيبك الا النقص؟!!..
ايها المعقبون!!.. اعلموا ان الله لا معقب لحكمه!!!..
|